أرشيف - غير مصنف

أن تكون مقاوم يعني أن تكون إرهابيا

محمود الدرازي
لا خلاف بين أمم الأرض أن من حق أي فرد الدفاع عن أرضه وعرضه ومعتقده طالما يتحرك بصورة حضارية تعكس مدى ثقافة هذه الحركة أو الفرد,ولتقريب الصورة أكثر ننظر للهند فهذه الدولة كبيرة المساحة متعددة الأديان والطوائف بل ربما تكون أكثر بلد في العالم متعدد الديانات والأفكار وحتى اللغات!
 
ما يميز الحركة الثورية في هذا البلد أن المقاومة لم تكن بالسلاح رغم أن المحتل نكل بأهلها وسرق خيراتها من أطنان الذهب والحليّ بل وصل لسرقت البهارات! وما إلى ذلك, لكن العقل الرصين والدراية والإطلاع من قبل المحامي الهزيل جعلت منه يتحرك بصورة سلمية ليصل بذلك لأقل الخسائر البشرية ولتحرير البلد بأقل المجهود,لم يتصور أكثر الهنود بأنهم في يوم سيكونون مستقلين بل لم يحلموا حتى!
 
لكن الإرادة والمشيئة شاءت لهذا البلد أن يكون على مشارف حركة مقاومة سلمية لم يشهد العالم مثيلها,كان غاندي مطالع جيد للديانات والحركات فلقد درس الإسلام جيد ورجالاته وتطوره فكان يعرف أن الإسلام الذي شكل القوة الأكبر في التاريخ القديم للشعوب لم يستمد قوته من سيف وحصان وتعداد جيش بل إيمان وسلوك مسالم قلما نجده في ذلك التاريخ الأسود,وأضع هنا مقولة لغاندي يقول فيها”أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.
 
لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها أكتسب الإسلام مكانته, بل كان ذالك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه, وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته.هذه الصفات هي التي مهدت الطريق. وتخطت المصاعب وليس السيف”ومع علمنا بأن هذا الرجل العظيم هو هندوسي لكنه لم يتحيز للتطرف الديني فأنفتح بذلك أمامه طريق كبير من النصرة والجماهيرية التي تعدت القطر الهندي لتلف العالم واضعة أمامه حركة نضالية حقوقية حضارية قلما عرفها التاريخ فأكسبت هذا الرجل وحركته المزيد من المؤيدين وحتى داخل القصر الإنجليزي الملكي لا أخاله إلا تأثر بهذا الرجل,وحصل بعد التضحيات وبفضل هذا الرجل وتفكيره ومدى صحت حركته النضالية استقلال الهند وهذه الهند اليوم من أكبر الدول قوة في العالم ولا يتجرأ من كانوا في يوم يوجهون بنادقهم الاستعمارية لصدور الهنود أن يحلموا حتى بتوجيه أصبعهم!
 
ولو خرجنا من الهند لندخل العراق ولنرى ما يدور على المسرح وما هو هدف الحركات الجهادية هناك وهي تتلخص بالتالي:
 
1-حركات متطرفة دينياً لا تقبل الأخر من أهل هذا البلد وتهدر دمه قبل دم المحتل.
 
2-غوغائية الحركة.
 
3-يغلب عليها الطابع الدموي الوحشي كقطع الرؤوس والتنكيل بهم وتفجير الناس في الأسواق والمساجد.
 
4-أكثرها عميل لجهة خارج العراق.
 
5-معاداة الشعب والتحرك بصورة(أنا ربكم الأعلى) وعدم قبول أي رأي مخالف.
 
6-اللا مشروعية في التحرك فلو سألنا أي حركة هناك ما هو هدفكم فلن نحصل إلا على هراء سياسي.
 
7-القبول بمناصب وتقاسم الكعكة مع المحتل.
 
8-معاداة الشعوب المحيطة وانتهاج نهج تكفيري كريه يغلب عليه العنصرية تارة وأخرى الطائفية.
 
9-عدم القراءة الصحيحة للمشهد السياسي للدولة وللمحيط بها من دول تجد بأن هذا البلد يشكل خطر عليها بأي مكون كان يحكم وأي صورة.
 
10-بعد كل القتل والإرهاب بالشعب يقبلون بالدخول للعملية السياسية!
 
نجد اليوم على الساحة العربية نتاج العقلية الإرهابية في التحرك الجهادي للحركات التي تأخذ مسمى “إسلامية”وهي أبعد ما تكون عن تعاليم الإسلام التطرف بسفك الدم والمغالاة فيه حتى فشلنا جميعاً كأمة لسكوتنا وقبول الفكر الهدام في النسيج الإسلامي,ولأن هذه الحركات الإرهابية تستمتع بوصفها إرهابية كفخر لها ونترك هذا للمحللين النفسانيين ليفتوننا بسلوك هؤلاء.
 
أن لمن المدهش بأن غيرنا يستفيد من تراثنا وديننا وتعاليمنا ويتحرك بها واضع أساس قوي متين يستمده من عالم غيبي رغم عدم إسلامه لكنه ينجح ولن أقول إلا أن الله سهل الطرق له كونه ينتهج منهاجه في الحراك الجهادي وتطبيق التعاليم الإسلامية لكن على الناحية الأخرى للمسلمين وجدناها حقيقة نتجرعها كل يوم بنظرات الأمم وأصابعهم تتجه نحونا(إرهابيين,رجعيين,دمويين,قتله)وهذا صحيح والله وحق الله أننا أرذل الأمم وأحقرها وأتعسها وألعنها ولا فخر!
 
فلو رأينا حركة الخفافيش الطالبانية الوهابية بعد نصرها المزعوم على السوفييت بمساعدة وكالة الاستخبارات الأمريكية(CIA)والدعم المالي من دويلات النفط الخليجية ماذا حدث مع خروج أخر رجل سوفييتي من هذا البلد؟
 
طبق هؤلاء تعاليم الشيطان اللا إسلامية فجلدوا الناس وسحقوا الناس وضربوا ونكلوا واغتصبوا وقتلوا باسم ماذا؟باسم الله!!!
 
ومثله حدث لولا إرادة الله لشعب غزة ببزوغ هؤلاء الملاعين هناك لكن يد حماس سحقتهم عاجلاً وهذه رحمة من الله ولا شك.
 
فحركة حماس وحزب الله رغم الأخطاء فيهما لكنهما يتحركان بإطار صحيح إسلامي ومنهج لا يقصي الأخر مهما كان فنالا بهذا تأييد الشارعين العربي والإسلامي بكل طوائفهم وأفكارهم بل وصلوا للأديان الأخرى وهذا واضح.
 
نخلص من كل هذا بأن لدينا فئة مندسة بيننا يغلب عليها الطابع الجاهلي بأبسط تعاليم الإسلام نزعتهم دموية إرهابية متوحشة تتحرك بمنظور وتنظير إباحي بحت فخلقة فكرة “الغاية تبرر الوسيلة”وهذا نراه يومياً فخسر المسلمين وربح غيرهم ولا يزال مع سكوت المحسوبين من علماء هذه الأمة التي لا تكاد تخرج رجلها من مستنقعات هؤلاء الضالين حتى تضع الرجل الأخرى في الوحل نفسه ولا يسعنا هنا إلا القول بنظرية العرب الحصرية “المؤامرة” وربما تكون صحيحة هذه المرة !فمع أي تحرك لدول الحرب الغربية نجد هؤلاء طابورهم الخامس يتحركون للتشويش على الحراك الحقوقي والنضالي لإنهاء ما تبقى من شرف وكرامة هذه الأمة الميتة ولا كرامة.

زر الذهاب إلى الأعلى