أرشيف - غير مصنف
تقرير: لماذا أهمل الرئيس أوباما (بن لادن)..ولماذا يعدّ العراق (ملاذاً آمناً للقاعدة) وأحد مصادر الإرهاب الدولي؟!
في تقرير ستراتيجي نشر تحت عنوان "القاعدة في العراق"، يتقصّى محلل سياسي أميركي، جذوراً خفية لـ"ستراتيجية هزيمة أميركية" حيال الحرب على الإرهاب، كشف عنها الرئيس باراك أوباما في خطابه الأخير، خلال لقائه مع خريجي الكلية العسكرية المعروفة باسم "النقطة الرابعة". ولاحظ المحلل –الذي يستشهد بمراقبين سياسيين عديدين، أن الرئيس الأميركي أهمل ذكر أسامة بن لادن، ويماطل حتى الآن في إرسال قوات كافية يطالب بها القادة العسكريون في أفغانستان، فيما أصبح يعد العراق "ملاذاً آمناً" للقاعدة، وأحد مصادر الإرهاب الدولي.
ويقول جيمس ترانتو، المحلل السياسي في صحيفة ذي وول ستريت جورنال: لم يكن هناك الكثير من المفاجآت في خطاب الرئيس باراك أوباما عن أفغانستان قبل ليال قليلة، لكنّ هناك مفاجأة مهمة: لقد أنكر الرئيس بهدوء على العراق أن يكون بحوزته ما يفعله مع القاعدة. وجاء الاعتراف في هذا السياق: يجب أن نبقي الضغط على القاعدة، ولكي نفعل ذلك، يجب أن نُزيد الاستقرار، وقدرات شركائنا في المنطقة. وبالطبع، فإن هذا العبء لا نتحمله وحدنا. وهذه ليست حرب أميركا فقط. ومنذ هجمات 11 أيلول، وملاذات القاعدة الآمنة، كانت مصادر للهجمات ضد لندن، وعمّان، وبالي.
عمّان؟ -يتساءل المحلل السياسي- هل تتذكرون الهجمات على العاصمة الأردنية؟. لقد حدثت في 9 تشرين الثاني سنة 2005. وطبقاً لما ذكر في تقرير لصحيفة النيويورك تايمز: لقد حطمت التفجيرات الإرهابية ثلاثة فنادق في عمّان، متسبّبة في مقتل العشرات، وجرح المئات. وبدا أن الهجمات الانتحارية كانت منسّقة، طبقاً لتأكيد مسؤولين أردنيين.
وأكد المسؤولون قولهم: في الأقل 57 شخصاً قتلوا، وأكثر من 300 آخرين جرحوا، عندما انفجرت قنابل في حفلة عرس أقيمت في "راديسون SAS، قاعة استقبال فندق "غرانت حياة"، وخارج مبنى فندق "الأيام". وأعطى نائب رئيس الوزراء مروان المعشر تقديرات مختلفة في الإصابات خلال حديثه لشبكة السي أن أن، قائلاً إن عدد القتلى 53، ثم ارتفع الى 67. وأوضح المحلل السياسي لصحيفة ذي وول ستريت جورنال إن الأرقام التي تُعطى في حالات الفوضى الأولية، غالباً ما تتقلّب بشدة، ولهذا يكون من المستحيل الثقة بأرقام الضحايا القتلى أو الجرحى!.
وقال المعشر أيضاً: في الوقت الذي لم تدّع جهة ما بمسؤوليتها عن تنفيذ التفجيرات، فإن "أبو مصعب الزرقاوي"، زعيم القاعدة في العراق المولود في الأردن، هو المشتبه الرئيس بتدبير التفجيرات.
وعندما قتلت الضربة الجوية "الزرقاوي" في حزيران 2006، لاحظت صحيفة النيويورك تايمز، أنه كان فعلاً وراء هجمات 2005 في عمان، وكذلك عمليتين أخريين سابقتين. وقالت الصحيفة: إن الهجمات الوحيدة خارج العراق التي نفذت بتوجيه "الزرقاوي" هي التي حدثت في العاصمة الأردنية. وأوضح مسؤول أميركي في مكافحة الإرهاب -رفض الكشف عن اسمه- أن تلك الهجمات تضمنت أيضا مقتل الدبلوماسي الأميركي "فولي لورنس" سنة 2002، وخطة "المؤامرة" التي أحبطت سنة 2004، لمهاجمة سفارة الولايات المتحدة ومقرات المخابرات الأردنية، والتفجيرات في ثلاثة فنادق بعمّان خلال شهر تشرين الثاني من السنة نفسها، وأدت الى مقتل 60 شخصاً.
ويقول جيمس ترانتو: لا عجب أيضاً في أنْ يقول أوباما في خطابه إن ((نقاشات سحب القوات بشأن الحرب في العراق معروفة جداً، ولا يُحتاج الى تكرارها هنا)). وذاك أسهل من الاعتراف بأنه قد غيّر رأيه، والآن يعتبر العراق "ملاذاً آمناً للقاعدة" ومصدراً من مصادر الإرهاب الدولي.
وبطريقة فضولية –يقول ترانتو- شوّه أوباما مسألة التركيز على أسامة بن لادن الذي لم يذكره في الخطاب الأخير، ماعدا قوله أن الولايات المتحدة، وحلفاءها، تدخلت في أفغانستان ((فقط بعد أن رفضت طالبان تسليم أسامة بن لادن)). وهذا يتناقض تماماً مع خطابه سنة 2008 في المؤتمر الوطني الديمقراطي. وقال حينئذ: عندما قال جون مكين أننا نستطيع فقط أن "نلخبط الأمور" في أفغانستان، دافعتُ عن ذلك، بأننا يمكن أن نهيئ الكثير من المصادر، والكثير من القوات، لإنهاء القتال ضد الإرهاب، الذي هاجمنا حقيقة في 11 أيلول، وأوضحت أننا يجب أن نمسك بأسامة بن لادن، ومساعديه، إذا ما كانوا ضمن مدى رؤيتنا. وأحب جون مكين القول أن سيتبع بن لادن الى بوابة الجحيم، لكنه في واقع الحال لم يستطع الذهاب الى الكهف الذي يعيش فيه بن لادن.
وبرأي المحلل السياسي لصحيفة ذي وول ستريت جورنال أن أوباما عمل، كما لم يعمل من قبل، إذ كرس بعض وقته قبل أيام للنظر في الشكاوى المرفوعة ضد الإدارة الأميركية السابقة، وهو الآن موضع اتهام بإعطاء معلومات خاطئة. وحسب مايكل غولدفارب من صحيفة ويكلي ستاندرد، فإن هناك توضيحاً من دونالد رامسفيلد الذي عمل وزيراً للدفاع للفترة من 2001 الى 2006، يقول فيه: إن الرئيس أوباما –في خطابه الى الأمة قبل أيام- ادّعى أن ((القادة العسكريين في أفغانستان، طلبوا بشكل متكرر الدعم للتعامل مع عودة ظهور قوات طالبان، لكنّ هذه التعزيزات لم تصل)). إن مثل هذه التوضيح السيء –يقول المحلل السياسي- في الأقل بالنسبة للفترة التي عمل فيها رامسفيلد وزيراً للدفاع، يستحق الردّ.
ويضيف: أنا لم أعرف بطلب واحد من تلك الطلبات التي تحمل مثل هذا الطبيعة التي تحدث عنها رامسفيلد بين سنة 2001 و2006، وإذا كانت مثل تلك الطلبات "تتكرر" أو لا "تتكرر"، فإن البيت الأبيض يجب أن يكشف عنها فوراً. إن حقيقة مثل هذه تعني أننا قد أصبنا بالأذى الألوف من الجنود الرجال والنساء الذين قاتلوا وخدموا و"ضحوا" في أفغانستان.
ولمصلحة الفهم الأفضل لتوضيحات الرئيس أوباما الأخيرة –يقول جيمس ترانتو- أرى أن مراجعة الكونغرس لتقييمات الرئيس في المناقشات المقبلة، يجب أن تحدد ماهية الطلبات التي ألح عليها القادة العسكريون، وأين؟. ولماذا تنكر ذلك سلسلة المراجع العسكرية؟.
وقال إن هناك ما يدعونا الى التفكير أن أمراً كهذا لن يحدث. وهؤلاء الموجودون الآن في السلطة بواشنطن، مهتمون بإعادة "قولبة" سيرة الإدارة السابقة أو مراجعة أخطائها، فقط عندما يستطيعون استخدام ذلك في إعطاء "الأعذار" لأنفسهم.
وأوضح المحلل السياسي أن السياسة التي تبنّاها الرئيس أوباما بعد أشهر من "الارتباك التفاخري"، توشك أن تكون موضع رضا أي شخص في الولايات المتحدة، لكنّ "نغمة خطابه الأخير" لا تبدو أنها قادرة على إلهام الناس بهذا المعنى. وفي الآتي مراجعة للخطاب من قبل المحلل السياسي تونكو فارادراجان الفائز بجائزة السلام:
يقول: ما صدمني أكثر بشأن مشروع أوباما في أفغانستان –وخطابه الأخير لم يدفعني إلى تغيير رأيي- هو وضوحه في أنه حقيقة لا يريد أن ينجز ذلك، بقدر ما يريد أن ينجر مشروع العناية الصحية. وبرأيه أن أوباما يحاول –في كل خدعة تأخيرية- الانتظار لثلاثة أشهر بعد طلب الجنرال ميكرستال قائد القوات الأميركية في أفغانستان المزيد من القوات، مؤكداً ذلك في اجتماع بعد اجتماع!. وكان أوباما قد أرسل الجنرال جونز ليخبر ميكرستال بعدم طلب المزيد من القوات، والإشارة الى أن فريقه الاقتصادي سيكلف كثيراً، والطلب إليه بتأطير "المغامرة" بستراتيجية خروج بدلاً من النصر، الخ. والحقيقة أن أوباما كشف في خطابه الأخير عن ازدواجية خطيرة.
ويقول المحلل السياسي لصحيفة ذي وول ستريت جورنال: هل يمكنك أن تتصور "تشرشل" رئيس وزراء بريطانيا زمن الحرب العالمية الثانية، وهو يلقي خطاباً مثل هذا. إنه واحد من الخطابات التي تقيّد الإمكانات الوطنية. ولا عجب أن تكون هيلاري كلنتون عندما ركزت الكاميرا عليها وهي تستمع للخطاب بدت كما لو أنها تحتاج الى "كأس من الخمر". ولا غرابة أن خريجي النقطة الرابعة الذين كانوا يحيطون بالرئيس أوباما، بدوا مكتئبين. ويتساءل المحلل قائلاً: هل يريد هؤلاء الحمار الرمادي (اللعبة) الذي يعرفه الأميركان بشخصية المتشائم، السوداوي، المكتئب، شبه المجنون، ليصبح قائداً عاماً للقوات المسلحة في الولايات المتحدة.
وعبر الأطلسي –تقول الصحيفة الأميركية- كان لغابور شتاينغارت المحلل السياسي لمجلة دير شبيغل الألمانية، ردّ فعل مشابه، قال فيه إن "سحر" أوباما قد تعطـّل ولم يعد يشتغل، وكلماته "المغرية" بدا ضعفها واضحاً. إنه لم يعد قادراً على تغيير شيء، وكل ما يقوله أشبه بمؤشرات تدعو الى إعادة تقييمه. إن رئيس البلاد كما يُفترض هو وحدة القياس بالنسبة لحياة الناس الحقيقية، وغالباً يُنظر الى الزعيم السياسي من قبل الناس على وعد حياتهم، وعملهم، وميزانيتهم البيتية، حيث يعيشون ويعانون. وأيضا في آفاق الحرب على الإرهاب التي يقتلون فيها أحياناً.
إن الأحلام السياسية للناس، وشوقهم لرؤية مستقبل أفضل –كما يقول محلل دير شبيغل- بات شيئاً غائباً عن خيال الناس الذي كان أوباما في فترة ما يسيطر عليه من خلال إعجاب الملايين به. إن أوباما الآن أصبح ضعيفاً حتى في موهبة الخطاب التي تحلى بها في حملته الانتخابية التي أوصلته الى الرئاسة عبر خيمات سماها "الأمل". لكن الأمل الآن بدا متلاشياً تماماً في الخطاب الأخير لأوباما.