أرشيف - غير مصنف
قبضة أبو مازن الكبرى أمام خدعة النتن ياهو الكبرى
محمود عبد اللطيف القيسي
وأخيرا وبعد تنسيق تام وعلى أعلى المستويات بين الأمركيين والإسرائيليين ، وللإلتفاف على الصمود والتصدي الفلسطيني الذي ترجمه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ( أو مازن ) ، برفضه العودة لخط سير المسيرة التفاوضية الجادة من وجهة النظر الفلسطينية ، العبثية التضليلية من وجهة النظر الإسرائيلية ، التسويفية لحصد نتائج إستراتيجية من وجهة النظر الأمريكية ، في ظل الإختيار الإسرائيلي للاستيطان بدل السلام ، أعلن رئيس وزراء دولة إسرائيل الكيان البيبي النتن ياهو خدعته الكبرى التي ينبعث منها رائحة الدم والبارود والدمار ، والتي أوضحها من خلال رده الخبيث والمبطن بإظهار موافقته أخيرا على المطلب الفلسطيني الطبيعي والضروري لإعادة المتاهة التفاوضية التي حشر بها الفلسطيني بظل عدم فاعلية أو غياب من الشقيق العربي ، وبعدم جدية والتزام من الراعي الدولي والأممي تجاه عملية السلام ، التي حدد الإسرائيلي مسالكها ووتفرعاتها ومخارجها ، فأوصلها للطريق المسدود لإصراره على قراره المبدئي الرافض للحقوق والدولة والثوابت الفلسطينية ، بعد أن وضع بعجلاتها كل العصي لإيقافها ، وجعلها بالنهاية تحفة زمنية تزخرف صفحات كتاب جينس للأرقام القياسية للكذب والخداع والتدليس ، أو لوضعها وسط ميادينه العامة لتذكر الفلسطيني المكلوم بمرارة فترة المفاوضات التي حاولت النيل من وطنيته والحط من عزيمته ، وتتحف وتقنع الإسرائيلي المهزوم والخائف من الحق والجبار الفلسطيني بأنه إنتصرعليه بمعركته الوجودية ، متناسيا أنها الدلالة التي تثبت خبثه وتنكره للاتفاقات والعهود والمواثيق الإنسانية والدولية ، والمؤشر الحقيقي على قرب اندثار وأفول دولته .
فقد جاءت الخدعة الإسرائيلية الكبرى التي نسج خيوطها اليمين الإسرائيلي ممثلا بليبرمان ، وتلاها وكتب خطوطها النتن ياهو بظاهرها الاحترافي لإعادة رمي الكرة داخل الملعب الفلسطيني الذي يعاني من وجود تشققات كبيرة وكثيرة وخطيرة تحاول إضعاف القبضة الكبرى للرئيس الفلسطيني ، الذي نجح بالإيفاء بالمتطلبات الدولية المطلوبة منه لقيام الدولة الفلسطينية ، وتمكن من نقل أكثرية العالم من عدو للقضية الفلسطينية إلى متعاطف معها أوحيادي تجاه مصيرها ، ويقاتل بكل ضراوة لإجبار دولة إسرائيل الكيان على الإيفاء بالشق المطلوب منها من المجتمع الدولي إن أرادت أن تضمن السلام والأمن لشعبها ، فقد كثرت وكبرت التشققات والعيوب في جسد الحكاية الفلسطينية واستعصى حلها نتيجة لتضارب الرؤى والأهداف والمصالح بين القوى الفلسطينية المتشابكة وغير المتجانسة ، والتي جزء منها متآمر مع الصهيونية العالمية يحاول نسف الشرعية الفلسطينية الند القوي للمحتل الصهيوني المصادر والممزق والناهب للأرض الفلسطينية ، وجزء أحمق متباكي منطلق من الطفولة والرعونة السياسية ، راض كل الرضا عن أجندة غيره غير الفلسطينية الراغبة بمصادرة القرار الوطني المستقل ولبس القميص الثوري والنضالي الفلسطيني لحل مشاكله مع غيره ، ودفع شعبه لنسيان حقه وأرضه وهمومه بعد تأكده أن المستحيلات الثلاثة أضيف لها عدم القدرة أو الجدية على تحرير هضبة الليمون والخير والتفاح ، ومنها الدموي الحاقد المرتكز على وجوده وأخطاءه ومنعه للمقاومة على الإفتاءات الدينية التي وإن ساعدته زمنا ستغدره أزمان ، والذي قرر نقل البندقية للظهر الفلسطيني رغبة منه بمشروع إمارته في غزة بعد أن وافقت إسرائيل على قيامها منذ تمنت أن يبتلعها البحر ، ففتكت البندقية والرصاصة الأخيرة الغادرة بالوطنيين والمقاومين الحقيقيين المطالبين بالدولة الفلسطينية المستقلة ، بعد أن نال شهرته وحصد وطنيته وبايع ولاية الفقيه الراغبة بالسيطرة على العالمين العربي والإسلامي .
أما باطن الخدعة الكبرى الخفي أنه جاء للالتفاف على القرار الفلسطيني باستحالة العودة للمفاوضات في ظل الاصرار الإسرائيلي على الإستيطان المتسارع في المستوطنات القائمة تحت حجة النمو الطبيعي وفي مدينة القدس التي استثنيت من الخدعة الكبرى ، حيث عملية تهويدها الممنهجة مستمرة ومتواصلة عن طريق تدمير أحياء عربية بأكملها وبناء مشاريع سكنية إستيطانية يهودية مكانها ، أو بقيام المستوطنين اليهود بالإستيلاء على المنازل العربية بطريقة نظام الدوائر المكتملة ، بعد تزوير صكوك ملكية لها من قبلهم لتثبيتها العاصمة الأبدية لدولته الكيان ، وهو ما اعتبر التحدي الأخطر على عملية السلام الذي يراد لها إسرائيليا الوصول ليهودية الدولة .
أما بخصوص ما تضمنته الخدعة الكبرى واعتبرته زوجة حبيب مونيكا أنه إنجاز غير مسبوق حول عدم الرغبة ببناء مستوطنات جديدة لمدة عشر أشهر قادمة ، فالكل المهتم والمراقب للوضع المكاني والزماني في فلسطين يرى أنّ عملية بناء مستوطنات إسرائيلية كبيرة متكاملة جديدة أنتهى برنامجها الفعلي ولم يعد من سبيل أمام الإسرائيلي إلا توسعة الأخرى القائمة والكبيرة ، وذلك لأسباب كثيرة منها ، عدم قدرة الأرض الفلسطينية من استيعاب مثلها أصلا ، وبسبب تنبه الرأي العام العالمي لخطورتها على الأمن والسلام العالمي ما دام الرفض الفلسطيني والعربي والإسلامي المبدئي والثابت لهذه السياسات الإسرائيلية الخطيرة قائما ، وبسبب وصول الشعب الفلسطيني وقيادته مرحلة التشبع من المماطلات والتسويفات الإسرائيلية المتعلقة بعملية السلام ، واقتناعهم أنّ بناء وتوسعة المستوطنات في الضفة نسفا عمليا وأعتداء صارخا على السلطة الوطنية الفلسطينية ومكوناتها التي جاءت كمقدمة لقيام الدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة حيث شعورهم بإن أهم ثوابتهم ومشروعهم الوطني القومي بالدولة قد أطيح بها أو أزيحت من الإمكانية المكانية والزمانية بسببها ، وتأكدهم من الخطر اليهودي الداهم الذي يتهدد عاصمة دولتهم القدس أرضا وبشرا .
لقد أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي البيبي نتن ياهو من وراء خدعته الكبرى للعالم قبل خداع الشعب الفلسطيني وقيادته أن يحقق مجموعة من الأهداف الإستراتيجية منها ، محاولة نقل الضغط العربي والدولي الذي مورس خلال الفترة الماضية على دولته لينصب وبقوة ودونما رحمة على الجانب الفلسطيني ، وتحديدا ضد الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) المستهدف في هذه الأثناء من أجهزة الموساد الإسرائيلي الذي يبدوا أنه اتخذ قراره بالتخلص منه كما تخلص من سلفه الشهيد ياسرعرفات بنفس الحجة ولنفس الأسباب ، بعد إظهاره للعالم الذي بات أكثره مضللا لا يرى إلا بالعين الإسرائيلية أو بالأخرى الفضائية السحرية ، بأنه لم يعد الشريك المأمول لصنع السلام المقصود بالشرق الأوسط ، لمحاولة التأثير على صموده السياسي وجره ثانية للعبة التفاوضية الجدلية العقيمة لتحقيق حلم إخراجه أخيرا من الحياة السياسية الفلسطينية والدولية ، بعد تأكد الإسرائيلي وداعميه من إصراره على الوقف الكامل للاستيطان ، وعلى الدولة الفلسطينية بحدودها الدائمة وعاصمتها القدس ، وقرب تنفيذ خطته المتوقعة بإمكانية إعلانها من طرف واحد بعد الإتكاء على مجموعة القرارات الأممية ذات الصلة ، وعلى قرار أممي جديد يسعى الطرف الفلسطيني الوصول إليه لتثبيت حدود الدولة الفلسطينية المتوقعة .
كما وأراد البيبي نتن ياهو من وراء خدعته الكبرى التمهيد للضربة القاضية المنوي توجيهها للقضية الفلسطينية ، بموافقة وقبضة بعض الرأي العام الفلسطيني الذي وقع أخيرا أسيرا للأهداف الإسرائيلية والاستراتيجية الأمريكية ، بعد أن نجح الإعلام الصهيوني والمتواطىء معه بصنعه وبلورة مواقفه العار الوطنية ، بمساهمة ومساعدة من إعلام حركة حماس المبرمج والممنهج المرئي المسموع والمقروء والخطابي ، ومن وراءه الفضائيات الحاقدة الداعمة له التي تبث من عواصم تخزين الفسفور الأبيض والضباب والنيروز ، والتي أمرت جميعها منذ سنة 2006 بتركيز الحملة التشهيرية ضد الشرعية الفلسطينية ، مبتدئين بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ، مرورا بكل حركة فتح صمام أمان القضية الفلسطينية وديمومة نضال الشعب الفلسطيني ، منتهين برأس الشرعية والنضالية والدستورية الفلسطينية الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) ، للتمهيد للوصول بالشعب الفلسطيني لهذه المرحلة العصيبة لدفعه ثانية للقبول بتجارب جديدة مستنسخة كان أسقطها من بينها روابط القرى العميلة ، مركزا مساعيه هذه المرة بالبحث عن شيوخ أوإقطاعيات شعبية أو فصائلية في الضفة الغربية تكون مستعدة وربما مقبولة للعب دور منظمة التحرير الفلسطينية والحلول مكانها ، فتقود القضية الفلسطينية وكما هو متوقع إسرائيليا وأمريكيا للفناء ، وذلك بعد النجاح الذي تحقق بإخراج قطاع غزة من معادلة الصمود والتصدي الفلسطيني ، بعد الإذن الإسرائيلي والأمريكي لحركة حماس إعلانه موطن دولتها أو إمارتها الإسلامية وعاصمتها بيت هنية أو قلب شارع صلاح الدين .
وبعد أن توضح الموقف الإسرائيلي غير الراغب مطلقا بصنع السلام لخوفه من قيام دولة فلسطينية ذات حدود دائمة إلى جوار دولته الإستيطانية السرطانية ، وبعد توضح الموقف الامريكي الداعم للإسرائيلي ببقاءه على حساب الثوابت الوطنية الفلسطينية ، وبعد أن توضح الموقف الدولي والأوروبي المطالب بوقف الإستيطان وإنهائه ، والذي أقر وأعلن أنّ الإستيطان بمجموعه ومجمله عمل غير شرعي ويشكل عقبة كأداء بوجه السلام العادل والمقبول ، وعائقا حقيقيا أمام لملمة وتواصل أراضي الدولة الفلسطينية حال قيامها ، فإن القيادة الفلسطينية ولمواجهة هذه التحديات الجديدة أو للاستفادة من مستجداتها الإيجابية ، سعت جادة لتهيئة الظروف المحلية والعربية والدولية لإعلان الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ، الموقف الذي أخاف دولة إسرائيل وجعلها تتخبط وتعلن أخيرا برعاية أمريكية لعبتها الخدعة الكبرى التي أظهرت عدم جديتها بصنع السلام ، وأظهر زيف الإدعاءات والرؤى الأمريكية من رؤية بوش حتى رسالة أوباما للعرب في القاهرة والتي تقول أنها تعمل جادة باتجاه إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة دون تمكين الشعب وقيادته من إعلان ذلك عمليا ، وكشف بعض النفاق الأوروبي تجاه القضايا العربية والأسلامية حيث أثبتت جميع الوقائع أنّ بعض الأوربيين لن يستقلوا عن القرار الأمريكي وضغط اللوبي الصهيوني المعادي للتطلعات الفلسطينية والرغبات العربية ، وأنهم لن ينسوا وهم المحرقة اليهودية التي أوقعوا أنفسهم بشركها ، والتي إن صدقت أحداثها يكونون هم المسؤولين عن نتائجها قانونيا وإنسانيا ، وهم من يجب أن يدفعوا ثمنها وإن على حساب أراضيهم وشعوبهم اللذين يفرخوا أعداء الإنسانية المعتنقين الجدد لليهودية ، لا على حساب الشعب الفلسطيني الأبي الذي بقوة قبضتة الكبرى سيقيم دولته ويستعيد حقوقه .