أحمد فوزي أبو بكر
تعالوا أحدّثكم عن جنوني
تعالوا أَقُصُّ عليكم شجوني
أنا كنت في القاعِ
عند الرَّصيفِ الْمَشاعِ
مرَرْتُ بسيّدةِ الأُقحوانْ
وشرفةِ قصرٍ مُنيفٍ
بجنّتهِ شَجْرَتان
وحارسُ سُهدٍ
على بابِ حجرتها لا ينامْ
وغيمةُ شِعْرٍ إذا أمْطَرَت
سالَت الدّمْعتانْ
..
وفي القاعِ خَلْقٌ غزيرٌ
يعيشونَ تحتَ الشّموسِ اقتتالاً
يحضُّ اقتِتال
وليس لهم في اليمينِ نصيراً
وليس لهم في اليَسارِ شَمال
أنا شاعرٌ ،
مستقيمُ الْمزايا وصعبُ الزوايا
ولا يحملُ الشّعرُ عنديَ
همَّ الحداثةِ أو الامتهان
مَجازي عميقٌ، خطيرٌ
فأغرقُ في بحرِه المستعارِ
ولا أستغيثُ وشعري
بآلِهةٍ لا تحملُ همّي
وأسطورةُ الشّعرِ عنديَ
عُشبٌ بسيطٌ
فلا اسْتَأْذَنَ الأرضَ منّي لينمو
ولا اسْتَأْذَنَ البوحُ مِنْهُ البَيانْ
..
أسيرُ مع الخَلْقِ ما يشتهونَ
ولكن وحيداً, فريداً
وأمضي بعيداً
وراءَ ظلالِ المكان
أضيعُ أمام خُطايَ
فلا يتبعُني أحدْ
وآتي إلى حجرة القصرِ
أشدو لسيّدة الأُقحوان
وفي القصرِ عُرسٌ كبيرٌ
فأخلعُ جلدي ووجهي
وأغفو لحُلمٍ
يغيّبني خلف نهرِ الزّمانْ
..
أنا،جنّتي ليسَ فيها سوايَ
وبعضُ ضيوفِـيَ إنْسٌ وجانْ
وفيها جميعُ صنوفِ الثمارِ
وكلُّ قدودِ الحواري
لَتَنْبتُ في بحرِ حِبْرٍ
على شاطئيه سحابُ البخورِ
وريحُ العطورِ
وأحلى الطّيورِ
وأصفى الخمورِ
وعزفُ القِيانْ
..
أنا من هنا
سأبقى هنا
أنا دائماً رهن تلكَ الإشارةِ ،
سيّدةَ الأقحوان
أنا مستعدٌّ لخوض غمارِ الحقيقةِ
دوماً بأزهى ثيابي
ورغمَ جموحِ الخيال
وقد علّمتني الحياةُ فنونَ التمتّعِ
تحت صنوفِ عذابي
وأخذَ الْمُحال
وذروةُ عشقي انتظارُ الصّباحِ
وليداً يطلُّ من الأُرْجُوان
ونومُ الكسالى بظلِّ الشّجر
يعانق سيفَ غيابي
وأفعى تمرُّ بصمتٍ
وفوق ضلوعي إلى حتفها
وسهلٌ وثيرٌ
يدقُّ مداهُ صهيلُ حِصان
أنا من هنا
سأبقى هنا
أُغنّي لسيّدةِ الأقحوان
………………