الحوثيون .. بين مطرقة السعوديّة ، و سندان ايران
ستون عاما يتوّرم فيها السلاح السعودي .. و في هذه المسافة الزمنية تم تنسيق سلاح ، و تحديث سلاح بمليارات الدولارات .. ستون عاما خاض فيها السلاح السعودي حربا واحدة هي حرب الخفجي ، و بدعم امريكي .. و يومها انسحبت القوات العراقيّة بحركة تكتيكيّة..و صام هذا السلاح عشرين عاما بعدها ليفطر على بصلة الحوثيين … طبعا من حقّ السعوديّة أن تصون حدودها من المتسللين .. و خصوصا إذا كانت حركة تمرّد على سلطة تعتبر حليفا رئيسا .. و العرب و أهل الخليج يجب أن يكونوا معها ، و في هذا لا يختلف اثنان … و من حق السعوديّة أن تحمي مياهها الاقليميّة و مياه دولة عربيّة مجاورة ، و أن تكشف سفينة إيرانية تحمل السلاح للحوثيين .. و هذا إن ثبت فإنّ إيران تلعب لعبة خطيرة في هذه المنطقة الواقفة على كفّ عفريت ، و يجب ان يوقفها العرب عند حدودها .. و لكن ماذا عن السفن الصهيونيّة التي حوّلت البحر الأحمر إلى بحيرة صهيونيّة .. تصول ، و تجول فيها ..و ماذا عن مضايق تيران ، و جزيرة الصنافير..
و أريد أن تلهمني السياسة الخارجيّة السعوديّة ، و تزيد في معرفتي ..كيف تستطيع أن تظهّر قوة جيش يخوض حرب عصابات .. و ما هي البطولات التي يقوم بها الجيش السعودي ، و التي استدعت زبارة خادم الحرمين الشريفين لمناطق القتال ؟؟ على فرض أن هناك قتالا حدوديّا .. و قد أثبتت تجارب التاريخ أن الجيوش النظاميّة لا محالة خاسرة في حرب العصابات .. و حرب فيتنام كسرت الجيش الأمريكي ، و هو ينكسر الآن في العراق ، و ينكسر بالإضافة الى قوات التحالف أمام " طالبان " .. إذا فعندما تعترف السعوديّة بأنها صدّت التسلل الحوثي فالأمر يقف عند هذه الحدود ، و لا يتعدّاها .. فلماذا يستمرّ القتال لأكثر من شهر .. و سأمضي مع الرواية السعوديّة إلى آخر حدودها .. طالما انّ الحوثيين قد تكبدوا هذا العدد الكبير من القتلى ، و هذا العدد الكبير من الأسرى .. فهل سيستمرون بالتسلل حتى تتم ابادتهم .. أم سينكفئون ، و يقومون بتغيير تكتيكاتهم ..و يكذب من يقول أنّ جيشا في العالم يستطيع أن يمنع تسلّلا على طول شريط حدود يتجاوز 1500 كم .. و الأمر على غاربه في تلك المنطقة من الوطن .. حيث بتم على جانبي تلك الحدود ما لا يخطر على بال بشر .. من تهريب سلاح .. إلى تهريب مخدرات .. إلى تسلّل أفارقة من القرن الأفريقي .. و هذه الحدود يستطيع أن يفعل اليمني على جانبيها ما يشاء .. سيّما في المنطقة الجبليّة منها ..تمّ ماذا عن السقطات الإعلامية التي على شاكلة أنّ الطيران ، و المدفعيّة السعوديّة تدكّان معاقل الحوثيين ؟؟؟…
كما أريد أن اعرف المزيد عن هذه الظاهرة الصوتيّة الإيرانيّة العاهرة على شاكلة " إنّ قيام السعودية بقتل الشيعة في اليمن يمثل بداية للإرهاب الدولي الوهابي الذي يعتبر خطرا كبيرا على الإسلام والمنطقة"... و أريد أن افهم أيضا .. كيف قامت الدنيا ، و لم تقعد منذ 04 – 11 – 2009 .. و حتى ما قبل وقفة العيد .. و ابتداءا من بازار حماية الشيعة مرورا بموضوع تسييس الحج ..و صولا إلى صمت القبور عن موضوع الحرب الدائرة على الحدود السعوديّة – اليمنيّة ..و شيئان فعلتهما هذه الظاهرة الصوتيّة .. أنّها أظهرت التمرّد الحوثي على أنّه يعمل بأجندة إيرانية فسحبت عنه غطاء التناحر الداخلي .. و أنّها أعطت علي عبد الله صالح ، و إعلامه المبرر للاستمرار في هذه الحرب العبثيّة التي يوظف الورقة الإيرانية فيها على أكمل وجه … و دون تقديم أي دليل على الدعم الإيراني اللوجيستي …
و عليكم أن تعرفوا أنّ الدماء العربيّة اليمنيّة ، و السعوديّة تهراق على مذبح السياسة السعوديّة – الإيرانيّة .. و على مذبح التناحر اليمني بين السلطة ، و الحوثيين …فحال صعدة هو منذ عام 2005 ، و لم يتحرك جندي سعودي ، أو آليّة عسكريّة .. و لم يظهر بوق إيراني واحد …و التدخل العربي الوحيد كان مؤتمر الدوحة ، و اتفاقه الهشّ الذي أعطى علي عبد الله صالح فرصة إقامة الانتخابات الأخيرة .. و بعدها نام المجتمع الدولي ، و التدخل العربي لحلّ المشكلة .. و العرب كما هم منذ ضياع فلسطين .. مرورا بضياع الأحواز ، و انهيار الصومال ، و احتلال بيروت ، و دخول الكويت .. و استباحة العراق ، و تدمير دولته .. و صولاَ إلى مشكلة اليمن الذي لا تبشر الأمور فيه بخير .. فهل ما زالت شهوة السلطة ، و جنون الحكم تجيز استباحة هذا الدم العربي الطاهر .. و ابحثوا عن الأصبع الأمريكي – الصهيوني ..
و الحوثيّون متمردون خارجون على السلطة التي كانوا أحد أعمدتها .. و السلطة خارجة على مصلحة اليمن لصالح طغمتها الحاكمة الفاسدة .. و السعوديّة مصابة بالعماء السياسي ، و يزداد هذا العماء كلّما كانت المصلحة العربيّة تقتضي ذلك .. و إيران تلعب لمصالحها السياسيّة ، و ستكشف الأيّام أن صمتها عمّا تفعله السعوديّة على حدود اليمن قد قبضت ثمنه من الدولة الوهابيّة التي تهاجمها " بالصوت " حين يستدعي ذلك مصلحتها ، و أنّها تصمت حين تتطلب مصلحتها ذلك .. و في لعبة العض على الأصابع هذه وحده الدم العربي هو الذي يصيح أولاَ ..و الدم العربيّ هو أرخص الدماء في سوق البازارات السياسيّة .. طالما أنّ الله ابتلانا بهذا النفط .. الذي هو عصب كلّ شيْ .. و طالما أنّ القائمون عليه بالوكالة من العرب لصالح أمريكا .. ما زالوا يعتقدون أنّ دمائهم من غير هذه الدماء …
رشيد السيد أحمد