أرشيف - غير مصنف

لابد من محاكمة مجرم الحرب بوش عن جريمة غزو العراق وما ترتب عنها

د. أيمن الهاشمي

كاتب أكاديمي عراقي جامعة بغداد
             لو كان هناك قانون دولي عادل حقاً، ولو كانت هناكهيئة أمم متحدة فاعلة وعادلة حقاً وحازمة، ولو كان هناكمجلس أمن فعال حقاً ، ولو كان هناك قضاء جنائيدولي عادل وجريء (كما يدعي مدعي عام المحكمةالجنائية الدولية)، لكان جورج بوش اليوم مع أركان حربه وإدارته المجرمة وتابعته بريطانيا،  يُساقون جميعالـ(محكمة العصر).
      إن هذه الجريمة النكراء بكل أركانها وأبعادها، وما أنتجته من نتائج اجرامية، في خراب ودمار العراق، وإزهاق أرواح أكثر من مليون ونصف المليون شهيد عراقي، وضعفهم منالجرحى والمعاقين، وخمسة ملايين مشرد ومهجر خارجالعراق وداخله، ومليون ونصف المليون أرملة وخمسةملايين يتيم، إضافةإلى تدمير اقتصاد دولة معترف بها دوليا، دولة آمنة كانتمزدهرة وغنية فعادت إلى العصور الوسطى، إنها جريمة عدوان، وجريمة إبادة، وجريمة ضد الإنسانية بكل عناصرها وأركانها القانونية التي نص عليها القانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف الأربع، وقانون المحكمة الجنائية الدولية، ولا يمكن أن تمر هذه الجريمة النكراء مرور الكرام!!
       لقد قام المجرمون المعتدون بوش وبلير ومن لف لفهما من الخانعين الأذلاء، بشن الحرب العدوانية القذرة ضد شعب آمن، ودولة مستقرة، بذرائع باطلة وحجج كاذبة واهية وتلفيقات ثبت زيفها، وتم تجييش جيوش الشر من حلفاء بوش، وفي مقدمتهم مجرم الحرب توني بلير، وقد استبشرنا ببدء التحقيقات معه تمهيدا لمحاكمته داخليا عن توريطه لبريطانيا في خوض غمار حرب تدميرية أزهقت أرواح المئات من الجنود البريطانيين، دون سبب مقنع وبدون أي غطاء دولي وخارج نطاق الشرعية الدولية التي يتمشدقون بها، والذي يؤكد الفعل الإجرامي المتعمد ان جميع المجرمين بدءا من بوش وبلير ورامزفيلد وكولن باول ورئيس المخابرات الأمريكية وأركان الإدارتين الأمريكية والبريطانية اعترفوا بان الحرب كانت بدون غطاء قانوني، وخارج الشرعية، وأنها بُنيت على معلومات استخبارية خادعة وكاذبة، ونتذكر كيف أن المجرم بوش في أواخر عهده اعترف صراحة خلال اللقاء الذي أجرته معهمحطة الـ  (ABC)  الأميركية اعترف بوش وعرّى نفسه واسقطورقة التوت عن عوراته الكارثية في العراق وغيره،وقال: إن "أكبر ما يأسف عليه" في فترة رئاسته هيالمعلومات الاستخباراتية الخاطئة عن امتلاكالعراق أسلحة دمار شامل!! وان أشد ما أندم عليه خلالفترتي الرئاسية هو فشل الاستخباراتفيما يتعلقبمدى التهديد الذي مثله الرئيس العراقي الراحلصدام حسين للولايات المتحدة». وقال "إن كثيرينجازفوا بسمعتهم وقالوا إن تدمير أسلحة الدمارالشامل سبب لإزالة صدام حسين"!!.
      والمشكلة هي أن لا شئ سيترتب على اعترافات بوش الصريحة، التي أدلى بها بكامل وعيهوإرادته دون ضغط ولا أكراه، باقتراف أبشع جريمةعدوان وإبادةشاملة، فلا مجلس امن دولي حقيقي ولا أمم متحدة فاعلة ستلجأ إلى مقاضاة وتحميل إدارته كل ما سبّبه من تخريب ودمارللعراق، ولا وجود لحكومة عراقية وطنية غيورة تنطق باسم العراقيين، قادرة أن تمسكبتلابيب بوش وإدارته لتحصل على تعويضات مادية بحجمما سببه من دمار، ولا دول عربية فاعلة تمتلك موقفهاوقرارها بحيث يمكنها رفع دعوى قضائية مشتركة على بوشوإدارته لأنه غزا بلدا عربيا شقيقاً وفعل به ما فعل.  
         لقد انهارت كل دعائم السياسة الأميركية التياتبعتها إدارة بوش خلال أعوام ثمانية خلت، لتظهرالحقيقة ـ أو بعضاً من هذهالحقيقة ـ وليكتشفالأميركيون وشعوب الأرض معاً، أن القرارات الحاسمةفي الاقتصاد والسياسة والحروب بُنيت واتخذتاستناداً إلى تقارير غير دقيقة، بل غير صحيحة علىالإطلاق!!. ‏ وهكذا فان ظن جورج بوش انه اختار الطريقالأسهل لخداع العالم لكي يبرر جرائمه الكبرى وسياساته المتهورة،طريقالاعتراف بالغباء والجهل بالحقائقوغياب المعلومات الدقيقة، بدلا من أن يعترفبارتكابه "جرائم" بكامل قواه العقلية وبمنتهى "سبق الإصرار والترصد"، ظنا منه أنّ هذا "الاعتراف" سيعفيه عن مسؤولياته عن جرائم الحرب وشن العدوان،وإرهاب العالم تحت شعار "مكافحة الإرهاب" وكأنما هويحارب الإرهاب بالإرهاب!…   
     ألميعترف "كولن باول" انه كذب على المجتمع الدولي بعرضصور زائفة وأدلة باطلة على امتلاك صدام أسلحةالدمار الشامل؟وثمة مسؤولون آخرون منهم رامزفيلدوتينيث وكبار القادة العسكريين والسياسيين ورؤساءالمخابرات اقروا من قبل بوقوع خطايا وأكاذيبوتلفيقات في تصوير الخطر العراقي وتضخيمه لتبريرأبشع عدوان عرفته البشرية.
            إن العالم مطالب اليوم لكشف كل ما ارتكبهمجرم الحرب جورج بوش  من صنائع وكوارث، لضبط مفاعيل ما حصل، ومحاسبة المجرمين الحقيقيين بمن فيهم الخونة العراقيين الذين أسهموا في فبركة الأكاذيب وتقديم معلومات مزيفة عن ما يسمى حجم أسلحة الدمار العراقية المزعومة، وتحميلهم وزر كل ما حصل وما نتج عن هذه الحرب الكارثية، والكوارث المترتبة على تلك الأخطاء!!.
         فهل يجوز وهل يصدق أحد في العالم أن رئيس دولة عظمى مثل أمريكا، او دولة مثل بريطانيا، يشنالحروب ويفتك بالبشر وينشر الفوضى والخراباستناداً إلى تقارير كاذبة أو غير دقيقة وموثقة؟ هلإنّ أرواح البشر ومصائر الدول والحكومات والشعوببهذا الرخص وإلى الدرجة التي تشن الحروب ضدها لمجردالاشتباه بأنها (قد…!) تهدد أمن الولايات المتحدة؟!  وهل يعقل أن أمن دولة عظمى يمكن أن يكون مهدداً منقبل دولة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها عدد سكانمدينة أميركية واحدة وعلى بعد آلاف الأميال؟.. إن ما أقدمت عليه هذهالإدارة وتوابعها في لندن على مدى السنوات الثماني الماضية هي "جرائمبحق الإنسانية" بكل المعايير، ولا يمكن أنتغتفر.
          من اجل ملايين الأمهات الثكالىوالزوجات اللواتي حرمتهن حرب بوشالعدوانية من أزواجهن، ومن اجل الماجدة العراقية التي فقدت زوجها وأصبحتبعده المعيل الوحيد لأسرتها ولم تستطع أن توفر لهملقمة عيش!! ومن اجل ملايين الأطفال اليتامى الذين حرمتهم حرب بوش – بليرالإرهابية من آبائهم؟ ومن اجل الملايين التي هُجرت من دورها ومساكنها ومن وطنها، ومن اجل العراقيين الذين تضرّروا من إجرام اللصوصوالفاسدين وميليشيات الغدر وفرق الموت والحكام الأذلاء الذين نصبّتهمدبابات المحتل حكاما للعراق في غفلة من الزمن!!.  إن بوش يستحق وإدارته ومن سار معه، محاكمة دولية عادلة، محاكمةتضعه في قفص الاتهام في المحكمة الجنائية الدولية،ولابد أن تدفع دول العدوان برئاسة زعيمة الشر الولايات المتحدة وربيبتها بريطانيا فاتورة كل تلك الأخطاء الكارثية،فاتورة تدمير بلد عربي مسلم آمن وتحويله إلى خراب؟..
      أما (أشقاؤنا) العرب الذين أعانوا بوش في جريمةعدوانه ووضعوا أراضيهم ومطاراتهموإمكاناتهم المادية والمعنوية في خدمة الجهد العدواني الشرير لتدميرشقيق لهم هو العراق، فلنا معهم موقف، حين تحين ساعة العدل والحساب، وسنتحاكم في محكمة الضمير العربي، وإن لم يتيسر الوقت ففي محكمة الحق الرباني، ولن يضيع حق وراءه مطالب!.
 

زر الذهاب إلى الأعلى