أوروبا قطعت نصف الطريق نحو العدالة!

أوروبا قطعت نصف الطريق نحو العدالة!

بقلم: زياد ابوشاويش

أعلن الاتحاد الأوروبي موافقته على قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس مرفقاً هذا الإعلان بطلب العودة الفورية للمفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

الرد الاسرائيلي جاء فوراً وتمثل في الترحيب بالقرار قياساً على الصيغة السويدية للإعلان التي تم تفريغها من مضمونها باستبعاد الاعتراف بدولة في حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، وكانت إسرائيل قد هددت بتهميش الدور الأوروبي في عملية السلام المتخيلة في الشرق الأوسط إن بقيت الصيغة الأولى وكأن الإعلان الأوروبي سيقدم للفلسطينيين أي إنجاز حقيقي على طريق استعادة حقوقهم المهدورة منذ ستين عاماً ويزيد. الحقيقة أن ما قدمته أوروبا ليس أكثر من إعلان خلا من أية آليات لتنفيذ ما جاء به أو حتى تشجيع للفلسطينيين على إعلان الدولة بعاصمتها القدس الشرقية من طرف واحد، بل ترافق الإعلان مع جملة من الثغرات تمثلت فيما يلي:

أولاً/ ما جاء في الاعلان لا يمثل مشروعاً متكاملاً ومتبوعاً بنشاط دبلوماسي أوروبي أو مبادرة لمؤتمر لترسيم الحديث عن الدولة، كما خلا من أية إشارة لحدود هذه الدولة أو الاحتلال، وتجاهل بقصد حدود الرابع من حزيران التي تنص عليها كل قرارات الأمم المتحدة الخاصة بعودة الأرض لأصحابها.

ثانياً/ الإعلان الذي يبدو أنه محاولة أوروبية لتعديل مواقفها المرتهنة للأمريكيين لم ينجح في ذلك وبقيت أوروبا أسيرة هذا الارتهان عبر التساوق مع المطالب الأمريكية بالدعوة للشروع الفوري في المفاوضات دون تحقيق شرط وقف الاستيطان وهذا ما تريده أمريكا وإسرائيل على وجه الدقة.

ثالثاً/ أرفقت الدعوة بالحديث عن خطة فياض لإقامة الدولة ومؤسساتها في غضون عامين وتأييدها لهذه الخطة التي تعني التوقف عن ممارسة المقاومة ضد الاحتلال والانخراط في عمل داخلي بعيداً عن المواجهة التي لا يمكن أن نحصل على أية حقوق بدونها، وأوروبا تعلم أنه في حال اكتمل بناء مؤسسات كالتي تتحدث عنها خطة فياض فإن كل شيء سيكون مرهوناً بإرادة الاحتلال وفقط يعطي الطرف الفلسطيني للعدو هدنة مجانية وفترة سماح للأمريكيين مدتها عامين في ظل كل الاجراءات والحواجز التي تضعها إسرائيل أمام أي تقدم حقيقي لعملية سلام تقوم على إعادة الأرض وإنهاء الاحتلال وقيام دولة حقيقية ذات سيادة.

رابعاً/ الإعلان الأوروبي يأتي فقط من أجل مساندة السلطة في رام الله بعد الخذلان الذي واجهته من أمريكا راعية السلام والتي وضعت السلطة كل بيوضها في سلتها على مدار الأعوام الماضية والتي جاء باراك أوباما ليزيد من عمق المأزق الذي تواجهه هذه السلطة جراء تراجعه عن وعوده وانسداد طريق المفاوضات التي كانت عبثية في أغلب الأوقات ولم تقدم للفلسطينيين سوى المزيد من مادة الخلاف والانقسام فيما بينهم.

خامساً/ أوروبا لم ترفق إعلانها بأية إجراءات ردعية لإسرائيل أو حتى إدانة لها على رفضها الامتناع عن بناء المزيد من المستوطنات كما هددت بعض دولها باستخدام الفيتو في حال تقدم الفلسطينيون بطلب لمجلس الأمن للموافقة على دولة في حدود الخامس من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية.

هذه هي حقيقة الموقف الأوروبي الجديد، ورغم هذا من المهم رؤية التغيير حتى وإن بدا ضئيلاً باتجاه الإقرار بحق الشعب الفلسطيني في وطنه، وحق الدول العربية في استعادة أراضيها المحتلة الأمر الذي رحب به الفلسطينيون، ولا شك أن الموقف الأوروبي الجديد من سورية يأتي ضمن هذا المنظور، وتشجيع الأوروبيين على الخروج من إطار الموقف الأمريكي والسياسة الأمريكية يخدم في المحصلة أهداف النشاط الذي تقوم به الأطراف العربية فلسطينياً وسورياً لتغيير المعادلة في المنطقة وإرغام أمريكا وإسرائيل في النهاية على احترام قرارات الشرعية الدولية والقبول بمفاوضات سلام على هذا الأساس تنتهي بزوال الاحتلال. الدول العربية مطالبة الآن بعمل ما من أجل تحقيق تقدم أكبر في الموقف الأوروبي وليس مقبولاً أن تبادر دول أجنبية لإنصافنا ولو جزئياً بينما العديد من الدول العربية تتفرج.

الأوروبيون والأمريكيون يتخذون المواقف ربطاً بمصالحهم في المنطقة ولذلك فليس مرجحاً رؤية تغيير حقيقي في هذه المواقف ما لم تمس هذه المصالح من جانبنا. 

Zead51@hotmail.com

 

Exit mobile version