المآذن السويسرية: دروس في التسامح الديني… من السعودية.. بقلم حبيب طرابلسي

تعالت، من المملكة العربية السعودية، التي لا يجتمع فيها مسجد وكنيسة، أصوات منددة بحظر بناء المآذن في سويسرا، باعتباره انتهاكًا لحرية الأديان، وأصوات مطالبة بمقاطعة المؤسسات المالية والتجارية و بسحب ودائع الأثرياء المسلمين من مصارف الاتحاد السويسري.

 
 
 
مجمع الفقه الإسلامي يدين
 
 
 
وصدر أحدث رد فعل على نتائج استفتاء الشعب السويسري بحظر بناء المآذن عن مجمع الفقه الإسلامي، التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، في بيان من جدة نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
 
 
 
واعتبرت أمانة المجمع أن حظر بناء المآذن "مساسا" بالحقوق الأساسية والدينية للمواطن السويسري المسلم ومصادرة لها، وزرعاً للكراهية ضده، والحيلولة بينه وبين اندماجه الإيجابي في المجتمع السويسري".
 
 
 
وطالبت الحكومة السويسرية ب"العمل على اتخاذ الإجراءات العملية اللازمة لوقف هذه الممارسات السيئة ومنع أي انعكاسات أو تطبيق لها في الواقع".
 
الأمين العام للمجمع يدعو للمقاطعة المالية والتجارية.
 
 
 
وبدوره، طالب الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، الدكتور عبد السلام داود العبادي، المسلمون بمقاطعة المؤسسات المالية والتجارية في سويسرا، مشيرا إلى أن "هذا الاستفتاء موجه ضد المسلمين الذين يمثلون ربع سكان الكرة الأرضية ويملكون نسبة كبيرة من رؤوس الأموال المودعة في بنوك الاتحاد السويسري، شعورا بما يتمتع به من أمن وأمان وحرية وديمقراطية".
 
 
 
و بين الدكتور العبادي في تصريحات نشرتها اليوم صحيفة "عكاظ" السعودية أن " هناك نداءات أخرى تطالب بقطع العلاقات السياسية بين الدول الإسلامية والاتحاد السويسري ما دام أن أكثرية الشعب يرفض الحقوق الدينية للمواطن السويسري المسلم".
 
 
 
ودعا إلى إسكات الأصوات المطالبة بمزيد من إشعال نار الفتنة، وهي الأصوات التي باتت تعلو هنا وهناك في أوروبا تطالب بحظر النقاب والمدافن الإسلامية وبناء المساجد، وتهزأ وتسخر من شعائر الإسلام ومبادئه وحقائقه في حملة مسعورة تتمثل في ما يسمى: التخويف من الإسلام" (الإسلاموفوبيا).
 
 
 
الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تستنكر
 
 
 
أما "الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية"، وهي منظمة حقوقية شبه رسمية) فقد أعربت عن "أسفها وقلقها البالغ لعمل مثل هذا الاستفتاء الذي يعتبر انتهاكاً لحرية الأديان، ويخالف ما جاء في المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي أعطت لكل شخص حقه في إظهار دينه أو معتقده وإقامة شعائره الدينية".
 
 
 
وأكدت الجمعية في بيان أن "مثل هذا الاستفتاء يؤجج الصراع بين الأديان ويوسع الهوة التي سببتها المواقف العدائية ضد الإسلام من قبل بعض السياسيين الغربيين"، داعية جميع المؤسسات الحقوقية و الإنسانية في العالم إلى "العمل من اجل نبذ مثل هذه الممارسات التي تدعو إلى الكراهية وعدم احترام التنوع الثقافي و الديني".
 
 
 
دعاة سعوديون ينادون بالمقاطعة و سحب الودائع
 
وكانت صحيفة "جولف نيوز" الإماراتية قد نشرت في 6 ديسمبر تصريحات لمفكرين إسلاميين في السعودية يدعون إلى مقاطعة سويسرا اقتصاديا وسحب ودائع المسلمين من مصارفها على خلفية قرار حظر المآذن.
 
 
 
ومن بينهم الداعية خالد الشمراني الذي أكد على "ضرورة البدء في تنفيذ حملة واسعة النطاق لمقاطعة البضائع والمنتجات السويسرية والامتناع عن السفر إلى سويسرا".
 
 
 
كما طالب الداعية أحمد الحسن الأثرياء المسلمين بسحب ودائعهم من المصارف السويسرية.
 
 
 
وسبق هذه الدعوات انتقادات شديدة من الصحف السعودية لإقدام سويسرا على إجراء استفتاء شعبي يتعلق برمز من رموز العبادة لدى المسلمين، و أشارت إلى أن المسلمين في سويسرا، التي تتمتع بتراث عريق من الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، لا يشكلون خطراً على الدولة.
 
 
 
و طالبت بعض الصحف الحكومة السويسرية بإعادة النظر في الأمر والعمل على إلغائه بأقصى سرعة ممكنة لأن مثل هذه القرارات لا يمكن أن تجلب لسويسرا سوى الضرر.
 
 
 
 أصوات نشاز
 
 
 
غير أن لكن تعليقات القراء و إن كانت في مجملها منددة بإجراء الاستفتاء و بنتيجته، إلا أنها لم تخلو من انتقادات مبطنة للمملكة التي تعتبر من أكثر الدول ممارسة لسياسة محاربة للتعددية الدينية و تهميشا للأقليات الدينية المحلية.
 
 
 
يقول "عبدالله أبو خالد": "نحن نمنع بناء دور العبادة لغير المسلمين وهم يمنعون بناء المنارات فقط. وكل حر في بلده". ويعقب "بدر": " بلدهم وهم أحرار فيها نحن نمنع بناء الكنائس ما حد تدخل فينا".
 
 
 
وفي مقال نشر اليوم في "الحياة" بعنوان "المآذن السويسرية"، تقول بدرية البشر: " الدساتير العلمانية في الغرب والشرق تكفل للمسلمين بناء المساجد وفتح المراكز الإرشادية، وطبع الصحف والمنشورات الإسلامية، لكننا في بلداننا العربية نمنع هذا الحق بدرجات مختلفة".
 
 
 
وتضيف الكاتبة: "إن الدعوة التي أطلقها الملك عبدالله منذ سنوات للاعتراف بالمذاهب الإسلامية الثمانية، وفتح حوار مع الأديان، والحوار الوطني لا تزال حتى اليوم دعوة خارج مركز وعينا المحلي والإعلامي والتربوي، فلم نسمع يوماً بخطاب إسلامي محلي يتبنى هذه المصالحة، لا في صحيفة ولا في منبر ولا في خطبة. بل إن بعض خطاباتنا المحلية ترفض الاعتراف بالاختلاف في المذهب الواحد".
 
 
 
وتختتم قائلة: "إن كل ما نجنيه من تربية هذا العداء هو ثقافة مشحونة بالطائفية والعنصرية، تشوّه إسلامنا وأخلاقنا وضمائرنا، ولن تضر الغرب في شيء، بل ستزيد تحامله ضدنا".
 
 
 
لن يقرع جرس على أرض المملكة
 
 
 
وكان إمام الحرم المكي الشريف، الشيخ عادل بن سالم الكلباني، قد أكد في مقابلة مع قناة بي. بي. سي في مايو الماضي، أن علماء الشيعة "كفار"، و أن الشيعة لا يحق لهم أن يكونوا ممثلين في "هيئة كبار العلماء"، أعلى هيئة دينية في المملكة العربية السعودية.
 
 
 
وسئل الشيخ الكلباني عما إذا كن يؤيد إطلاق الحريات الدينية في المملكة، فقال: "الحرية لها حدود".
 
 
 
وسأل بدوره: "هل يسمح الفاتيكان ببناء مسجد؟" على أرضه، مضيفا: "المملكة أعظم من الفاتيكان بكثير، المملكة قبلة المسلمين، ولكن، أن يقرع الجرس في أرض المملكة !!! هذا هو التوجيه النبوي الذي نعمل به وهو (أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب).
 
 
 
ويؤكد المعترضون على بناء كنائس في السعودية أن المملكة، البلد الذي نزل فيها الوحي السماوي بالديانة الإسلامية، لا يجتمع فيها دينان.
 
 
 
 
 
 
Exit mobile version