أرشيف - غير مصنف

حينما يكون الجمال قبحاً

 

 إذا كانت المدنية تعني التقدم والصناعة ففي بلادنا تعني العري والخسارة, وحين تكون تكون المدنية مثالاً للوعي الحيّ والملموس, فنحن نراها بالجمال السطحي والمحسوس, وإذا صنعت المدنية الحقيقية رجلاً إليكترونية للمقعدين.. فإننا وبكل فخر نرد عليهم برفع ثوب الحشمة عن أرجلنا ونلعب الإغراء المدروس.
يقولون أنها مسابقة لإختيار ملكة جمال للشعب الفلسطيني.. فيما فقراء فلسطين لا يعرفون سوى ملكة واحدة, هي ماري أنطوانيت التي نصحت الفقراء والعامة بأن يأكلوا البسكويت بدلاً من الخبز..وهذا السبب كافياًً لجعل الشعب الفلسطيني يكره كل ملكة بما فيهن ملكة جمالهم كما كره الفرنسيون وأعدموا ملكة عرشهم, لأن ملكة واحدة من النحل تسد عجز شعباً كاملاً من العسل والغذاء, فيما ان ملكة الجمال "خاصتنا" ستتمشى بقدمين ناعمتين على مسرح كبير من التفاهة التي لا تلزمنا, وكأنها أنطوانيت الجديدة وتقول : كلوا خجلكم بدلاً من الإعتراض.
فبعد ان تجاوز العرب العصرين الحجري والنفطي بسلام وبؤس, ها هم يقلمون أظافرهم للدخول إلى العصر الذهبيّ.. عصر الأرجل!! نعوض فيه ما فاتنا من حرية وصناعة وتقدّم, فأرجل اللاعبين في مصر والجزائر كادت أن تشعل حرباً أهلية بين الولايتين العربيتين… لولا البقية الباقية من عصر "الرؤوس" الرجعيين الذين أصلحوا الأجواء وفوتوا على البلدين الفرصة الذهبية لإشعال المعركة القدمية التقدمية!!.
ولكن هناك دائماً مبادرة تعويضية, وأتت هذه المرة من حكماء بني رام اللة.. أحضروا عشرات الأرجل الأنثوية المستوردة, يشرف على تجميلها مؤسسات المجتمع المدني الذي يقود رجاله نساء, والهدف عقد مسابقة لإختيار ملكة جمال للشعب الفلسطيني. عشرات الأرجل البيضاء تتمشى فوق مسرح الفرجة, وتحت شعارات الحداثة والمدنية والجمال, وفي النهاية سيتوج على  الشعب الفلسطيني المُحتل ملكة تلبس تاج النصر فقط لأنها منحوتة الخصر وتمشي بأناقة شبه عارية على مسرح العرش. هل هكذا تكون مدنية الشعب المُحتل؟
لن تستغرب إذا علمت انه في رام اللة تقفل كل يوم مؤسسة خيرية من اللواتي يرعين الأسرى والشهداء والمصابين المقطعة أرجلهم, وفي المقابل يفتتح مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني, الممولات غربياً, ينشط من خلالها عشرات الجمعيات النسوية التي تعني بأرجل المراة وجرها إلى المدنية الزائفة التي تحرفها عن أصالتها, وتحت رعاية الكوافير الحضاري "توني بلير" والهدف هو الرقي بجسد المرأة بعد حنيّ رأسها,
فعمليات تجميل المرأة العراقية في سجن أبو غريب لم يكفي هؤلاء "المتمدنين", فأحضروا الميكياج إلى فلسطين بدلاً من القيود التي شبحت فيهن ماجدات العراق, وأناروا الأضواء الكاشفة على الجسد بدلاً من ظلمة سجون النساء في بغداد والدورة, فقد سجنوا المرأة العربية في العراق وأنتهكوا آدميتها فيما يطالبون بتحرريها في فلسطين؟!. تتعدد طرق التعامل مع المرأة في كل بلد يجدون موطىء قدم لهم, والهدف واحد:  وهو قلب هوية الشعب المُحتل ورفع أشياءه من أجل إسقاط البندقية التي ترفع في وقت الجد. أما قياداتنا المتحضرين, فإنهم يأخذوونا إلى وطن بمقاس تفكيرهم في اللهو, فإذا قلنا لهم باننا نريد ملكة في النضال, عوضونا بملكة مثل اللواتي يفترشن شوارع مرجعيتهم الغربية, وإذا طالبنا بالأرض قالوا: وزعوا على الشعب أحذية مريحة بدلاً من الأرض الوعرة, فدائماً لديهم بديلا للجد وصورة مزيفة عن الجمال الحقيقي.
انه القبح الذي ليس هذا وقته.
 
 
 عنان العجاوي

زر الذهاب إلى الأعلى