أرشيف - غير مصنف
هل من خيارات أخرى أمام عباس و نتنياهو ؟؟
أ / محمد خليل مصلح
لا شك أن البيئة الإستراتيجية الداخلية والخارجية للدولة العبرية والسلطة الفلسطينية تفتقر إلى عوامل الاستقرار السياسي و الأمني ، وان تلك القيادتين تقع الآن تحت فعل وضغط المتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية ، لكن المشكل في ذلك أن كثير من تلك المتغيرات لا تعمل في مصلحة الطرفين بدرجة متساوية ، فمنها ما يعمل في مصلحة القضية الفلسطينية ومنها ما يعمل في مصلحة الدولة العبرية دوليا .
جملة المتغيرات الإقليمية والداخلية " البيئة الإستراتيجية "مختلفة بالنسبة للسلطة الفلسطينية، فالمتغير السياسي قدرة المقاومة وسيطرتها على غزة غيرت موازين القوى الداخلية وأراق اللعب مما سبب بتعقيد الموقف السياسي أمام السلطة العباسية .
المتغير الأول : الموقف الدولي في ظاهره يعمل الآن في مصلحة القضية الفلسطينية ابتدأت انعكاساته تظهر في الموقف الدولي من تقرير غولدستون وإدانة إسرائيل بجرائم توصف في القانون الدولي بجرائم حرب تبعه موقف آخر تمثل بالوثيقة السويدية التي طالبت بالاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المرتقبة ، وكأنها تتقاطع مع التوجه أو المناورة الأخيرة لسلطة رام الله لاستخلاص اعتراف من الأمم المتحدة من طرفها بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران وكاستحقاق سياسي لاتفاقية أوسلو وقرارات الأمم المتحدة قرار التقسيم ، مع قناعتي أن الدور الأوروبي لن يسير في اتجاه الصدام مع المصالح الإسرائيلية والدولة العبرية بل أُقحم وفي هذا الوقت بالذات كعامل مساعد للتخفيف من الأزمة القائمة بعدم قدرة الطرفين بالبدء بالمفاوضات بسبب البيئة الإستراتيجية الداخلية للطرفين الموقف الأوروبي قدم الآن للفلسطينيين " فريق أوسلو " و "للإسرائيليين " الدوافع للبدء بالمفاوضات والخروج من الأزمة والجمود السياسي خاصة بعد أن تدحرجت الورقة إلى الصيغة والمربع التي رحبت به الدولة العبرية وفي الوقت نفسه أشادت به حكومة فياض .
المتغير الثاني : والذي يعتبره البعض الآن مشكلة بالنسبة للقضية الفلسطينية بسبب الربط المباشر له في عناصر الخطة الإسرائيلية لإدارة الصراع لكسب الوقت وتغيير البيئة الإستراتيجية لتعمل بشكل كامل في مصلحة الدولة العبرية خاصة إذا استطاعت إقحام الدور الأوروبي والأمريكي في ترتيب أولويات حل القضايا المصيرية في التقدير الاستراتيجي الأمني والسياسي " التهديد الوجودي " القائمة على أن الملف الإيراني وحل العقدة الإيرانية مدخل قوي ومشجع لإسرائيل بحل الصراع العربي الإسرائيلي ، إذ يترتب عليه إضعاف الطرف العربي والفلسطيني " حماس والفصائل الوطنية " و " حزب الله " الرافض للسقف السياسي الإسرائيلي لحل الصراع ، وبذلك يستطيع نتنياهو جر الجميع للعب في إطار الرؤية الإسرائيلية وخطة المناورة لكسب الوقت باعتقاده أن الوقت يعمل لمصلحة نتنياهو وائتلافه اليميني والمراهنة على عنصر آخر غياب الشريك الفلسطيني بسبب ضعفه أو رفضه للمقترحات الإسرائيلية ، وهذا يعني أن نتنياهو تغلب على الجميع تجاوز الأزمة الداخلية لحزبه وائتلافه الحكومي و تهرب من استحقاقات السياسة الأمريكية التي تسعى لعلاقات متوازنة مع الدول العربية والتف على الموقف الأوروبي ليتجاوز التغيرات السياسية لبعض الدول الأوروبية التي صدمتها الممارسات الإسرائيلية وعدم القبول بالمبادرات الساعية إلى اعتراف إسرائيل بالوجود السياسي للفلسطينيين بحسب قرار التقسيم للجمعية العمومية والأمم المتحدة .
المتغير الثالث : هذا المتغير – ظهر بعد موقف رئيس حكومة الدولة العبرية بالتجميد المؤقت للاستيطان في لعبة إشغال العالم بهذا الموقف الغير متوقع منه في ظل التوجهات اليمينية المتطرفة وحرف انشغال الموقف العالمي بالموقف الإسرائيلي إلى النظر والترقب للموقف الفلسطيني – سأطرحه بسؤال هل سنشهد على المدى القريب صراعا مسلحا داخل الدولة العبرية بين غلاة المستوطنين والجيش على خلفية هذه التوجهات خاصة بعد التمرد خلال صفوف فرق الجيش الاحتجاج ورفض المشاركة في عمليات الإخلاء أو تمزيق القرارات الصادرة بخصوص وقف البناء من رؤساء مجالس الاستيطان أو دعوة مراكز دينية للجيش بعدم سماع الأوامر والتمرد عليها ؟
وهذا يعتبر من اخطر المتغيرات الداخلية التي قد تحد وبقوة من هامش المناورة لنتنياهو أو التقدم بخطوات لتحريك عملية السلام مع فريق أوسلو لذلك لجأ مباشرة نتنياهو بتشكيل لجنة من الوزير ايهود باراك والوزير بيني بيغن لمراقبة عملية التجميد وحل الإشكاليات المترتبة عليه لتسهيل حياة المستوطنين وإزالة العراقيل بترشيد تطبيق القرار وهذه الظاهرة " التمرد " يخضع للمراقبة والمتابعة من المستوى الأمني والسياسي .
يبقى أمام المقاومة الفلسطينية استغلال تلك الحالة الداخلية للكيان الصهيوني ، والعمل على زيادة حدة التناقض الداخلي ، بتفعيل خيار المقاومة في الضفة الغربية ، والعمل على الخيار الذي لا يرغب بتكراره نتنياهو الانسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية لا ندفع فيه أي ثمن سياسي للدولة العبرية وتستفيد من الوقت .