*رداد السلامي
يتمخض واقعنا الوطني عن أزمات لها جذرها ، الذي تغتذي منه قوتها ، وتحاول هذه الأزمات أن تجد لها تعبيرا مستقلا عن هذا الجذر من خلال عدم اعترافها بان جذر الأزمة الذي نشأت عنه هو سبب وجودها ، فهي حين تعجز عن التفوق في قدرتها على أن تكون على نحو قادر على تغذية أجزاء الصمت بنضاليتها ، تلجأ إلى اختلاق تبريرات وتستعير هويات من أدغال التاريخ لإثبات أنها تختلف عن أجزاءها بكونها ليس منها ، وتبدأ بضخ مخدراتها في مكوناتها "التبرير بهوية مختلفة، ثقافة مختلفة، ذاتية مختلفة " والهدف من ذلك البتر بأي وسيلة كانت ، وهذا منطق يتنافى مع الواقع ، فالثقافة أو الهوية المختلفة ليست مبررا كافيا إن لم نقل حقيقيا من أجل تحقيق هدف التفكيك ، لأن ذلك لن يكون ، وهو أمرا أضحى غير ممكن لأسباب مختلفة ، الأمر يتطلب وعيا بأهمية أن تنضج نضالات الصامتين ويتم تحريك سكونهم كما قلت مررا وذلك يحتاج إلى مراكمة فعل نضالي شعبي واجتماعي واعي ومتحد ، لا تستطيع أي محاولات زعزعته وخلق انقسامات في أوساطه ، لا يعني ذلك أيضا أن ننتظر حتى يتشكل ذلك ، هذا مستحيل لكن البدء في الحركة يعمل على مراكمة ذلك الوعي فيما يظل الناضج مرشدا وقائدا له يستفيد من خبراته وينمي قدرته في أن يكون صلبا واعيا هنا يمكن أن نتجاوز مسألة التبرير بالسكون وعدم النضال ، أما أن يتم الاستثارة بشكل منفعل والتهديد بهوية مختلفة وثقافة مغايرة فهذا خطأ لن يضع الوطن برمته إلا أمام خيارات لن تخدم سوى ذات المنتصرين في سلطة 7-7، عقلاء الوطن وشرفاؤهم يدركون ذلك ، ويعون أهمية أن يراكم النضال في جنوب الوطن نضالا واعيا في كل أجزاءه .
القوى التي جعلت الوطن على هذا النحو تريد ذلك ، وتغذي كل أسباب نشوء حرب أهلية ، تعمل ذلك بكل الطرق المباشرة وغير المباشرة ومن مكمن تمركزها الجغرافي تسعى إلى صناعة حرب خارج ذاتها وبما يمكنها من تصدير تراكماتها على شكل حروب وأزمات ، وكذلك تعميق منطق القوى التقليدية وإرثها المتخلف من خلال ارتكاب أفعال ستؤدي الى تماثل جنوب الوطن مع شماله الغارق فيها حتى أذنيه.
وإذا كانت السلطة لا تعي أن حماية الوحدة يكون بالعودة إلى العهود والمواثيق التي وقعت بين الناس كاتفاقية الوحدة، والدستور اليمني، الذي على أساسه قامت دولة الوحدة، والعودة إلى المصالحة والحوار والتسليم بوجود مصالح للناس وعدم إلغاء شراكتهم في الدولة، فإن تلك هي مشكلتها ، وهي إذ لم تستجب فإن النضال بأرقى أشكاله هو المدخل لاعادة الاعتبار للوحدة وتطبيق اتفاقياتها فالخاسر الوحيد من رفض ذلك هي السلطة ذاتها ، لأنها أضحت فاقدة للشرعية تماما بعد نسفت كل المواثيق والعهود والدستور والقانون .
———————————–
*كاتب وصحفي يمني