في تصريحات له يوم 7 كانون الأول الجاري قال نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي ان: «لقد اتخذنا القرار بإخراج مجاهدين خلق من العراق ولن نسمح ان يبقى هؤلاء في العراق، وسنتخذ إجراءات ضرورية عند استنفاد الفرص, وعملية نقلهم إلى نقرة السلمان هي خطوة على طريق إخراجهم». كما كشف علي الدباغ الناطق باسم الحكومة العراقية في تصريحات أدلى بها عن تمهيدات لارتكاب مجزرة جديدة في مخيم اشرف يوم 15 ديسمبر كانون الأول الجاري.
ومن المعلوم أن منفى نقرة السلمان يقع في صحراء محافظة المثني وفي منطقة قريبة من الحدود السعودية، وكانت تستخدمه الحكومات السابقة لابعاد المحجوزين من السياسيين كمعتقل في منطقة نائية جدا، لا تتوفر فيه ابسط مقومات الحياة الانسانية. وكانت السلطات العراقية قد ألغته اوائل السبعينات من القرن الماضي، إلا أنه يبدو ان حكومة العراق الجديد تريد اعادة استخدامه لتنقيل وتهجير العوائل الساكنة في مخيم اشرف من مجاهدي خلق واسرهم في خطوة يتضح انها تنفيذا لأوامر من طهران!
ان المطالبة بطرد مجاهدي خلق من العراق، وتسليمهم إلى ملالي إيران، ما هو إلا مطلب وأمر من النظام الإيراني إلى أتباعهم في المنطقة الخضراء ببغداد، حيث أن قادة النظام طرحوا هذا الموضوع مرات عديدة. ففي لقاء مع الطالباني في طهران يوم 28 فبراير الماضي طالب خامنئي تنفيذ الاتفاقات المبرمة بين الجانبين بشأن طرد مجاهدي خلق من العراق، كذلك صرّح لاريجاني خلال زيارته الاخيرة للعراق وطالب بصراحة تسليم مجاهدي خلق إلى إيران.
مقاصد حكومة نوري المالكي هذه ليست الاّ محاولة لكسب الامتيازات والرضا والتأييد من النظام الإيراني عشية الانتخابات العراقية القادمة. وفي السابق كان المالكي يدعي ان هدفه من نقل سكان اشرف هو حمايتهم وإبعادهم عن القصف الإيراني!! ولكن اليوم كشف المالكي عن حقيقة نواياه التي تعتبر خطوة في تنفيذ «الاتفاقات المبرمة بين الجانبين»!! حيث يقول: :« إنّ القرار هو إخراجهم من العراق وكما قلنا. ولن نسمح ان يبقى هؤلاء في العراق وسنتخذ إجراءات ضرورية عند استنفاد الفرص وإن عملية تنقيلهم إلى منفى نقرة السلمان هو خطوة على طريق إخراجهم من العراق،) وإدعى المالكي ان وجود مجاهدي خلق في مدينة اشرف له مخاطر كبيرة نتيجة علاقاتهم التاريخية مع بعض المجموعات في المنطقة والقوى السياسية ولاسيما بقايا النظام السابق والقاعدة منهم , لذلك فان القرار بالنقل هو مرحلي. وحين سُئل المالكي عن الموقف من قرار مجلس محافظة المثنى الذي يقع منفى نقرة السلمان الشهير فيه برفض قبول نقل لاجئي أشرف الى اراضي المحافظة، قال المالكي: (اعتقد لا داعي لقرار مجلس محافظة المثنى ولان المحافظة جزء من العراق الذي تتحمل كل محافظاته مسؤولياتها عن أي تحد».
إن الجريمة التي تريد حكومة المالكي الإقدام عليها، في محاولة لإرضاء الأسياد في طهران، ولمعاونة النظام الإيراني الغارق في أزماته الداخلية والدوليةوالذي هو بحاجة ماسة لهذه الخطوة الإجرامية.
ولاتتردد اطراف حكومة المالكي من فبركة وصناعة الاكاذيب بهدف ترويج مشروعها بابعاد لاجئي اشرف من خلال التصريحات التي يطلقها اركان هذه السلطة، فقد شاهدنا تصريحات (حسن سلمان) العميل المعروف للنظام الإيراني الذي وجّه تهماً مفبركة لمجاهدي خلق في مقابلة اجرتها معه قناة العراقية الرسمية ويتهم المجاهدين بانهم متورطون في تفجيرات بغداد يوم الثلاثاء الماضي!!! حيث يقول: «وكان آخر هذا المسلسل هو التهديد الذي وجه من قبل منظمة اتهمت بالارهاب، منذ وقت طويل، هي مجاهدي خلق، الى رئيس هيئة امناء شبكة الاعلام العراقي الدكتور حسن سلمان. … وقد طلبت هيئة الأمناء من الدائرة القانونية في الشبكة اقامة دعوى قضائية ضد المنظمة، …
ما تريد حكومة المالكي الاقدام عليه باجبار ساكني اشرف على الانتقال عنوة وبالتهديد وبقوة السلاح الى نقرة السلمان على الحدود السعودية اقصى غرب العراق، تشكل جريمة ابادة وجريمة ضد الانسانية تخالف مواثيق جنيف لحقوق الانسان، وهذا ما استدعى الدكتور آلخو فيدال كوادراس نائب رئيس البرلمان الأوروبي الى توجيه رسالة تحذير الى نوري المالكي جاء فيها: «كما نحذرك من أية عملية نقل أو تهجير قسري لسكّان أشرف لأتها بلا شك سوف توقع قتلى وجرحى وخسائر بعشرات الأضعاف عما أوقعته أحداث يومي 28 و29 تموز (يوليو) الماضي،، تلبية لأوامر مباشرة تلقتها القوات المهاجمة مباشرة من الفاشية الدينية الحاكمة في إيران وقوة «القدس» ووزارة المخابرات التابعتين لها.» وأضاف في رسالته «وحاليًا هناك محكمة بصلاحيات دولية تؤكد أن الحكومة العراقية قد انتهكت حقوق سكان مخيم أشرف. فبذلك على سيادتكم أن تثق بأن مواصلة قمع سكان أشرف خاصة الاستمرار في محاصرتهم والعمل على نقلهم وتهجيرهم قسرًا وبقوة سوف تثير ردود فعل وكراهية دولية وإقليمية بعشرات الأضعاف عما أثارته أحداث تموز (يوليو) الماضي مما لن تتمكن المعونات السخية المقدمة من قبل الفاشية الدينية الحاكمة في إيران من التعويض عنه أكيدًا.»
إن المطلوب من جميع الحكومات التي تحترم حقوق الانسان وحق تقرير المصير، وكل المنظمات المعنية بحقوق الانسان، ومنظمة الصليب الاحمر والعفو الدولية ومفوضية حقوق الانسان بالامم المتحدة وكل احرار العالم سرعة المبادرة لاستنكار هذا العمل الاجرامي الذي تعتزم حكومة المالكي الاقدام عليه تنفيذا لاوامر اسيادها في طهران، والعمل الجاد والسريع لوقفه لأن تنفيذه يعني وقوع مجزرة جديدة في مخيم اشرف وسقوط اعداد كبيرة من الضحايا ولأن مجاهدي خلق لايمكن ان يرضخوا بسهولة لمثل هذه المؤامرة وهذا القرار الجائر الذي يشكل جريمة ضد الانسانية توجب محاسبة ومحاكمة ومعاقبة مرتكبيها وفقا لقوانين ومعاهدات جنيف الخاصة باسرى الحرب وضحايا المنازعات المسلحة واللاجئين العزل، وقواعد القانون الدولي الانساني.