أرشيف - غير مصنف
جمعية فلسطينية تكسر حاجز الصمت عن تجارة البغاء في فلسطين
بعد نحو عام ونصف العام من أعداده، وجد تقرير حول الاتجار بالنساء والفتيات الفلسطينيات والبغاء القسري أعدته جمعية فلسطينية، طريقه للنشر لتكسر حاجز الصمت عن واحدة من أكبر المحرمات في مجتمع محافظ يخوض نضالا للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي.
ونشرت المؤسسة الأهلية الفلسطينية سوا "كل النساء معا اليوم وغدا" التي تتخذ من القدس ورام الله مقراً لها قبل أيام التقرير على موقعها الالكتروني، تحت عنوان "الاتجار بالنساء والبغاء القسري بين الفتيات والنساء الفلسطينيات: نماذج لعبودية العصر"، وعرضت خلاله نموذجاً لست ست دراسات حالة اثنتان منها لأبوين باعا ابنتيهما، وثلاث حالات لممارسي الاتجار، وحالة لامرأة تعمل في البغاء.
وقال المستشار في الجمعية مفوض العلاقات العامة فيها جلال خضر ليونايتد برس انترناشونال ،إن التقرير المختصر والذي جاء في 26 صفحة، أعد في يونيو / حزيران 2008، وتم نشره قبل أيام، عازياً التأخير إلى جدل كبير استمر لكون الحديث يدور عن واحدة من أكبر المحرمات في الساحة الفلسطينية وبسبب الخشية من ردود الفعل.
وقال ان الحديث عن البغاء القسري والاتجار بالنساء في الأراضي الفلسطينية يعد أمرا غير مقبول في مجتمع محافظ يخوض نضالا من أجل التخلص من الاحتلال الإسرائيلي، بالرغم من أن سجلات الشرطة وثقت على مدار السنوات عشرات حالات البغاء والزنا.
وبدا أن الخوف الذي أدى لتأخير إصدار التقرير لا داعي له، فكل ردود الفعل التي تلقتها الجمعية بحسب خضر لم تكن انفعالية ولم يكن ضمنها أي تجريح أو تهديد كما كان متوقعاً.
وقال خضر إن التقرير هدف إلى تسليط الضوء على ظاهرة طالما لجأ الكثيرون على إخفائها وتجاهلها، موضحاً أن هذه الدراسة المختصرة كانت بمثابة قياس لرد الفعل ومرحلة أولى لدراسة أوسع وأشمل لدراسة الظاهرة وحجمها وأسبابها وسبل معالجتها.
وأبدى استعداد الجمعية لاستكمال دورها في إعداد مثل هذا التقرير، رغم الجهد والوقت الكبير الذي بذل في إعداد الدراسة الأولى والظروف الصعبة التي أعد فيها بما في ذلك الوصول للحالات التي تم استعراضها والتي رأى أنها وجدت فرصة للحديث عن واقع أكرهت عليه.
واستعرض التقرير مساهمات وشهادات تم جمعها من أشخاص مطلعين "أصحاب فنادق، ومسؤولين في الشرطة، ونساء تم الاتجار بهن، وسائقي سيارات أجرة" من خلال مقابلات أجريت خلال النصف الأول من عام 2008، وتضمنت تحليلاً مبدئياً غير مسبوق لقضية الاتجار بالنساء والبغاء القسري في الأرض الفلسطينية.
وركز التقرير على مسارات الاتجار المحتملة: من إسرائيل إلى الضفة الغربية، ومن الضفة الغربية إلى إسرائيل والقدس الشرقية، وداخل الضفة الغربية، ومن قطاع غزة إلى إسرائيل دون أن يوضح متى جلبت فتيات غزة وهل كان ذلك قبل فرض الحصار أو بعده.
وجاء نشر التقرير بحسب ما أوضح خضر في إطار "حملة الـ16 يوماً العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة،" التي ينفذها صندوق المرأة في الأمم المتحدة "يونيفيم" في الأرض الفلسطينية ، وذلك لإبراز "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ينطوي عليها كل من الاتجار بالبشر والبغاء".
وأوضح التقرير أنه حسب دراسات الحالات التي عرضها فإن غالبية الضحايا في أوائل العشرينيات من العمر، وأن معظمهن طالبات جامعيات، وسبق وأن تعرضن لإساءة وعنف من قبل عائلاتهن وخاصة الآباء وبعضهن أجبرن على الزواج ومنهن من تركن التعليم في سن مبكرة.
وبين التقرير أن "غياب الأمان الاقتصادي وارتفاع مستويات البطالة والفقر تلعب دورا رئيسيا في دفع الفتيات والنساء لممارسة البغاء أو جعلهن معرضات بشدة للاستغلال".
وقال إن "النساء اللواتي يمارسن الاتجار هن متزوجات ويعرف أزواجهن وعائلاتهن بطبيعة عملهن، ومستوى تعليمهن منخفض، ومعظمهن سبق وأن عملن في البغاء قبل أن يتحولن إلى قوادات، والعديد من النساء اللواتي يعملن لصالح هؤلاء من المتوقع أن يتحولن إلى ممارسة الاتجار مستقبلا".
ومن ضمن الحالات التي عرضها التقرير قصة رجل من طولكرم في الضفة الغربية باع ابنتيه "تتراوح اعمارهما بين 13 و 14 سنة " الى اخوين "16 و 17 سنة " من رام الله مقابل مبلغ مالي 1150 دينارا اردنيا "1620 دولارا" في عام 2006.وتم ابلاغ السلطة الفلسطينية في وقت لاحق حيث وجد انه تم نقل احداهما الى المستشفى بسبب نزيف حاد وتبين انها حامل.بعدها تم اعتقال الاخوين وحكم عليهما بالسجن لمدة شهر فقط ثم اغلقت هذه القضية من دون وجود الفتاتين في المحكمة التي اعبترت انهن متزوجتين من الاخوين وفقا للتقرير.
وتحدث التقرير عن فندق في البلدة القديمة من القدس واجه أزمة مالية قبل أعوام، فلجأ إلى تجارة البغاء ليوفر دخلاً إضافياً، لافتاً إلى أنه جلب 14 فتاة وامرأة تتراوح أعمارهن بين 14 – 28 عاماً فيما الزبائن هم من القدس وأفراد السلطة الفلسطينية، وتستوفي "المدام" 200 شيكل نظير استخدام الغرفة، فيما تحدد المرأة بنفسها المبلغ نظير إقامة علاقة معها حسب جمالها.
واللافت أن القدس الشرقية الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية تمثل محوراً لعمل الدعارة حيث تتجه إليها النساء من الضفة الغربية.
ويقول خضر إن سبب ذلك يعود إلى أن السلطة لا تستطيع الوصول إلى القدس الشرقية وهو ما يسهل هذا الأمر.
ويؤكد أن التقرير يهدف في المحصلة إلى زيادة الوعي لدى المسؤولين إزاء هذه الظاهرة بما يضمن سن تشريعات لوضع حد لظاهرة البغاء القسري والاتجار بالنساء وتوفير بيوت آمنة للضحايا اللواتي يتعرضن للاستغلال .
وبالرغم من أن الإعلامي الفلسطيني علي البطة يؤكد أنه لا مفر من الإقرار بحقيقة وجود البغاء في المجتمعات، كأقدم مهنة في التاريخ وأرذلها إلا أنه يتساءل عن دوافع جمعية "سوا" من إعداد هذا التقرير.
وقال ليونايتد برس انترناشونال "هل تريد مجتمعا فلسطينيا نظيفا خاليا من الفساد والانحراف "؟ إنني أشكك في نوايا القائمين على التقرير ومراميهم" .
وأضاف "لعل الأسباب التي تدفع النساء إلى الانحراف معروفة للجميع عالمياً ، لكن في حالتنا الفلسطينية تضاف لها أسباب يصنعها صانع بخبث لتدمير المجتمع الفلسطيني عبر تفكيك الأسر الفلسطينية بشتى الطرق والأساليب" .
وتابع "أخشى اليوم أن يكون تقرير "سوا" عن الاتجار بالنساء في فلسطين ليس البكاء على المرأة الفلسطينية وعفتها ، بقدر ما سيكون اللبنة الأولى لصناعة فساد مشرعن بقوانين تحمي البغاء وتنتظمه في أماكن خاصة تحميه السلطات وفق قانون" .
واستبعد ما تحدث عنه التقرير عن التجارة بالنساء قائلاً " استبعد أن يكون بين الفلسطينيين رجل او امرأة حتى لو كانوا بغاة يرمون بفلذات أكبادهم الى الانحراف".