لماذا الرئيس الفلسطيني محمود عباس ( أبو مازن ) ؟؟؟

محمود عبد اللطيف قيسي

 
يعتبر الرئيس الفلسطيني من أكثر الشخصيات القيادية العالمية التي تعرضت لحرب مسعورة شنت وما تزال عليه من قبل أجهزة الموساد والشين بيت الإسرائيليين ، ومن أجهزة وأذرع خائبة عميلة متكافلة ومتضامنة معها ، حتى أنها فاقت بنوعيتها وكميتها وأهدافها تلك التي تعرض لها الرئيس الفلسطيني الراحل الشهيد ياسر عرفات ، وذلك لظن الإسرائيليين الّذين سبق وأن تخلصوا منه بسبب ثبات مواقفه السياسية والوطنيه ووضوحها ، أنّ الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) باق وثابت على هديه القومي النضالي وخطه الوطني الثوري ، المؤمن بالنضال والتحدي بمفاهيمه المتعددة والتي من بينها النضال السياسي لتوافقه مع طبيعة المرحلة التي أفقدت الفلسطينيين بعض القوة بإدارة الصراع بعد كل الإرهاصات التي حدثت نتيجة تفكك الإتحاد السوفييتى وحرب الخليج الثانية ، وبروز الأمريكي الداعم القوي لإسرائيل كقطب أوحد يدير العالم ، وانعكاس كل ذلك على مسيرة الثورة الفلسطينية وخياراتها ، وعلى الإنتفاضة الفلسطينية وسكونها قبل انطفاء شعلتها ، بفعل الموقف السلبي من قبل المتعاطفين معها بخجل ، أو الداعمين لها بشح ، ومن قبل النظارة المتفرجين بتمتع أو بعدم مبالاة على معاناة الفلسطينيين المتواصلة ( كشاهد ما شافش حاجة ) ، حيث قناعة الطرف الإسرائيلي من مستوطنين وعسكر وأجهزة اسخباراتية وأذرعها العميلة المتصهينة ، أنه ومن خلال نبوغه واقتداره السياسي وإصراره على الحقوق والثوابت الفلسطينية ، وتمكنه من إدارة اللعبة التفاوضية بفن ووعي وإصرار ، بات يشكل خطرا حقيقيا على وجود وبقاء دولة إسرائيل ، وعلى خطتها بنقل الدولة السرطانية التي تربعت فوق أرض فلسطين بفعل المؤامرة الكبرى متعددة الأطراف ومتشعبة الخيوط ، من دولة قومية تشهد العنصرية يوميا ضد غير اليهودي ، وتسجلها صفحات خزي وعار حتى على صفحات الأمم المتحدة التي اعتبرت يوما بقرار أنّ الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية ، إلى دولة يهودية عنصرية فاشية طاردة لكل المكونات الأخرى للدولة الكيان ، وتحديدا لطرد السكان العرب أصحاب الحق السياسي في الدولة والحكم ، وأصحاب السيادة الشرعية على الأرض والوطن إلى خارج فلسطين ، متمنية الموافقة من الأعمى الدولي الفاقد لأذرع العادل ، والتبريكات من البعض الأطرش العربي الراقد بسلام على وسادات صانعي النووي لتأديب العربي ،  والطأطأة من البعض الفلسطيني المتذاكي المكتفي بدولة ظبابية وهدنة طويلة الأجل لتأكل الأـخضر واليابس ، بعد إن انتقل حلما وخداعا من موزع للمساعدات الغذائية وأموال الزكاة ، التي رهن تسليمها للفقراء بموافقتهم على تسليمهم خياراتهم لحركته ، إلى لاعب سياسي بالكرة واللباس والصافرة غير الفلسطينية ، موافق بالكلية على تسليم القرار الوطني الفلسطيني لمرسلي المال السياسي المشروط ، والسلاح والرصاص الغادر المرسل لغزة للاجتثاث لا للتحرير  .
 
 
 إنّ جميع حركات التحرر العالمية وحتى تضمن الإستمرارية والنجاح لتحقيق الانتصار المحدد الأهداف ، وازنت دائما بين خياراتها السياسية من خلال جناحها السياسي الذي يقوده أخيار وطنيين بطبيعة الحال الوطنية الذاتية ، والعامة المصيرية ، والعليا الوطنية ، الّذين يوازون الرصاصة بفاعليتها ، أو يتفوقون عليها لما للفكر والقلم والكلمة من قوة نافذة في قلوب الآخرين ، أوكأشرار من وجهة نظر الغير قاصري النظر والرؤية  ممن تعودوا وضع رأسهم بين أياديهم منتظرين دائما الفعل التصفوي ، أو من المبرمجين من الذات الخبيثة المعادية للوطن والحقوق والشعب ، أو من المتخاذل المعادي للأمال والتطلعات والمصلحة العليا الوطنية ، الظان أنه اللاعب في المعركة أو الراقص الوحيد وسط العتمة ، أو من وجهة نظر المجموع المتصهين المحاولين نقل الميكروب والفيروس اليهودي الصهيوني للجسم العربي ، لخوف الإرهابي الصهيوني القاتل دائما من الخصم الفلسطيني أن يتقن اللعبة السياسية ويمارسها ، فينطلق عزيزا مؤزرا شامخا بسماء وطنه عازفا لحن الحرية ، مجبرا العالم على إعادة صياغة التاريخ الذي لن تكتمل حقيقته إلا بالدولة الفلسطينية ، التي قيامها بات خطرا حقيقيا على كل من الصهيوني والمتصهين الخائف والمتوقع قرب أفول دولته واندثار فكره ، وسلاما على الشعب اليهودي الفلسطيني إن رغب بالعيش بسلام مع العرب الفلسطينيين .
 
 
كما ولتضمن كل الحركات الثورية الناضجة الفكر والمكتملة التكوين النجاح والاستمرارية ، توازي جيدا بين خيارها السياسي وبين  خيارها الأساسي بالنضال والقوة العسكرية من خلال جناحها العسكري اليد العليا ، الذي يقوده الأخيار المناضلين من وجهة نظر الجميع الوطنية ، وهو بطبيعة الحال الطريق الأسلم لحفظ الذات والسمعة الوطنية من أن تخدش ، وبين الجناحين القويين كما هو المفروض دائما رأس السلطة السياسية أو الهرم النضالي الذي يتحمل الأذى من كافة الأطراف المعادية ، وهو في الحالة الفلسطينية منظمة التحرير الفلسطينية بأجهزتها وأذرعها المختلفة ، التي وإن نجحت بتشكيل دائرتها السياسية كجهاز حددت له الأهداف والمسلكيات وبعض الخطوط  للمساعدة بالتحرك السياسي الداعم للعسكري النضالي ، إلا أنها لم تمارس العمل والاتصال السياسي الكبير مع مجموعة داعمي المحتل الإسرائيلي تحديدا لخلق حالة عامة توصلهم  لتفهم الحكاية الفلسطينية ، وضرورة وضع حد لها ولمعاناة شعبها من خلال تمكينه من حقوقه وثوابته ، ومما عوضّ عن تقصيرها مع بدايات العمل النضالي الفلسطيني هو ذات الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، الذي نجح وتفنن في إدارة كل الملفات لحركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية ، فتنبهت لمقدرته ونبوغه إسرائيل التي ساءها النبوغ الفلسطيني الذي أجهز على وصفها للفلسطينيين بالمخربين والإرهابيين ، فقررت أخيرا التخلص منه وكان لها ما أرادت خريف العام 2004م ، وعلى هديه وخطاه في هذه المرحلة المصيرية وبعد هذا المنعطف الخطير يحاول خليفته الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) المقتدر المبدع إدارة الصراع على ذات المنهج والأهداف وبنفس الطريقة مع تغير بسيط  في الأسلوب ، إلا أنّ دولة إسرائيل الكيان وأجهزتها المتخصصة الذاتية والعميلة تنبهت لخطورته ونجاحه بتجاوز المرحلة ، ولممارسته بنجاح النضال السياسي على بقائها وخطتها بتهويد القدس ودولتها ، فأخذت قرارها بالتخلص منه سريعا قبل أن يتمكن من تحقيق غاياته وأهدافه ، ووسيلتها في هذه المرحلة بعض الرأي العام العميل الذي صنعته وشكلته بتنسيق مع مكاتبها المتخصصة بالحرب النفسية المنتشرة في أكثر دول العالم وفي فلسطين ذاتها ، المعادي له ولتطلعات وآمال وحق شعبه بالحرية الاستقلال .
 
 
 وكثيرة هي الأمثلة الثورية النضالية التي يحظر على الفلسطينيين الإلتفات إليها للتعلم من تجاربها ومسيرتها ، مع أنهم علّموا العديد من الشعوب العربية والعالمية الكثير من معاني الوطنية النضالية الثورية ، كما هم تعلموا من غيرهم ذات المعاني مثل الثورة الفيتنامية والجزائرية والكوبية والإيرلندية ، والتي نجحت جميعها وحققت لشعبها الإنتصار والدولة بجناحيها المتمازجين المتكاملين اللذين حصدا الدعم من الجماهير المعنية المالكة لإرادتها إنطلاقا من ثوابتها وثقافتها ، الواثقة كل الثقة بقادتها ، فلا الجناح العسكري وصف بالخارق الوطني ، ولا الجناح السياسي وصم بالخائن العميل وإلا لسقطت الطائرة .
 
 
ومن الأمثلة الأقرب التي اصطدمت بالشعب الفلسطيني ولم يلتفت إلى أساليبها بالعمل وإدارة الصراع معه منذ ما قبل صنع نكبته وحتى اليوم ، هي الحركات الصهيونية السياسية والعسكرية ذاتها ، التي نسقت أعمالها السياسية والعسكرية تحت اسم الحركة ( الوكالة ) الصهيونية العالمية ، التي كان عمودها ورأس حربتها الصهيوني تيودور هرتزل ، الذي إن زار موطنه النمسا أو بلاد بريطانيا أو روسيا أو تركيا أو أمريكا ، كان وبقي في نظر شعبه اللمم من أقطار شتى البطل والأسطورة القومية ، ما دام كان يسعى لتأمين الموافقة الدولية على وعد بلفور البريطاني القاضي بإقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين ، دون أن يتعرض هو أو تلك المنظمات الصهيونية العاملة في المجالين أو بأحدهما ، أو تلك المنطلقة من دول الشرق الشيوعي والاشتراكي أو من دول الغرب الأوروبي والأمريكي للتخوين من الآخر اليهودي الصهيوني ، لأن الحكم والسيطرة وحب التعطيل والانتقام لم تكن من ضمن أولوياتها ، على عكس الحركة الوطنية الفلسطينة المنقسمة بالتعامل والنظرة للآخر ، الراغبة بكل مكوناتها بالقيادة وإن بالدوس على أكتاف الآخر ، أو بالتخلص منهم بالقتل بعد التخوين ، فقد كان الفشل الذي سجل سابقا على الحركة الوطنية الفلسطينية هو عدم قيامها أو تمكنها من الاتصال مع جميع دول العالم وعلى رأسها العالم الغربي لشرح القضية الفلسطينية ومخاطر الحلم الصهيوني عليها ، الخطأ السياسي الكبير الذي كان سببا رئيسيا في نجاح الحركة الصهيونية بالحصول أولا على وعد بلفور ، ثم حصولها على قرار التقسيم 1947م بظل غياب عربي وفلسطيني في أروقة عصبة الأمم ، ثم على قرار إعلان دولة إسرائيل من ذات العصابة وسرعة الاعتراف الدولي بها ، والسبب الرئيس والمهم أيضا في صنع النكبة والقضية الفلسطينية ، وخلق حالة التشتت الفلسطيني ، بتاريخ نسي الكثير من المزاودين الخونة والمرجفين المتصهينين المهاجمين لقيادات الإبداع والنضال الفلسطيني تاريخه  .
 
 
لقد عانى الشعب الفلسطيني كثيرا وطويلا بسبب التداخلات الذاتية والدولية والإقليمية ، وبسبب ظروف النكبة الفلسطينية وظروف التشتت في الشتات من عدم نضوج بالثقافة الوطنية ، حيث ممارسة البعض لمرض القمع الفكري السياسي وحتى الثوري ضد الآخر الفلسطيني ، حتى تم تشكيل وترسيخ رأي عام فلسطيني مؤيد بنظرته الوطنية فقط  للجناح العسكري لتوافقه مع التنشأة الدينية ، والرافض للجناح السياسي خاصة بفرعه التفاوضي لإمكانية الاتصال مع العدو الإسرائيلي الذي بقي من المحذورات رغم ضروراته الوطنية ، والذي نشأ حديثا منذ العام 1974م بعد غصن الزيتون الأخضر الذي رفعه الشهيد الحي ياسر عرفات ، وتوضح جيدا بعد حرب الخليج الثانية بعد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط  بفعل النضال الذاتي والابداع السياسي لمجموعة رائدة مبدعة من حركة فتح بطلب وتأييد من الرمز ياسر عرفات ، الذي قاد بنفسه منذ الانطلاقة وحتى استشهاده الجناحين المتكاملين الثوري النضالي العسكري المقاوم والسياسي ( الاتصال والتفاوض ) المقاوم ، والذي قـُبل ومنهجه وبرنامجه السياسي بعد أن أثبت مصداقيته وثبتت رمزيته  ، وفـُعلت إرادته التي مثلت المصلحة الوطنية العليا والإرادة الجماهيرية ، والتي قبلها الجميع الفلسطيني  موافقا عليها بأكثريته ، أو مرغما على قبولها بأقليته ومعارضيه .
 
 
كما أنّ الرئيس الفلسطيني أبو مازن الذي قاد المسيرة الفلسطينية بعد استشهاد سلفه وإرهاصتها ، وبعد بروز خلافات فتحاوية داخلية  كادت تطيح بالجسم الفتحاوي ، ولطبيعة المرحلة التي حشر الفلسطينيين بها بعد سنوات نضال مريرة وطويلة مع العدو الإسرائيلي ، والتي لم تخلوا من مطبات وعراقيل ابتدعها ووضعها أمامه وأمام شعبه لمنعهم من الوصول لحقوقهم وثوابتهم ،  نجح في تخطي المرحلة مع صعوبتها وإن نجح الإسرائيلي برسم جزء من معالمها ، والتي كادت تطيح بالحلم الفلسطيني بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس بنتيجة للتسويفات الإسرائيلية ، واللاءات من الآخر الفلسطيني الذي اقتنع بشبه دولة في غزة وأقنع نفسه وغيره الداعم الأرعن أنها المثلى والأمل ، حتى اقتنع ذات الأحمق الإسرائيلي أنها الحق المستحق فقط للجميع الفلسطيني ، فعمل جاهدا بعد إخراج غزة من معادلة الصمود والتحدي والنضال الفلسطيني بإرادة الإنقلابيين ، ورغم أنف البسطاء أو المكبلين المقهورين ، على محاولة شطب فلسطين الشرقية من القاموس السياسي والجغرافي الفلسطيني وإخراج القدس من عروبيتها وإسلاميتها وفلسطينيتها ، وعلى محاولة إخراج الرئيس الفلسطيني من المجموع الفلسطيني لظنه إن نجح بذلك ستفنى القضية بعد أن يكفر الشعب بقيادييه وينتهي عصر الرموز الفلسطينية .
 
 
 وبعد تأكد الإسرائيلي من فشل أجندته ضد الوجود والحقوق الفلسطينية ، بعد انكشاف الدور الإسرائيلي والعميل الرديف الهادف للإساءة للشعب الفلسطيني وثوابته ورموزه ، وبعد تأكده من ثبات ووضوح موقف القيادة الفلسطينية الشرعية بالدولة الفلسطينية الواحدة الموحدة بعاصمتها القدس وحدودها الدائمة ، ومن حقيقة التفاف الشعب الفلسطيني حول قيادته بفعل الوعي السياسي الفلسطيني الإيجابي والمتطور ، وبعد النجاح الذي سجل من خلال الموقف الأوروبي المتقدم المطالب بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس ، وبعد قرب تفكك اللوبي الإسرائيلي ( الإيباك ) المطالب بيهودية دولة إسرائيل الكيان وبشطب القضية الفلسطينية من الوجود والتاريخ ، وبروز لوبي يهودي جديد ( جي ستريت ) مطالب بتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه ، ليقينه أنّ دولة إسرائيل الكيان حتما إلى زوال ، وأنّ شعبها الإسرائيلي حتما سيفنى إن لم تقم الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ، وبعد يقينه باستحالة شطب القضية والقيادة الفلسطينية الشرعية عبأ الإسرائيلي مسدساته وشحذ إلستنته ، كما عبأ مسدسات غيره العميل وشحذ ألسنتهم تحضيرا لمعركة قادمة مع الحق والجبار الفلسطيني ، بدأت نذرها تتوضح بالهجوم المسعور من الكلاب والضباع الضالة المهاجمة بأمر الصهيونية للجسم والقائد الفلسطيني ، بمحاولة ومعركة تدل كل المؤشرات أنها ستكون الأخيرة ، قبل أن تقام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ويرفع شبل من أشبالها أو زهرة من زهراتها علم فلسطين فوق أسوارها ومآذنها وكنائسها ، فيزول الجدار  ويندحر ويكنس الإحتلال والمستوطنين ، ويرتد سهم العملاء والمأجورين إلى نحورهم  .
 
Alqaisi_jothor2000@yahoo.com
Exit mobile version