انتهاك الحقوق لا يشمل سكان اشرف وحسب وانما يشمل كل العراقيين

عبد الكريم عبد الله

 
abdollah1950@gmail.com
 
لم يقتصر انتهاك حقوق الانسان في العراق من قبل حكومة المالكي على خصومها المذهبيين والسياسيين من السنة بشكل خاص ومن اعداء من تواليهم واعني هنا منظمة مجاهدي خلق التي تقاوم بشراسة وجود النظام الايراني وتسعى الى الاطاحة به، ولكن ليس من خلال مخيم عناصرها اللاجئين الى العراق والساكنين في اشرف، فهؤلاء لا يملكون حولاً ولا طولاً فلا سلاح لديهم ولا يحق لهم مغادرة المخيم شبرًا واحدًا، لكن مجرد وجودهم يشكل خنجرًا في خاصرة النظام الايراني واملاً لكل الايرانيين من رافضي ومقاومي ومحاربي ولاية الفقيه على درب الحرية.
 
الحكومة العراقية اذن مبينة على مبدأ انتهاك حقوق الانسان لمجرد انه يحمل راياً آخر ولا يسير في الاطار او على الخط الذي تريد و من يقرأ اخبار البصرة هذه الايام يستغرب كثرة الجرائم التي تستهدف المواطنين الابرياء، فيوم امس مثلا قرات عن عثور الشرطة على قتيل في ساحة سعد وهي اشهر ساحات البصرة واكثرها روادًا، وعن جثة امراة طعنت بالسكاكين حتى الموت، وعن العثور على خمسة عشر جثة في يومين في مناطق متفرقة من البصرة.
 
البصرة ثغر العراق الباسم، لكنه لم يعد باسما امام هذه الصور والحقائق.. هذه المدينة البقرة الحلوب التي رأسها في البصرة وضلعها في بغداد والتي بات يحلب منها من يحلب من اللصوص ومدعي الانتماءات السياسية كغطاء لحقيقة لصوصيتهم وهوياتهم الاجرامية خيرات أهل العراق التي تذهب في حسابات لصوص المصارف وسراق المال العام بعد ان جفّ حليبها بفعل السرقات التي قامت بها ميليشيات الجار السيء صارت نطعًا للابرياء ولم يعد ثمة من يامن ان يحمل مبلغاً ولو بسيطاً من المال فقد عادت العصابات الى ايام ما قبل صولة الفرسان من جديد.
 
ها هو النفط يهرب عياناً بياناً (ولابد من ان ذلك يتم بدعم ذي نفوذ) من نقطة ابو فلوس الى عبادان ليباع الى مافيات طهران بأبخس الاثمان .. برميل النفط في الاسواق العالمية تجاوز المائة دولار للبرميل (هبط الان الى سبعين او اعلى قليلاً) بينما يبيعه باشوات الميليشيات الى مموليهم واولياء امرهم عبر شط العرب بـ35 دولارًا او اقل والحكومة لا تدري شيئاً عما يجري في ثغر العراق الدامي، وتلك هي المصيبة وكما قال محمد بن ابي بكر (رض) لعثمان (رض) ان كنت تدري فتلك مصيبة وان كنت لا تدري فالمصيبة اعظم.
 
البصرة مستباحة من جديد على يد نفس العصابات ونفس الوجوه التي خرجت من اوكارها وعادت من منافيها وطلعت من سجونها.. قطعان ذئاب مسعورة تدور شوارع البصرة وتمعن بالمواطنين قتلاً وخطفاً وسلباً للأرواح والسيارات.. وبالامس نقلت الاخبار الواقعة التالية:
 
قتل شخص كان يحمل مبلغاً كبيرًا حينما استوقفه قتلة يحملون مسدسات مزودة بكواتم الصوت ومعه اولاده الثلاثة فاطلقوا عليهم النار وهربوا بالمبلغ ظناً منهم انهم اجهزوا على الاربعة ولكن احدهم بقي على قيد الحياة مع انه اصيب بجروح بليغة نقل على اثرها للمستشفى وتم اجراء عملية جراحية لانقاذ حياته ووضع في العناية المركزية مما اثار قلق القتله خشية افتضاحهم فأوكلوا الى احد اعضاء عصابتهم التكفل بالامر وانهاء حياة الناجي الوحيد بالتظاهر بالمرض وايجاد الفرصة للأجهاز على الجريح حال وجوده بالمستشفى ولكن افتضاح هدفه انقذ الجريح من موت محقق .. وهذه طريقة لا تدل على ان القتلة هواة بل هم محترفون وعلى مستوى عال من التخطيط ..
 
لقد روع المجتمع البصري المشهور بالدماثة والطيبة وحسن المعشر بظهور الجثث الملقاة في الشوارع والمزابل وعليها اثار الرصاص من جديد وعادت العصابات المنظمة تعيث فسادًا دون خوف.. أناس غرباء تمامًا عن البصرة وماضيها وشهرة سكانها بطيبة قلوبهم فليس هناك بصري مهما تلوث عنصره يمكن ان يمدّ يده بالاذى الى أخيه، لكن دعاة الفتنة والحقد حرضت فاقدي الضمير للتعرض لاهل البصرة قتلاً وتهجيرًا عندما استبيحت المساجد والجوامع وجرى قتل المصلين وشاع الارهاب تحت شعار الدين والمذهب .. البصرة استبيحت مرارًا وتكرارًا ولازالت مهيضة الجناح فهي مهملة يلاقي اهلها عنتا في استمرارهم على قيد الحياة والعيش دون الكفاف حتى؟؟
 
اما الحكومة المحلية فقد افتتحت عهدها بتجفيف ينابيع الثقافة والفن البصري فاحد نواب المحافظ وهو (روزخون معروف) افتتح عهده الميمون بالغاء فرقة الفنون الشعبية البصرية العريقة والتي هي من معالم الفن البصري الاصيل وطلب اخلاء مقرها ونحن جميعاً نعرف ان اهل البصرة اصحاب ثقافة وفن وحب للحياة وان البصرة هي عاصمة الثقافة العراقية (صرح مفيد الجزائري رئيس لجنة الثقافة في مجلس النواب امس الاول وهو يزور البصرة – ان الثقافة العراقية في حال لا تحسد عليه فهل كان يعلم بموقف الروزخون نائب المحافظ) .. حيث اشتهرت فرق شعبية كثيره مثل فرقة ابو الخصيب والفاو وابوعوف وابو دلم والدانه وكلها تمثل فناً رفيعًا توارثوه على مرّ الاجيال.. العراق ليس غيره ولن يكون مهما حاولوا طمس معالمه واغراقه في مستنقعات الجهل والظلامية وكلما أمعنوا في تدميرهم للشخصية العراقية عامة والبصرية بشكل خاص ازداد تعلق العراقيون واهل البصرة بهويتهم ونضالهم للحفاظ عليها وثغر العراق الباسم لابد ان يسترد ابتسامته مهما طال الزمن وكبرت المعاناه.
Exit mobile version