صواريخ الديمقراطية الاوروبية في مواجهة المآذن الاسلامية..
حسين مروة
برزت مؤخراً مسألة المآذن في أوروبا فكان وقع أهلتها المرتفعة على مواطني هذة القارة كوقع الصواريخ المنصوبة إستعداداً لحرب وشيكة.."اقلها هذا ما صورته الحملة الإعلامية في سويسرا قبيل الاستفتاء الذي حصل مؤخراً " لقد إرتفعت المآذن يوماً في اوروبا بهدوء وبين ابنيتها التي إحتضنت المهاجرين خاصة في سويسرا..هذا البلد الذي ُتضرب الامثال بعراقة ديمقراطيته..
حصل الاستفتاء وانتهى الامر..!! وجاءت النتيجة كما لم تشتهي اشرعة المسلمين في أوروبا .
لكن هل يجب علينا ان نكتفي بتتبع الاستفتاءات الوشيكة التي يمكن ان تتكرر في اكثر من دولة أوروبية من الان فصاعداً دون ان نسارع الى تمتين العلاقة في ما بيننا أولاً لردم الهوّة بين المسلمين ومن ثم بيننا وبين أهل هذة البلاد التي رحبت بنا على اساس العدالة والمساواة..؟هذة المساواة التي تهددها اليوم عوامل عدة في ظل عجز المسلمين وفشلهم في إيصال افكارهم وإيضاح مبادئهم ومعتقداتهم الحقيقية التي تنبذ العنف..!! لماذا لم ينجح المسلمون بإيصال هذة الافكار بالاسلوب الذي يفهمه الغرب لا بالاسلوب الذي نفهمه نحن ونرضى عنه والذي يصوّر المسلمين في هذة البلاد على انهم يجتاحون القارة.؟ تتنامى هذة الافكار اليوم في عقول الاوروبيين في ظل نشاط إعلامي عابر للقارات لجماعات إسلامية متطرفة لا تنفك تصرح من خارج القارة متفاخرة بقدراتها على تجنيد الشباب من اصول عربية وإسلامية للقيام بأدوار تقلق اوروبا بأكملها.. وهذا بحد ذاته نابع إما عن جهل بأمور المسلمين وأولوياتهم في بلاد الاغتراب أو تسييساً لاهداف غير بريئة.. وإما له علاقة بما يدور في أوطاننا الاصلية من مساومات على أمنها وثرواتها نتيجة تفرق المسلمين الذي دأبت الدول الكبرى على تغذيتها من اجل مصالح لن تتمكن من تحقيقها إلا بهذه الاساليب الدنيئة..وها نحن ايضاً اليوم في أوروبا وبنتيجة تفرقنا كمسلمين نفتح الابواب امام مساومتنا على ديننا ومعتقداتنا وفي بعض الاحيان على أخلاقياتنا نتيجة تباين أفكارنا وأولوياتها.علينا ان نعمل على وضع أولوية مشتركة تسمح لنا في إيصال أفكارنا للطرف الاخر الذي قبلنا في مجتمعاته املاً منه بإندماجنا يوماً دون خطوط حمراء..والذي اصبحت تتغير نظرته اليوم في تسامحه نتيجة عوامل عدة لم نتمكن التحكم بها !!.
هذا الشريك المتوجس من نبرتنا،ومن صروحنا الاسلامية..والمتوجس من تأخر إندماجنا في مجتمعاته التي لم يعد يرى في ساحاتها لنا من إيجابية لأن هاجسه الاول قد دفعه الى تتبع ما تعلنه الجماعات الاسلامية المتشددة التي "تحتكر الجنة وتتوعد من يخالفها النار" عبر مواقع الانترنت..ما يزيد من مخاوف الاوروبيين التي تتعاظم في نفوسهم أشكال الكراهية..وهذا ما يثلج صدور أعداء المسلمين خاصة في الغرب الذين إختار بعضهم الاسلام عدواً جديداً لهم كحلقة ضعيفة غير متماسكة حلت محل الشيوعية العالمية "من وجهة نظرهم"التي افل نجمها وتلاشت في معقلها وجاءت احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001" لتزيد فصول اللعبة إثارة،فثارت الريبة ليس فقد في مخيلة المسلمين ونفوسهم..بل لدى أطراف اخرى غير مسلمة..وقد ساهم في تضخم هذا الحدث الاعلام الغربي الذي صوب كل سهامه بإتجاه الاسلام والمسلمين في مقابل إعلام عربي وجه كل طاقاته وكرسها للفوازير الرمضانية ومسلسلاته دون ان يُفكر يوماً بعمل إعلامي جاد وهادف يخاطب عقول الغرب بلغتهم لإظهار الصورة الحقيقية للمسلمين قبل رفع المآذن او غيرها من الامور المعنوية..فالعمل العامودي يحتاج الى عمل أفقي يسبقه..كالقواعد الصلبة والمتينة حتى لا تتهاوى هذة الصروح يوماً على رؤوس من يتعبد في ظلالها أو تحت قِبابها..