د.احمد عارف الكفارنة
تقتضي طريقه الحكم البرلماني في كل الدول الديمقراطيه عند تشكيل الحكومه ان تكون عاد ة من الاغلبيه في المجلس النيابي او قيام اتفاق على اجنده معينه بين الرئيس المكلف ومن الائتلاف الذي يقودة جناح الحزب المسيطر فى الانتخابات النيابية, حيث تصبح الحكومه عندئذ متغيرا تابعا. وبذلك يكون الشعب هو مصدر السلطه. وتأسيسا على ذلك يمكن القول ان مهمة اختيار رئيس الوزراء هي من مهام السلطة التشريعيه المنتخبه ديمقراطيا وهذا لايتعارض مع صلاحيات جلاله الملك الماده (35) من الدستور بان يكلف الملك زعيم الاغلبيه في البرلمان في تشكيل الحكومه, وفي هذه الحاله يمكن القول ان الحكومه تشكلت وفق معايير ديمقراطيه وبهذا سوف تحمل تفويضا شعبيا لاتخاذ اي قرار دون اي حساب الا لتحقيق البرنامج والاجنده التي حاءت بها هذة الحكومة او تلك من اجل تنفيذها0
غير ان الملاحظ على تشكيل الحكومات في الاردن حتى الان انها تخضع لاعتبارات متغيره تبعا لتطورات وظروف لا يستطيع اي شخص يعمل في الشأن السياسي ان يدرك كنهها , حيث لا تزال شخصية رئيس الوزراء بروتوكوليه تذهب وتأتي تبعا للرغبه الملكيه 0ومن هنا فأن رئيس الوزراء يعوّل على بقاءه في الحكم على دعم جلاله الملك له ولذلك فهو يعتمد عند مواجهه ايه عقبات تواجهه على مؤسسة القصر التي تحاول تذليل الصعاب امامه 0
رغم مرور عشرين عاما على تدشين الديمقراطيه الاردنيه الثانية ووجود اكثر من (35)حزبا سياسيا واكثر من (600 )مؤسسه مجتع مدني , الا اننا نلاحظ ان التجربه الاردنية الديمقراطيه لا زالت تراوح مكانها , حيث لم تستطع هذة الاحزاب من تحقيق اغلبية مريحة لتشكيل حكومة او حتى ائتلاف حكومى من خلال الانتخابات, لذلك فالحكومات التي تشكلت منذ التجربه الديقراطيه الثانية حتى الان اخفقت في مشروعات الاصلاح وعدم التعامل بروح الجدية مع البرامج العريضه الواضحه مثل التنميه الاقتصادية والتنمية السياسية وا يجاد البدائل لموارد الاردن المحدودة اوتحديث القوانين لمواكيةعمليات الاصلاح الديمقراطى والمستجدات العصرية . ان تغيير اليات تشكيل الحكومه هي احد شروط المنتج الديمقراطي الحقيقي للدول الساعية للديمقراطية او ذات المران الديمقراطى فى العالم الثالث , وبما ان الاردن يوجد فيه حياة حزبيه فلا بد ان يكون هنالك تداول للسلطه من خلال تنافس حزبي والمطالبه بالثقه للحكومة المكلفة من البرلمان على اساس البرنامج الوطني والاجندة التى تحملها. ان وجود هذه الاليه هي الضمان الوحيد لتطوير اليات العمل السياسي في بلدنا وهي التي تعصم الوطن من اي محاوله للمّس باستقراره السياسي او امنة الوطنى والاجتماعي وتحجب الفرص المتاحة حاليا امام المتشدقين يقصور اليات العمل السياسى فى بلدنا . ويبدو ان جلاله الملك بالرغم من جهوده الطموحه المرفوقة بالعمل الجاد والذى لا يتعب من العمل اليومى من البناء والتشييد واصدار القرارات الشجاعة التى غّيرت من وجه المجتمع الاردنى واعطتة المزيد من الامل من اجل المستقبل وتطلعاته الى وطن ديمقراطي , لا زالت الرؤى الملكيه الجاده للتطوير والتفعيل والعمل تصطدم بعقليات النخب من الحرس القديم , والتى تضع العصى فى دولاب التغيير من خلال استغلال مواقعها, غير ان المواطن يرى انه لم ينجح لا البرلمان ولا الحكومات السابقة فى خلق المناخ السياسى الملائم للرؤي الملكية الصحيحة, و يبدو ان الملك ضاق ذرعا بهذة التراكيبية لمجالس النواب السابقة واللاحقة وبالتالى اراد فوانين انتخابات عصرية تاتى بنواب واحزاب تكون له عونا فى تحمل المسؤلية والقرارت ,ناهيك عما واجهته الحكومات السابقه من صعوبات فائقة وتردد فى اتخاذ القرارات , والعجز عن حل مشكلات مثل الغلاء وارتفاع الاسعار وابتعاد المواطن عن المشاركه السياسيه( نظرا للظروف الاقتصاديه التي يمر بها الاردن) وتمدد النخب الاقتصاديه على حساب السلطه التنفذيه وتعثر بعض المشاريع, وعدم مقدرة الحكومه السابقة تنفيذ الكثيرمن الاجنده الوطنيه ووضعها على الرف أو ترحيلها من وقت لاخر نتيجة سياسة المداراة والاسترضاء التى اشار اليها جلالة الملك, بالاضافة الى مشروع الاقاليم الذي وجد مقاومه ضاريه من الحرس القديم , اضافة الى العجز فى الموازنة للعام الحالى والذي بلغ 1,4 مليار دولار اى ما نسبتة 9% , وهذا يخالف الاتفاق بين الاردن وصندوق النقد الدولى والذى يقتضى ان لا تزيد نسبة العجز فى الموازنة عن 3,5-5 % من الموازنة,(ويذكر ان جهود جلالة الملك افضت الى تغطية عجز موازنة الدولة فى منتصف العام الماضى حيث اصبحت صفرا) بالاضافه الى المديونيه المتضخمة والتي وصلت الى (14) مليار دولار تقريبا دون سقف 60% من الناتج المحلي والاجمالى , يبدو ان كل هذة الاموردفعت جلاله الملك لان يعيد ترتيب الاوراق من جديد . وارى كما يرى غيري من المحللين السياسين ان شموليه وتفصيلات كتاب التكليف السامى والذى عهد به الى رجل الاعمال سمير زيد الرفاعي للحكومه التاسعة في العهدالرابع للملكة ,هذه المره اختلف جذريا عما اعتاد المواطن على سماعه من قبل المؤسسه الملكيه, فكتاب التكليف يوحي بالمراره والالم وخيبه الامل مما حصل وهو قد شخّص الخلل بكل وضوح وصراحة وهو ما يحمله كل مواطن في نفسه وما يحمله الملك في داخل قلبه من تطلعات ورؤى ملكية صادقة نحو اردن الحداثة, وكأن لسان حال جلالة الملك يقول هذا الشعب لم يجد من بدافع عنه ويتكلم باسمه ويعيد له الرغبة فى المشاركة السياسية والتمتع باليناء الديمقراطى,لذلك جاءت رغبتة هذة المرة من خلال رزمة التغييرات المطلوبة من الحكومة الجديدة والتى لم تترك شاردة او واردة الا وتم طرحها بكل صراحة ووضوح , والمطلوب انجازها تحت طائلة المساءلة والمحاسبة والشفافية امام المواطن الاردنى كما جاء فى الرسالة الملكية . لذلك اراد على استعجال حكومة لاعداد البيت الاردنى لمرحلة لاحقة من الاستحقاقت من اجل ارساء دولة القانون والمؤسسات والنزاهة والديمقراطية. ومن هنا جاءت التغييرات الدراماتكية المتلاحقة لتفاجئى الجميع وعلى راسها اختيار الرفاعى الابن والذي استهجنته احزاب المعارضه( من خلال بيان جبهة العمل الاسلامي) والذي عبرت فيه عن استيائها من سياسة التوريث, والتشاؤم من امكانية الرفاعي الابن تحقيق اي اصلاح , ويبدو ان أمام الرفاعي مسؤوليات وتركه كبيره وعلى راسها تعمق الازمه الاقتصاديه وهى مرتبطة بالازمة المالية العالمية التى يمر بها العالم و الذى انعكس سلبا على مستوى المعيشه وفاقم من ازمه الفقر والبطاله فى الاردن بالاضافة الى الملفات التى جاءت اصلا هذة الحكومة من اجل انجازها . اما تشكليه وزارته فهى لم تخرج عن الحكومات السابقه من حيث تدوير المناصب اذ ان (13) من وزراء الحكومة السابقه احتفظو بحقائبهم الوزارية. غير انه يجب التريث من قبل الاحزاب الاردنية ومؤسسات المجتمع المدنى ومراقبى الشأن الاردنى وعدم التسّرع والحكم على هذه الوزاره ,فهذه وزارة انتقاليه اهدافها واضحه ومحددة هى الاعداد لقانون الانتخابات الجديد واجراء الانتخابات للمجالس اللامركزية المقررة للمحافظات والنيابية مستقبلا وايجاد حلول للازمة والضائقة الاقتصلدية التى يمر بها الاردن كغيرة من البلدان نتيجة الاوضاع الاقتصادية فى العالم , واعتقد انها وزاره عمل وجّد ونشاط و قد تكون اولى المؤشرات والتى ارتاحت لها الفعاليات الشعبية وهى عدم السماح للمواطنين بالتهانى من خلال الصحف اليومية المحلية والتى تعّود عليها قطاع محدد من فئات المجتمع الاردنى الموسر, والتفرغ لما هو مطلوب منها, فهى معّرضه للمساءله امام جلالة الملك حول عدم اتمام اى من الانجازات المطلوبة منها خلال فترات محددة .واذا فعلا طبقت هذة الحكومه رؤى جلالة الملك التى وردت في كتاب التكليف من مساءله ومحاسبه وشفافية وملاحقة الفساد ووقف مظاهر الترهل الادارى واعتماد معايير الكفاءة والابتعاد عن المحسوبية والواسطة والمحافظة على المال العام من كل مضاهر البذخ والاسراف التى تعود عليها المسؤلون( تحت بند النفقات العامة) والمحافظة على المكتسبات السابقة وخصوصا الاستثمارية منها وترشيد النفقات التشغيلية والتي كانت مغّيبه الى حد ما عن اجندة الحكومات السابقه فأنها عودة الى المربع الصحيح وانجاز يحسب لهذة الحكومة . ففى هذة الحاله يمكن القول ان هذة الحكومة تختلف عن الحكومات السابقه التي تتستر على ايه مسؤوليه او تقصير وراء الملك عندما تواجه بأية اخطاء او انتقادات . فنحن ننتظر ماذا سوف تقدم حكومة الرفاعي الجديده للملك والوطن والمواطن من جديد مختلف عما سبق .