السلام عليك ياعيسى ، السلام عليك يامحمد ج1
السلام عليك ياخير خلق الله يامحمد،والسلام عليك يامن تبرئ الأكمه والأبرص ياعيسى ، السلام على الإنسانية جميعا.
الموضوع أيها السادة الأطهار في كلّ بقاع الدنيا ليس دينيا ،وإنّما في إطار حقوق الإنسان ،التي أصبحت سجلا تجاريا تبيع وتشتري به الحكومات، والمنظمات التي تُسمّى غير حكومية وهي واسطة ليس إلاّ، تُعقد بها الصفقات.
عنونت مقالي بمحمد، وعيسى، وهما من أبناء منطقتي وليسا رسولين كما قد يفهم الإخوة، ورأيت من الأدب أن أسلّم على الرسولين الكريمين فصاحبيّا لقبا تبرّكا بهما، وأن عيد الأضحى قد مرّ علينا منذ أيام، ونحن على أبواب احتفال المسيحيين بعيدهم، وارتأيت أن أشرح هذا حتى لاأخدش شعور القراء الأكارم أو أضيع من أوقاتهم، فأعيد السلام هذه المرة عليكم أيها القراء الأوفياء ،وعلى صديقي عيسى ومحمد، وأسأل الله لهما الرحمة في الدنيا وأن يجمعني الله بهما وكل الشرفاء في جنّات الخلد .
عيسى بتيش سائق أجرة تاكسي وابن شهيد اختطف في مدينة برج الغدير التابعة لولاية برج يوعرريج ومحمد خيتاتي جُزّ رأسه في ظروف غامضة وكلاهما قصّا علي مصيرهما المرتقب. عيسى بتيش رحمه الله التقيته عشية اختطافه وكنت في أشدّ غضبي بعدما تم توقيفي من العمل سنة 1994 من ثانوية برج الغدير التي لقبت فيما بعد بثانوية مالك بن نبي، ومحمد خيتاتي الحلاق الخلوق ببرج الغدير الذي أديت معه الخدمة العسكرية في 1985 في البحرية، كان آخر لقائي به سنة 1996يوم خميس قبل اغتياله بأسبوع في محله المحاذي للسوق القديم بنفس المدينة .
التيقت بعيسى بتيش أمام مكان توقف سيارات الأجرة وأنا عائد من الثانوية فسلّمت عليه كالمعتاد وكنت أناديه واش ياعمي عيسى واش الأخبار، فنظر إلي محدّقا وقال لي مابك ياسي نورالدين أرى وجهك متغيرا ولست بشوشا كما كنت أراك وكأنك كنت في معركة، وكان كل منا ينتظر ساعته في تلك المرحلة، فقلت له نعم ياعمي عيسى كنت مع المدير رزيق في تلاسن كلامي بعد توقيفي من العمل من مديرية التربية وقد هددني بالدرك بعد احتجاجي على القرار التعسفي الذي صدر في حقي، وها أنا ذا عائد إلى البيت ولست أدري مالعمل، فقال لي لاتغضب هذه هي الضريبة فلست وحدك، لقد خرجت للتو من فرقة الدرك الوطني،التي كان يرأسها مختار أو مختاري وهو من ضواحي قسنطينة.
لقد حذرني هذا الأخير من التنقل خارج البلدية وهدّدني، وللتذكير كان في تلك المرحلة عيسى بتيش يمضى وثيقة كل يوم لأنه كان من بين المعتقلين في ورقلة رفقة لحسن خبابه وعيسى مروش وآخرين، فقلت مالأمر؟ فقال لي: لقد أخذوا صهري الساكن برأس الوادي وعذبته فرقة درك غيلاسة عذابا شديدا، ووضعوه مُعصّب العينين وأرخوا له قليلا من المنديل، وطلبوا منه أن لايتحرك لمدّة ساعة على حافة الطريق وكانوا يظنون أنه لايعرف المنطقة، ففك على نفسه القيد وجاء لي إلى برج الغدير في حالة هستيرية.
وممّا قاله لي أن رئيس فرقة الدرك استجوبه بخصوص سيارة 404 كانت تنقل بعض المسلحين وفلتت من حاجز مزيف وقد إتهموني من أنني من ساعدهم على الفرار في قرية أولاد حناش التابعة لبلدية تقلعيت دائرة برج الغدير، وقال لي من أن مختار قال لي ستدفع الضريبة غاليا، وقال لي عيسى بتيش بالحرف الواحد أنني لاأعرف ما أفعل ياسي نورالدين وأحسّ بأن أجلي اقترب، وذهبنا لارتشاف قهوة وافترقنا على أمل اللقاء في الدنيا أو في الآخرة.
بعد أيام قلائل سمعت الخبر من أحد الإخوة من أن عيسى تم اختطافه وأخذوا معه سيارته 505 طويلة الحجم بيضاء اللون، وقد سُلّمت سيارته فيما بعد إلى الوكالة العقارية التي كان يرأسها خضور مبارك ثم أخذها الجيش الذي كان يتمركز في طريق غيلاسة، وهو مايؤكد من أنهم هم من أخذوه، ومن ذلك اليوم لم يظهر عيسى بتيش، ذلك الرجل الذي أحببته من أول يوم عرفته لمزاحه وكرمه، كم كان يمازحني وكم كان يحبني رحمة الله عليه في الدنيا وفي الآخرة.
تم استدعائي من الشرطة في برج بوعريريج في تلك المرحلة على خلفية اشتباك حصل بين فرقة الدرك ومجموعة عابرة بقرب من حي الماجن طريق غيلاسة بلدية برج الغدير وقد رأيت بأم عيني السيارة 504 بيضاء اللون وهي مكسرة والدم في جوانب السيارة، وأنا ذاهب إلى العمل، أبلغني شخص اسمه السعيد من مدينة غيلاسة رئيس مطبخ بمتوسطة عبد الكريم العقون من أنه هو من سلّم مسدسا للدرك عثر عليه بعد العملية إلى جانب السيارة، وكان أن جاء الجيش بكامل قواه وحاصروا بيت جمال زياني عضو المكتب الولائي للجبهة الإسلامية للإنقاذ، وأخوه نورالدين وهما ابني أمين منظمة المجاهدين في برج الغدير سابقا رحمه الله، واللذان هربا إلى الخارج وقتها، للعلم أن جمال زياني كان أستاذا وأخوه كان ضابط شرطة، وأذكر أنه لما دخل الجيش بوحشية إلى البيت وقعت ملاسنة كلامية بينهم وبين والدة جمال وأعطتهم درسا في الوطنية فهي مجاهدة.
قام باستجوابي أحد الضباط يقال له سليم في مديرية الشرطة بالولاية، ووصل به الأمر لوضع المسدس على رأسي وقال لي بالحرف الواحد تسكت أو تموت، وكان من بين الواشين بي أعضاء مايسمون بمنظمة أبناء الشهداء وأبناء المجاهدين في المنطقة من أنني أترأس مجموعة إرهابية في برج الغدير وأقوم بالدعم المعنوي للعمل المسلح وطلبوا مني أن أعطيهم المعلومات التي أكدت اقالة رئيس الحكومة، وقد استطعت بفضل من الله أن أعرف من وشوا بي من خلال إنكار شيء واحد دفع الضابط لأن يعطيني رأس الخبر و من وشى بي هو عبد الحميد دهيمات .
بعد ثلاث سنوات من الحادثة ظللت أبحث عن العمل وكنت أفكر في الهجرة لأنني وضعت بين خيارين أحلاهما مر، وهما: إمّا السكوت أو الصعود إلى الجبل فاخترت الهجرة ليس هربا من الموت والنجاة بنفسي وإنّما خوفا من أن تتلطخ يدي بدم إخواني، وكانت وجهتي في البداية بريطانيا أو سويسرا، ذهبت مرتين إلى تونس ومرتين الى سوريا بغرض ايجاد طريق لصعوبة التأشيرة، للعلم أنني كنت أعمل في شركة للنقل البحري سنة 1990 وكان بإمكاني الخروج بسهولة ولم أفعل، فتحت محلا تجاريا لأنني كنت ممنوعا من العمل في القطاع العام.
في أحد الأيام دخل طفل بالي الثياب وعيناه ذابلتين، يظهر عليه التسوّل وكنت حازما في تلك المرحلة في عملي وأعرف مخططات المخابرين، وكنت أوهمهم في بعض المرّات حتى يخف عني التضييق، وكل من يعرفني يشهد بذلك فكان حتى رجال الشرطة والدرك عندما يدخلون محلي لايستطيعون إشعال السجائر.
دخل ذلك الطفل الشاحب لإجراء مكالمة ومن ثم جاء ليقوم بتخليصها فقلت له من أنت ومن أين؟ فقال بصوت مخنوق أنا ابن عيسى فقلت من عيسى؟ قال بتيش سقطت دمعتي وأحسست بشيئ رهيب يهز كياني ربما هو التقصير في حق عمي عيسى، قلت له إذهب ومن اليوم فصاعدا عندما تأتي، أدخل مباشرة إلى غرفة الهاتف وكلّم من شئت ولاتقوم بالتخليص حتى يظهر مصير عمي عيسى، وقطعت على نفسي أن لاأسكت حتى تظهر حقيقة عيسى وغيره من المختطفين.
غاب عيسى وترك زوجتين و أولاد ومابلغني ،أن زوجته توفيت بمرض وبقي الأولاد في حالة لايعلمها إلاّ الله
فرحماك ربي بهم
يتبع