الموصل مازالت في (حالة حرب) والقوات الأميركية تتحرّك في شوارعها ولم تغادرها منذ حزيران!
لم تزل مدينة الموصل تعيش "صدمة الاحتلال والحرب". كأنها معزولة عن بقية العراق، أو أنها "الحديقة الخلفية" لآخر المعارك المتوقعة في صراع القوات الأمنية الحكومية التي يدعمها الأميركان ضد القاعدة والمتمردين.ويقول فيل ساندز المحلل السياسي في صحيفة ليموند دبلوماتيك إنّ بعض أجزاء العراق، تتمتع بمناخ سلمي جداً، وقد حققت تقدماً في ميدان إعادة البناء، وخطط الإنعاش الاقتصادي، مهما كانت نسب التعثر فيها. لكن مدينة الموصل مركز المحافظة الثانية الأكبر في العراق، ليست واحدة من هذه الأجزاء!. ووصف الموصل بقوله: “إنها مدينة مازالت في حالة حرب”. وأضاف: لقد انخفضت معدلات العنف كثيراً في العراق، طبقاً لمؤشرات كثيرة تعكسها القوات الأميركية المحتلة؛ ففي كانون الأول سنة 2008، سُجل 287 هجوماً إرهابياً. وبحلول الشهر نفسه من السنة الحالية 2009 أصبح عدد الهجمات 121، أي أن العدد انخفض من 10 هجمات يومياً الى فقط 4. وعلى الرغم من انخفاض العنف بمثل هذه المستويات المهمة، فإن الموصل بقيت مدينة خطرة بشكل كبير، ولهذا تُوصف من قبل القادة العسكريين الأميركيين الكبار –وفي نهاية سنة 2009- بأنها "قلب التمرّد". ولعل الأسبوع الروتيني بالنسبة للحياة في الموصل، يتضمن: اغتيالات أشخاص، معارك شوارع، انفجارات قنابل طريق، اختطافات، وعمليات رمي من سيارات منطلقة بسرعة..الخ!. ومنذ الثلاثين من حزيران 2009 –يقول فيل ساندز- انسحبت القوات الأميركية رسمياً من مراكز المدن الحضرية المأهولة بالسكان، لكنّ الجنود الأميركان، مازالوا يتخذون من مطار الموصل قاعدة لهم، والمطار في الحقيقة يقع ضمن حدود المدينة، أي أن القوات الأميركية لم تغادر الموصل عملياً، لاسيما أن جنودها مازالوا يقومون –يومياً تقريباً- بدوريات شوارع لتفقد مشاريع الدعم الأميركي. إنهم يتحركون في قوافل ثقيلة الدروع، ترافقهم جوّاً إثنتان من المروحيات بهدف حماية القوافل العسكرية أثناء حركة دورياتها!. ويضيف محلل ليموند قوله: إن قوات الشرطة في الموصل، تتكون من 8,000 مسلح بقوة كاملة، وبرغم التعزيزات التي توفرها الشرطة الفيدرالية من بغداد، والمسلحة تسليحاً شبه عسكري، فإنّها تعمل فقط في الجانب الغربي من المدينة. أما الجانب الأيسر فهو خطر جداً، ويعني ذلك أنه "ساقط" تقريباً بيد المتمردين.وفي تشرين الأول من السنة الحالية، نفذت القوات الأمنية العراقية، آخر عملياتها الكبيرة في سلسلة الهجمات المصمّمة لكسر قبضة السيطرة التي تفرضها ميليشيات المتمردين منذ فترة طويلة، وخلالها جرى اعتقال نحو 150 مشتبهاً به. ومثل عمليات التمشيط تلك لم تكن تُجرى -في تلك المرحلة- في المناطق الأخرى من العراق، حيث انتقلت الحرب الى مرحلة متدنية جداً في مستويات عنفها. لكنّ الموصل تُركت جانباً، والعنف مستمر فيها من دون أن تكون هناك "تصورات معينة" للكيفية التي ستكون عليها في مرحلة ما بعد رحيل القوات الأميركية عن العراق.