مقاضاة وزارة الداخلية السعودية: سجال في ديوان المظالم.. بقلم حبيب طرابلسي

اتهمت وزارة الداخلية السعودية الإصلاحي عبد الرحمن بن عبد الله الشميري، الذي يقبع في السجن منذ حوالي ثلاث سنوات بدون محاكمة، بالسعي إلى قلب نظم الحكم في المملكة و بتمويل الإرهاب، لكن محاميه وليد سامي أبو الخير طالب في جلسة بديوان المظالم بالرياض بمحاكمة عادلة و علنية لموكله، ل"كشف زيف" هذه الاتهامات، أو بإطلاق سراحه فورا.

وقد حضر كل من ممثل وزارة الداخلية و وليد أبو الخير صبيحة يوم الثلاثاء الجلسة الثانية للدعوى المرفوعة من المحامي و الناشط الحقوقي ضد وزارة الداخلية "لانتهاكها القانون في اعتقالها التعسفي" للدكتورالشميري. وكانت الجلسة الأولى قد انعقدت في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويعتبر مجرد رفع دعوى ضد وزارة الداخلية التي يدير شؤونها منذ حوالي 35 عاما الأمير نايف بن عبد العزيز، صاحب النفوذ القوي والذي يشغل كذلك منذ مارس الماضي منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، أمرا في غاية الأهمية و خطوة غير مسبوقة في بلد يعد فيها الضغط على الحكومة من المحرمات.
وكان قد ألقي القبض على الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الشميري مع ثمانية شخصيات أخرى من المجتمع المدني السعودي من قبل جهاز المباحث العامة في 2 فبراير2007 في جدة.
وكانت وزارة الداخلية قد اتهمت آنذاك هذه الشخصيات بالقيام ب"أنشطة ممنوعة، تضمنت جمع التبرعات بطرق غير نظامية، وتهريب الأموال وإيصالِها إلى جهات مشبوهة وتوظيفها في التغرير بأبناء الوطن وجرهم إلى الأماكن المضطربة" مثل العراق.
لكن عدة منظمات حقوقية أكدت أن المعتقلين سبق لهم أن تولوا الدفاع عن نشطاء حقوق الإنسان، ولا يمكن أن يكونوا من الممولين للإرهاب، خاصة وأن لهم مواقف وتصريحات علنية مناهضة للتطرف والعنف.
ممثل وزارة الداخلية يقدم تهما بالجملة
وأثناء الجلسة الثانية، قام ممثل وزارة الداخلية بتسليم مذكرة دفوعه مطبوعة للقاضي ولأبي الخير، والتي جاء فيها اتهام البرفيسورالشميري ب"الخروج على ولي الأمر ونزع يد الطاعة بإسقاط الولاية الشرعية العامة وطعنه في انعقاد البيعة والقدح في ذمة ولاة أمر هذه البلاد وعلمائها والتنقيص منهم والتشكيك في استقلالية القضاء، وكذلك سعيه لإنشاء تنظيم سري يهدف إلى قلب نظم الحكم في هذه البلاد مستعيناً في ذلك بالأجنبي لتحقيق مآربه وغاياته بالإضافة لدعمه وتمويله للإرهاب والمنظمات الإرهابية لمساعدتها في تنفيذ أعمالها التخريبية".
 كما جاء في المذكرة أن نتائج التحقيق أسفرت عن "إدانة (البرفيسورالشميري) بالأعمال المنسوبة إليه وذلك من خلال العديد من الأدلة القاطعة والتي من ضمنها اعترافاته المصدقة شرعاً".
وأكدت المذكرة أن الدكتور الشميري "يعامل وفقاً للأنظمة العدلية في المملكة المستمدة من الشريعة الإسلامية التي تحترم حقوق الإنسان، حيث قدمت له كل التسهيلات. فهو موقوف بمبنى الضيافة بالسجن ويسمح له بالزيارة والاتصال بذويه داخل وخارج المملكة وتوفر له الخدمات اللازمة ومن ذلك العناية الطبية على مدار الساعة".
وتنتهي المذكرة بالطلب من القاضي ب"رفض موضوع الدعوى، حتى يتم الفصل فيها من قبل الجهات القضائية"، كما أورده "منبر الحوار و الإبداع" نقلا عن "مرصد حقوق الإنسان في السعودية"، الذي يشرف عليه المحامي و الناشط الحقوقي وليد أبو الخير نفسه.
المحامي و الناشط الحقوقي ينفي جملة و تفصيلا
وبعد قراءة الدفوع طلب القاضي من أبي الخير الإجابة عنها في الجلسة القادمة. لكن أبو الخير أصرّ على الإجابة عنها في حينه، "لاختصار الوقت سيما وأن موضوع الدعوى هو سجين في حالة يرثى لها"، كما قال.
وقال أبو الخير: "في حال ثبوت تهم على موكلي، يحال إذن لمحاكمة عادلة وعلنية. وإلا فيفرج عنه فوراً كما نصت المادة 114 من نظام الإجراءات الجزائية" التي تنص على أن لا تتجاوز فترة الحبس الاحتياطي ستة أشهر، فإذا أتم المتهم المدة و لم يحاكم، يطلق سراحه.
وأضاف المحامي: "وعليه فإن هذه التهم ستكون موضوعنا نحن والادعاء العام في المحكمة الجزائية المختصة، في محاكمة علنية عادلة وسنكشف زيفها بإذن الله، أما الآن فلا أظن جهاز المباحث قد قام بسردها هكذا إلا لغرض التخويف".
و نفى المحامي ما جاء في مذكرة ممثل وزارة الداخلية، قائلا: "فموكلي لم يصدق شرعاً على اعترافات كما أنه ليس في سجن الضيافة وإنما في الزنازين، و لم تحترم الأنظمة العدلية التي نصت على حق السجين في حضور محاميه مرحلة التحقيق، وأنا لم أمكن البتة من ذلك، بل منعت من زيارته بأسلوب قاسي مقترناً بالشتائم".
كما ذكر أبو الخير بأن "الأنظمة نصت على عدم تجاوز الحبس الانفرادي مدة شهرين وهو (الدكتور الشميري) طيلة 3 سنوات في حبس انفرادي".
وطلب القاضي من ممثل وزارة الداخلية الإتيان بإفادة من مرجعه عن حالة البرفيسور الشميري من حيث الانفرادية أو الجماعية. ووافق ممثل الوزارة على ذلك، على أن تكون الجلسة القادمة في شهر مارس 2010.
وأهم ما جاء في نص لائحة الدعوى المرفوعة لرئيس ديوان المظالم أن وزارة الداخلية "قد وقعت في المخالفات" أهمها "المعاملة المهينة عند اعتقال الدكتور الشميري وإيذائه نفسيا، في مخالفة صريحة للمادة الثانية التي توجب المعاملة بما يحفظ كرامة السجين وعدم إيذائه نفسياً أو جسدياً، وعدم ممارسة أي نوع من أنواع التعذيب ضده".
لكن الأمير نايف كان قد نفى وجود تعذيب في السجون السعودية، مؤكدا خلال حفل أقامته هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في يونيو الماضي على أن "كل ما يقال عن وجود تعذيب في السجون لا صحة له (…) والدليل أننا فتحنا أبواب السجون لمسؤولين ولهيئات حقوق الإنسان، بل حتى لزوار أجانب؛ لأننا لا نؤمن ولا نقبل بأسلوب التعذيب بأية حال من الأحوال" .
 
 
 
 
Exit mobile version