أرشيف - غير مصنف
ربـا العـرب يدمـر أسطـورة دبـي المالـية
د.جـمال سـالمي
أستاذ الاقتصـاد في جامعـة عنابـة
بعد حرب الله تعالى على الاقتصاد الربوي الأمريكي عامي 2008 و2009، توشك شركة دبي العالمية التابعة لحكومة إمارة دبي الإماراتية أن تعرف ذات المصير الانهزامي الساحق الذي شهدته قطاعات الرهن العقاري والبنوك الرأسمالية الأورو-أمريكية بسبب الربا..
المصير الوحيد للاقتصاد الربوي هو الإفلاس
يجب أن ترتفع حناجر العلماء الاقتصاديين المسلمين عاليا لتنبيه الحكام ورجال الإعلام، قبل الجماهير الكادحة، بالمصير المأساوي المؤلم لكل اقتصاد ربوي:
حربٌ من الله تعالى الغني المغني.
أزمات هيكلية دورية خانقة.
إفلاس حتمي في نهاية المطاف.
أما المستفيد المؤقت من الربا فلا يتعدى في أحسن الأحوال 1 بالمائة من الرأسماليين المحتالين، الذين ورثوا عن اليهود تاريخيا استغلال ثروات الناس لابتزازهم واستغفالهم تمهيدا لتدميرهم ماليا واجتماعيا..
سقـوط آخـر لأفضـل نمـاذج الرأسمالـية العربـية
فرح أعداء الاشتراكية، خاصة أثرياء الليبراليين العرب، أشد الفرح بانهيار اقتصاديات الجزائر ومصر والعراق، فظنوا أن الغلبة ستكون نهائيا وعربيا للنموذج الرأسمالي الربوي، المكرس لظلم سوسيو-مالي رهيب للأقليات الغنية على حساب الطبقات الكادحة الفقيرة..
غير أن أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية قضت على بريق الرأسمالية بشكل يكاد يكون نهائيا، لتعصف أزمة شركة دبي العالمية المالية مؤخرا ببقايا ثقة بل غرور الرأسماليين العرب بهذا النظام الربوي المتسلط..
لقد بدأت البورصات العالمية تسجل هبوطاًملحوظاً في حركة الأسهم ما إن تمالكشف عن حجم أزمة إمارة دبي المالية، مما يؤكد مدى:
سلبية ترابط الاقتصاد الربوي العالمي وتداخله.
هشاشة الركائز غير الشرعية التي يقوم عليها.
ضعف اقتصاد الدول المتخلفة، سواء كانت عربية، إسلامية أو عالم-ثالثية، التي شهدت:
صعوداً سريعاً في نموها.
اعتمادا أساسيا على قطاعات:
الخدمات.
العقارات.
التوظيفات المالية.
بداية نهاية أسطورة دبي
نمت إمارة دبي وتوسعت في زمن قياسي، إذ برزت الأبراج وناطحاتالسحاب الفخمة، إضافةً إلى المجمعات المالية والسياحية، والمنشآت الرقميةالمعلوماتية، ووسائط تكنولوجية الاتصالات.
ساعدها في ذلك موقعها الجيو-استراتيجي،فهي نقطة تواصل بين منطقة الخليج العربي وجنوبي شرق آسيا، إضافة إلى إقامتهاأفضل العلاقات التجارية مع إيران التي تعاني من شبه حصار اقتصادي منذ عدة سنوات، وبحكم الأنظمة المرنة التي اعتمدتها إمارة دبي، فقد أصبحت مركز جذبللمستثمرين الدوليين، الذين يفتشون عن أرباح سريعة، مما ساهم في استقطابمئات مليارات الدولارات.
وبما أن حكومة دبي شريك أساسي في معظمالمشاريع، فقد أنشأت شركات عملاقة واستدانت على هذا الأساس مليارات الدولارات منمؤسسات مالية ومصرفية عالمية، وقد أدى التوسع والاستدانة واستقبال تدفقات رأس المالالأجنبي بالمقابل إلى توسع الالتزامات المترتبة عليها، لتخلق هذه الالتزامات المزيد من الأعباء والضغط، والتي بدورها ظلت تتراكم.
تسونامي مالي عربي في دبي
في ظل ضغط الأزمةالمالية العالمية وتداعياتها، وفي ظل انخفاض أسعار النفط، لم تعد دبي قادرةًعلى سداد هذه الالتزامات، فاتصلت ببعض الأطراف الغربية الدائنة لجهةإقناعها من أجل تأجيل سداد مبلغ 3.25 مليار دولار مستحقة السداد إلى تاريخٍ لاحق.
أدى هذا الطلب إلى لفت انتباه الدائنين الغربيين، والذين بعد قيامهم بإجراءالدراسات والتحليلات أدركوا وجود التزامات تقول أوساط خليجية أن حجمها الإجمالي فيحدود 80 مليار دولار، بينما تقول أوساط أوروبية أن حجمها الإجمالي في حدود 123 ملياردولار أمريكي.
هناك فارق كبير بين تقديرات المدينينوتقديرات الدائنين: 43 مليار دولار، أي أكثر من 50% من تقديراتالمدينين، التي مازالت تصر على أن مبلغ الالتزامات هو 80 مليار دولار.
هل انتهى عصر دبي؟
يبدوأن دبي باتت في وضع يمنعها من مواجهة أزمتها المالية.
لهذا طلبت تدخل إمارة أبو ظبي التياشترطت أن تقدّم الدعم اللازم ليس على أساس كلي، وإنما على أساس جزئي، بحيث يتمالتعامل مع كل حالة إعسار مالي على حده، وهذا معناه، أن السلطات المالية في أبو ظبيسوف تتعامل مع شركات دبي المتعثرة عن طريق إعداد دراسةٍ خاصة بكل شركة، وتحديدمواردها والتزاماتها، وصولاً إلى تحديد حجم العجز المالي، ثم العمل بعد ذلك علىتقديم الدعم اللازم.
مما يعني أن أبو ظبي لن تعمل على معالجة أزمة دبي.
كذلكالحال بالنسبة للمؤسسات المالية العالمية التي تتعامل مع أي قرار لإنقاذ دبي منمنطلق جنيها أكبر قدر من الأرباح.
يعيد هذا السيناريو إلى ذاكرة الاقتصاديين أزمة دول النمورالأسيوية سنتي 1997 و1998.
هناك بعض الدول التي تنتظر أن ترث دبي:
إما عبر شراء بعض المشاريع فيها.
وإما عبر جذب الرساميل التي ستهرب من دبي، بعد نشوبهذه الأزمة التي ستكون حتماً طويلة الأجل، والتي ستنتقل عدواها ولو بشكل جزئي إلىمنطقة الخليج، والى بعض الدول الأوروبية، خاصة وأن البنك البريطاني المعروف باسم HSBC له بذمة دبي 17 مليار دولار.
تساؤلات اقتصادية إسلامية
هل انتهى بريق نجاح التطبيق العربي للوصفات الليبرالية؟
أما آن أوان اللجوء المالي الاقتصادي لشريعة الرحمن المباركة العادلة؟
لماذا لا يرفع العلماء الاقتصاديون المسلمون أصواتهم الشرعية عاليا ضد استمرار تمسك العرب حكومات وأفرادا بالربا اللعين؟
متى يدرك صناع القرار المالي العربي مدى قوة النموذج الشرعي الإسلامي في الاقتصاد والمال والتجارة؟
هل أصاب أقوى اقتصاد عربي رأسمالي ربوي أنفلونزا مالية قاتلة؟
ألم يفق العرب بعد من صدمة فشل التعامل الربوي غربيا وعالميا؟
إلى متى يظل العرب تلاميذ أغبياء لمدنية مادية زائفة؟
أما زال الاقتصاديون العرب مقتنعين فعلا بأن ما أصاب الرأسمالية الربوية في دبي وأمريكا وأوروبا وآسيا مجرد وباءيحتاج إلى حجر صحي وإلى نفس طويل في المعالجة؟
هوامـش:
للأمانة العلمية والإعلامية، فقد تم جمع بعض الأرقام والمعلومات من تقارير الجزيرة وحكومة دبي نفسها، وكذلك من مقالات اقتصادية رائعة وقيمة لبعض الزملاء افعلاميين والأكاديميين.