القضية الأحوازية و الدعم المفقود
ابراهيم مهدي الفاخر
تحدد الدول اتجاهاتها من القضايا الإستراتيجية و تتخذ مواقفها استنادا على المصالح التي تتطلع إلى الحفاظ عليها أو لتحقيقها في المستقبل. منها المصالح الطائفية أو المصالح الاقتصادية و منها أيضا الدينية و السياسية. و بطبيعة الحال هذا حال القضية الأحوازية عندما تُدعم أو تحرم من هذا الدعم. فالمصالح أنفة الذكر هي التي تتحكم في وجود هذا الدعم أو عدمه.
و يوجد في العالم من يدعم بعض القضايا الحساسة و الإستراتيجية انطلاقا من أيديولوجيته القومية و شعوره بالواجب القومي و تلبية له. و هذا من المفروض أن يكون سببا رئيسيا و كافيا ليدعم العرب القضية العربية الأحوازية العادلة. فالانتماء إلى الأمة العربية و الواجب القومي تجاه الأشقاء و التطلع إلى المصير المشترك من المفروض أن يكون كافيا لبعث روح النخوة و الرجولة في نفوس العرب ليدعموا هذه القضية العربية. و لكن سياسات الأنظمة العربية و أيديولوجياتها حالت دون هذا الدعم و وضعتها قيد الإهمال و النسيان. و هذا الموقف السلبي الذي اتخذته الأنظمة العربية من هذه القضية وضعها في موقف محرج أمام مواطنيها و أمام أصحاب الرأيييأأ مما دفعها إلى البحث عن مسببات تتذرع بها و تبرر بها إهمالها و تلكؤها تجاه القضية الأحوازية . لذلك منهم من يتحجج بعدم وجود شخصية اعتبارية يجتمع تحتها الأحوازيون كي تمثل القضية و منهم من يتذرع باسم مركزية و أولوية القضية الفلسطينية و منهم من يختبئ وراء وضعه الداخلي و حجج أخرى.
وعندما يناشد الأحوازيون الجهات العربية الرسمية و غير الرسمية و يطلبون العون و المساعدة، يعتذرون العرب عن تقديم الدعم أما لأن لا توجد مظلة تمثل القضية الأحوازية، أو لأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية و لابد من حلها أولا و بعدها يأتي دور القضايا الأخرى، أو لأن إيران دولة صديقة و مسلمة و يجب عدم إثارة هذه المشكلة معها!. تتوهم الأنظمة و المؤسسات العربية أنها قد تستطيع أخراج نفسها من الموقف المحرج و تبرئة ساحتها تجاه إهمالها لهذه القضية الحيوية للأمة العربية من خلال هذه الحجج.
و لكن الحقيقة تقول إن العرب قد جافوا المنطق و الواقع هذه المرة باعتبار:
1- إن من يريد أن يؤدي واجبا قوميا و يدعم قضية إستراتيجية بحجم القضية الأحوازية من المفروض أن لا يشترط على الأحوازيين و يثقل كاهلهم بشروط شبه مستحيلة لا طاقة لهم عليها.
2- إن دعم القضية الفلسطينية لا يكفي لتبرير الإهمال العربي تجاه القضية الأحوازية و نسيانها.
3 – إن الدعم العربي للقضية الفلسطينية لم يكن مبنيا على أساس انضواء الكل تحت مظلة واحدة فلماذا هذا الشرط على الأحوازيين فقط.
4- إنه لا توجد مقاييس تُحدد بها القضايا المركزية عن غيرها. ولا يوجد أصلا من يحق له أن يُحدد هذه المقاييس أو من يحق له أن يفرز القضايا المركزية عن غيرها. و إن وجد مستقبلا فيجب أن يكون للأحوازيين كما لغيرهم من العرب الحق في صياغة هذه الأولويات كي تستقيم الأمور و لا يغبن حق الأحوازيين من قبل أشقائهم.
لذلك هذه الحجج ليست كافية لتبرر الأنظمة و المؤسسات و الجمعيات العربية موقفها الضبابي و السلبي من القضية الأحوازية. و بات العرب مطالبين اليوم أكثر من أي وقت مضى بتحديد موقفهم من القضية الأحوازية و حسمه بعيدا عن المجاملات السياسية و المواقف المائعة قبل أن يفوت الأوان و تصبح القضية الأحوازية ورقة سياسية بيد الآخرين مثلما أصحبت قضايا عربية أخرى أوراقا بيد الأعداء.
إبراهيـــم مهـــدي الفاخـــر