بقلم د.مازن صافي
يبدو أن الحلقة القادمة من مسلسل التلاعب الصهيوني بكل الاتفاقيات السابقة مع الفلسطينيين قد بدأت من القاهرة بإعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية عن قبوله بإعلان وقيام دولة فلسطينية ..
إلى هنا يمكن أن نقول أن ميلاد الدولة قد اقترب وأنه لا مفر في النهاية من إعلانها .. لكن ما الذي يعرضه نتنياهوو .. هو يعرض دولة غير مكتملة مقابل مفاوضات تستمر حتى نهاية 2011 لغرض استكمال مساحة الدولة الفلسطينية ويشترط أن تكون الحدود مع هذه الدولة بيد إسرائيل ويذهب إلى أبعد من ذلك حين يقول أنه يجب أن تكون منزوعة السلاح ..
ولكي لا يبدو الأمر وكأنه منحة إسرائيلية أو " رشوة سياسية " تقدمها إسرائيل للمفاوض الفلسطيني لكي يعود الى طاولات التفاوض فإننا نقول أن ما عرضه نتنياهوو اليوم قد عرضه قبل عدة أشهر وأبدى ( ..؟! ) استعداده لقبول دولة فلسطينية منزوعة السلاح إذا اعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة يهودية ، ورفض عودة اللاجئين مؤكدا ضرورة حل قضية اللاجئين الفلسطينيين خارج إسرائيل .. مشددا على أن "القدس عاصمة إسرائيل وستظل موحدة " .
إن ما تريده إسرائيل هو أن يعترف الفلسطينيين والعرب بمسألة إنهاء حالة النزاع مع إسرائيل أي اعتراف فلسطيني علني وملزم بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي ..؟!
والاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية يعني أنه على الفلسطينيين أن يتخلوا عن حق عودة اللاجئين وضياع كافة الحقوق ومراحل النضال لأهلنا في فلسطين 48 … ان ما يعرضه الإسرائيليون هو ليتمكنوا من الخروج بمظهر الضحية وأن الفلسطينيين المنقسمين على أنفسهم لا يملكون القدرة على اتخاذ قرار يساوي قرارهم ..
ان كل الأفكار الإسرائيلية عن الدولة الفلسطينية ضمن مساحات كامل قطاع غزة ونسبة 50% من الضفة الغربية وصولا الى مساحة الضفة الغربية خلال السنة والنصف القادمة هو حل يفتقر إلى أدنى مقومات القبول الفلسطيني ولا يمكن أن يتم التعامل معه بأي صورة لأنه ليس بحل وليس بدولة بل البحث عن كلمة ( لا ) الفلسطينية .. وهناك سيكون ضغط أمريكي وجولات مكوكية لترسيم الرؤية الاسرائيلبة والضغط لغرض تطبيقها والقبول بها .. وهذا الضغط لغرض إنهاء حالة التجمد في المفاوضات والتعامل مع القضية الفلسطينية كرزمة واحدة تم وضع نهاية لها ويتم تنفيذها تدريجيا .. ولكن أي مفاوضات مستقبلية يمكن أن تقبل بتلك العقلية الإسرائيلية .. فالعرض الإسرائيلي يضع القدس خارج حدود الدولة المقترحة وخارج المفاوضات أيضا .. والأمن الفلسطيني يتبع الأمن الإسرائيلي ومساحات دولة منزوعة السلاح ولا حق لأي لاجيء بالعودة .. وفوق كل هذا هناك حركة استيطانية نشطة جدا في القدس وفي الضفة الغربية .. فعن أي حلول يتحدث نتنياهو .. إنها خطوات بعيدة إلى الخلف .. وخطوات متقدمة نحو المواجهة القادمة لا محالة ..
ان المطلب الفلسطيني بالوقف التام والشامل للاستيطان كشرط مسبق لأي حوار أو مفاوضات مستقبلية هو قرار ومطلب مشروع يجب ألا يتخلى عنه أي فلسطيني .. وكذلك المطالبة بدولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة تتمتع بالسيادة والحدود وعاصمتها القدس الشريف هو مطلب وحق لا يمكن التفريط به أو المساومة عليه أو التنازل عنه تحت أي ضغط كان ومن أي جهة كانت إقليمية أو عربية أو دولية أو أمريكية .. ولا يمكن الذهاب الى حيث يقول نتنياهو بأن الوقت ناضج لاستئناف العملية السياسية ..
ليس من الصعب أن تعلن القيادة الفلسطينية موقفها الحازم المتمثل برفض الأفكار والرؤية الإسرائيلية التي لا تقدم جديدا بل تعقد الأمور وتجرد القيادة من قوتها التي تتمتع بها الآن … فأي تنازل يعني أن القيادة ستفقد مصداقيتها في الشارع الفلسطيني ..
إن الخروج من كل هذه الأمور يتمثل في إعلان الفلسطينيين رفضهم لعرض نتنياهو .. وتمسكهم بالثوابت والدولة والحدود …
إسرائيل تريد أن تخرج من مأزقها الحالي الداخلي والخارجي .. وتريد ترحيل قضاياها إلى خارج مساحات المأزق لتتمكن من لملة أوراقها من جديد .. وعلى الفلسطينيين أن ينتظروا الأسوأ وأن يعملوا على الانتهاء سريعا من معضلة الانقسام لكي يبدؤوا بالعمل المشترك ضد كل الأفكار الإسرائيلية والضغوطات الأمريكية .
د.مازن صافي clove_yasmein@hotmail.com