أرشيف - غير مصنف
تمنياتي بعام جديد سعيد
محمد عبد المجيد
أتمنى أن يكون عام 2010 عاماً يشهد فيه المواطن العربي بداية النهاية لطغاته ومستبديه ومستبيحي كرامته.
وأنْ يشعر المواطن العربي بأن له كرامة خلقه الله بها، ففرّط بها ردحا طويلا من الزمن، والآن قرر أنْ يستعيدها!
وأن يكون عام 2010 هو إعادة الاعتبار للكتاب والثقافة، فلا تحَضّر ولا تمَدّن ولا تقدم ولا معرفة بدون الكتاب والقراءة.
أتمنى خروج كل معتقلي الرأي والضمير من سجونهم التي أذلهم خلف قضبانها مستبدونا الطغاة، وأنْ يشعر كل مواطن أن المعتقل البريء هو أخوه في الوطن والانسانية، وأنْ طعمَ الحياة مُرٌ بدون حرية أخيه.
أتمنى اكتشاف المواطن العربي بأنْ ثقافة الكراهية، دينيا وقوميا، هي تلك المصيدة التي سقط فيها، فكلنا متساوون في الانسانية، ولا يختار أي منا بطن أمه أو بيئته أو معتقداته أو مذهبه أو طائفته.
أتمنى سقوط أنظمة التوريث الكريهة في العالم العربي، فاختيارُ الرئيس لابنه خليفة له صفعة علىَ قفا كلٍّ منا، ونحن لسنا ممتلكات خاصة ينقلها الأب لورثته.
أتمنى عقد محاكمة دولية لأكثر زعمائنا العرب، وأنْ يتغير الحُكم في مصر والسودان وتونس وليبيا، وأن يتحرر العراق من الاستعمارين الأجنبي والوطني، وأن يعرف العراقيون أن الطائفية كفر بالله تعالى.
أتمنى نهاية حكم أسرة مبارك في مصر، فعْقد الطغاة في العالم ينفرط عندما يسقط طاغية أرض الكنانة، وتحرير ليبيا وسوريا واليمن وتونس والسودان وغيرها يبدأ عندما يثور المصريون، وحينئذ سيطيح هدير الغضب في الوطن العربي بممسكي رقابنا من مصاصي الدماء وأعداء البشرية.
أتمنى لأطفالنا العرب ببدء نهاية الطفولة البائسة، وانحسار أطفال الشوارع، وتجريم تجنيد الطفل في الحروب القذرة التي يفتعلها تجار السلاح، ويمارسها قراصنة الاجرام.
أتمنى أن يصبح عام 2010 عام العصيان المدني، وثورة الأحرار، وأنْ يُقسم كل عربي بأنه لن يعطي ظهره بعد اليوم لسوط طاغية.
أتمنى إنهاء حماقة الصراع اللافكري بين المسلمين والأقباط، وبين السُنة والشيعة، فكراهية الآخر باسم الله العظيم صورة من صور الشِرك بالعلي القدير، ومن يرى أنه أفضل من الآخر انطلاقا من فهم أحمق لنصوص دينية هو في الجانب المضاد لله عز وجل.
أتمناه عاماً للتعليم، وكرامة العيش، والسكن اللائق، والأمن والأمان، وإعادة ثروات البلاد لشعوبها وليس لحُكامها.
أتمناه عاما للغضب العربي، وأنْ يتوقف الطغاة عن تعاملهم معنا كأننا عبيد.
أتمناه عاماً يحتقر فيه المواطنُ المدافعين عن الاستبداد، وأن يقاطعوا صحفهم وقنواتهم التلفزيونية ومنتدياتهم على الانترنيت.
أتمناه عاما يصفع فيه المواطنُ العربي المتلاعبين بعقله، فلا يُعادي مصريٌ جزائرياً، ولا يكره سُنيٌ شيعياً، وأن يكون هناك مكانٌ للجميع تحت سماء الوطن العربي.
أتمناه عاماً يقاطع فيه العربي، المسلم والمسيحي، دعاة الكراهية الذين يُطلون علينا من الشاشة الصغيرة، ويكذبون باسم نبي الاسلام والمسيح، عليهما السلام، فالحياة أثمن وأقصر وأغلى من أن نعيشها في بث الفُرقة، والتعجيل بيوم الحساب.
أتمناه عاماً تنتهي فيه حروب الطائفية في اليمن، وأن يعود لبنان لممارسة دوره الثقافي لنشر الكتاب ورسائل المحبة والسلام، وأن تنتهي مشكلة الصحراء المغربية لكي يتفرغ المغرب لقضايا وهموم الوطن الداخلية.
أتمناه عاماً تتفهم فيه أجهزة الأمن أنها في خدمة الشعوب وليست أداة قمع بأيدي الحكام، فكل ضابط أمن ينتهك حُرّمة مواطن أو يُهينه أو يظلمه أو يعذبه ينبغي أن نضعه في صف الأعداء.
أتمناه عاما تحتضن فيه أمهات وزوجات وأبناء وبنات المعتقلين ظلما، والمفقودين، والمختطفين، والمختفين، أحبابهم بعد طول غياب، فكل غائب ومفقود ومعتقل بدون جريمة هو مسؤوليتنا.
أتمناه عاماً ينتهي فيه التحالف الشيطاني بين الطغاة والدعاة، واعتبار الداعية الديني الصامت على الظلم والقهر والقمع ممثلا للشيطان على المنبر وعلى الشاشة الصغيرة وعلى صفحات الصحف الورقية والالكترونية.
أتمناه عاماً يكتشف فيه العربي قيمة التسامح والمحبة والشجاعة الأدبية.
أتمناه عاماً يعتذر فيه المصريون والجزائريون أنهم كانوا ضحايا ساذجين لوسائل إعلامية حمقاء تديرها أجهزة رسمية، وأن بوتفليقة ومبارك إلى زوال، وأن الجوانب المشرقة والمشتركة بين الشعبين المصري والجزائري أكبر واعظم من أن تنال منها ألسنة القرود في وسائل الاعلام بالبلدين.
أتمناه عاما فلسطينيا يرفض فيه الفلسطيني التلاعب به وبقضيته، وأن يمنح الفلسطينيون القيادتين في رام الله وغزة مهلة محددة للتصالح وإلا سحب الشعبُ منهم الشرعية.
أتمناه عاما يتأكد فيه المصريون أن مبارك حليفٌ لاسرائيل، وأنْ يتوقف الحصارُ المصري/ الاسرائيلي ضد الفلسطينيين، وأن الجدار الفولاذي بين مصر وغزة توأم للجدار العازل بين الفلسطينيين وأرضهم التي يستوطنها الاسرائيليون، وأن يتوقف تصدير الغاز المصري للدولة العبرية.
أتمناه عاماً يستعيد فيه الجيش المصري كرامته التي مسح بها مبارك الأرض، وأن تستعيد المخابرات المصرية دورها الوطني بعد أن حوّلها مبارك لوسيط بين الفلسطينيين ومجرمي الحرب الاسرائيليين، وأن يتمرد ضباط الأمن في مصر على تحويل مبارك لهم إلى أدوات قمع وحماية للصوص وناهبي الوطن.
أتمناه عاما يظهر فيه الزعيم المصري الذي انتظره المصريون طويلا، وأن نشهد محاكمة مبارك وأسرته وزبانيته ولصوص عهده في محكمة شعبية يطرق منها خجلا طبّالو النفاق في الصحف القومية والحزب الوطني الحاكم.
أتمناه عاما للنوبيين الأحرار، وأن يحصل أهل النوبة على حقوقهم، وأن تعترف الدولة بثقافتهم ولغتهم وتاريخهم ومياههم وأرضهم وممتلكاتهم في حدود الدولة المصرية.
أتمناه عاما لا يقف فيه رؤوس الأزهر الشريف والكنيسة القبطية ضد أماني الشعب المصري في التحرر من أسرة مبارك.
أتمناه عاما يثور فيه كل شعب عربي ضد وريث العرش، أحمد علي عبد الله صالح، وسيف الاسلام القذافي، وجمال مبارك، وسعيد بوتفليقة، وأن تكون شرعية بشار الأسد مشروطة بالافراج الفوري غير المشروط عن كل معتقل ضمير ورأي.
أتمناه عاما يتحرر فيه الليبيون من أربعين عاما شهدت فيه أرضُ عمر المختار مأساة كوميدية تهريجية تعامل فيها القذافي مع شعبه على أنه مجموعة من النعاج ، ورضي فيها الليبيون التخلف والجهل واهدار ثرواتهم.
أتمناه عاما عربيا يؤكد فيه كل مواطن أنه يستحق نفخة روح الله فيه، وأن له كرامة، وأنه لن يعطي قفاه بعد اليوم لأي سلطة تصفعه متي شاءت وكيفما أرادت.
أتمناه عاماً يكتشف فيه المواطن الشجاعة الكامنة داخله، وأن تتفجر قوى الغضب التي كبحها طويلا.
أتمناه عاما سعيدا لكم جميعا.
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو النرويج