أرشيف - غير مصنف
نافذة على الثقافة الوطنية الفلسطينية
بقلم: شاكر فريد حسن
الثقافة الوطنية هي ثقافة الخنادق وليس الفنادق ، انها وليدة المعاناة والألم والقهر والنضال والمقاومة الشعبية.،وثقافتنا الفلسطينية هي ثقافة وطنية ذات رؤية قومية وطبقية واعية وأصيلة وبعد اجتماعي وسياسي واضح ملتزم بالثورات التحررية. وهذه الثقافة تكتنز بهموم الجماهير وأحزانها وأفراحها ، وعشقها للحياة وتمسكها فيها ،وتطلعاتها نحو افق المستقبل الوضاء . وتتصف بمضامينها الانسانية التقدمية الرافضة لكل محاولات اليأس والعجز والهزيمة والاستسلام والضياع ومظاهر العنصرية والشوفينية القومية0
لقد أثبتت الثقافة الفلسطينية وجودها الحضاري والانساني وأدت دوراً بارزاً في حياة شعبنا ضد الظلم والقهر والجور والاغتراب والاضطهاد السياسي وفي معاركه السياسية والحضارية ، دفاعاً عن البقاء والوجود والتطور في الوطن ، وذلك من خلال أعمال ابداعية وفنية وجمالية تعكس روح الانسان الفلسطيني وكرامته الوطنية وهويته الفلسطينية الكنعانية ، ورسم الأجواء القروية التقليدية والحياة الشعبية البسيطة المعتمدة على فلاحة الأرض وتصوير مدى علاقة انساننا فيها.
وحظيت الثقافة الفلسطينية بأسماء عديدة من الكتاب والشعراء والمفكرين والفنانين التشكيليين والمسرحيين، الذين ولدوا ونشأوا في حضن الفقر وصنعوا الأدب المقاوم والفكر الحرالمقاتل والمتنور ، وحملوا راية الحرية والثورة وعبّروا بوضوح عن مواقفهم السياسية والاجتماعية والثورية ، كما أدركوا دورهم كمبدعين ثوريين وهو الالتزام بالموقف الأيديولوجي العلمي للطبقة العاملة ونقل الهموم الانسانية والوطنية والاجتماعية لتشكل صورة حية لعمق الهم والوجع اليومي والمكابدة الفلسطينية والانسانية وتجسيد الطموح الجماعي وطريق الخلاص من الظلم والاضطهاد والاحتلال ، وقد حددوا منذ البداية انتماءهم الطبقي الى جموع الفقراء والجائعين والمغبونين والمضطهدين من خلال الانصهار في العمق الشعبي.
وشهدت الثقافة الفلسطينية حالات من النمو والانبعاث والازدهار وحالات أخرى من الركود والهبوط والعجز ، وصلت ذروتها بعد انهيار وسقوط الايديولوجيات وانكسار الحلم الثوري ، اضافة الى رحيل الكثير من رواد ثقافتنا الى العالم الاخر.
وفي الظرف الراهن من الضروري أن تستوعب ثقافتنا الفلسطينية التحولات الاجتماعية والسياسية والفكرية، التي طرأت على مجتمعنا العربي الفلسطيني، وتعمل على دفع المجتمع في الاتجاه الثوري التقدمي وتغيير المفاهيم والمعايير القيمية والسلوكية.
ان ادباءنا وكتابنا ومثقفينا الثوريين مطالبون ببذل المزيد من الجهود الثقافية حتى تتواصل عملية البلورة الناضجة لخصائص وملامح ثقافتنا الوطنية الجديدة ، والالتزام بالقيم الفنية المعاصرة والخصائص الجمالية الحديثة ، واشباع الحاجات الروحية وترقية مشاعر الناس ووجدانهم، ومنح الثقافة هويتها الاجتماعية ـ الطبقية والتاريخية.