أرشيف - غير مصنف

هل من علاقة بين بناء الجدار الفولاذي وبدء المفاوضات ؟!

أ / محمد خليل مصلح

اعتقد ان بعض الاوراق السياسية التي شكلت لبعض المتابعين لمجريات الاحداث على الساحتين الفلسطينية والعبرية اشكالية في ادراك مغازيها ، ولُبس بها على الرأي العام والمواطن الفلسطيني ، بدأت تتضح فعزوف عباس عن ترشيح نفسه لم يكن بريئا بل شَرك اوقع به الفلسطينيين قبل نتنياهو كان السيد ابو مازن يسعى من وراءه لتحقيق هدفين ايهما يُحقق سيخدم لعبته ، فالرئيس عباس كما اشرت بذلك في حينه  يسعى اما الى موقف من الحكومة الاسرائيلية بوقف الاستيطان في الضفة والقدس او اسقاط حماس والذي اتضح ان الولايات المتحدة فشلت في الضغط على نتنياهو لتحقيق هذا التنازل لذلك اعيد طرح الموضوع واحياء الخيار الآخر لكن بإدخال الطرف العربي المتحفز لهذا الدور للخلاص من التهديد " الاسلامي " ، وهكذا بمقدورنا تحليل الخطوات السياسية او استراتيجية الشركاء للبدء بالمفاوضات في الوقت القريب في حالة النجاح بخنق حماس في قطاع غزة لاجبارها على تقديم التنازلات كخطوة اولى في ملف المصالحة قبل الانتهاء من ملف شاليط بسبب ما لملف شاليط من تأثير في الساحة على الاطراف رئيس الشاباك ديسكن ستكون صفعة لابي مازن  وانجاز كبير لحماس في الرأي العام .
الحديث الجاري في الاروقة السياسية من اقتراب الاتفاق بين الحكومة الاسرائيلية وادارة اوباما على الخطوط العريضة للبدء بالمفاوضات تندرج في هذا السياق ، وزيارة نتنياهو لمصر كخطوة اولى لبحث الامر مع المصريين بعد الاستجابة للطرح الامريكي الفرنسي لبناء الجدار الفولاذي لاستدراج ابو مازن وفريق اوسلو للتفاهم على التصور المقبول للدولة العبرية لحل الصراع هي ايضا تخضع لهذه الخطة .
نتنياهو سعى منذ البداية ولا يزال بكل الوسائل لادخال المعارضة الاسرائيلية في حكومة وحدة وطنية تشكل له حماية وجدارا وقايا له سياسيا وايديولوجيا يقيه من السقوط فهو ما زال يعاني من رهاب السقوط الذي حدث له في حكومته الاولى 1996 – 1999 ، خيارات نتنياهو محدودة وأُفق الحل في رؤيته ايضا مقيدة بإعتبارات شخصية وسياسية وايديولوجية فهو بحاجة الى حكومة وحدة وطنية تعزز من امكانية القفز على تخوفات وحسابات بعض الشركاء في الائتلاف اليميني الحاكم لذلك لن يتوقف عن الضغط والتهديد لتسيفي لفني للدخول في حكومة الوحدة ، الورقة المتبقية له ادارته للازمة مع ليفني ورقة  تمزيق الحزب وشقه لكنها ستبقى ورقة اخيرة ، فهو الآن يتقدم بعرض هو يدرك اكثر من غيره رفض كاديما له ولكنه يتصرف بطريقته الحذرة حتى لا يثير فزع الشركاء لذلك سيتقدم بعرض آخر افض من الاول بعد تجاوز واختبار الشركاء والرسائل التي اطلقها بعدم فتح الملفات لاعادة توزيعها بحسب التمثيل والحجم النيابي ، ولا اغفل ان في ذلك رسالة الى احزاب الائتلاف اليمينية انه بحاجة الى هامش مناورة اكثر مما هو ممنوح له من الشركاء وان المرحلة السياسية المقبلة لا تقبل التأجيل وان الدولة العبرية تضررت بما فيه الكفاية بعد الحرب الاخيرة وانه ورث ملفات حرجة بحاجة الى قرارات حاسمة احجمت عنها حكومة اولمرت السابقة .
تسيفي ليفني لا تملك حلا سحريا ولا حتى القدرة على الحل سواء في اطار حكومة يسارية علمانية بقيادتها ولا في اطار حكومة الوحدة بل ارى ان من اسباب هروبها لاقتناعها انها ستكشف عن عجزها ويفتضح امرها وانها لن تتقدم خطوة واحدة عن ما عرضته على ابو مازن في حكومتها السابقة تقديم ولن يتعدى دورها  مع نتنياهو في الخروج من الازمة التي تواجهها اسرائيل الصورة التجميلية او برواز لنتنياهو .
 تسيفي ليفني بمقدورها ان تتلاعب فقط بالطرف الفلسطيني بطرح بعض التصورات المجتزأة والغير مكتملة الفصول او النهايات بإستخدام بعض المصطلحات السياسية تدغدغ بها عواطف فريق اوسلو كقارب نجاة وخلاص بعد الاقرار بفشل نهجهم السياسي في حل الصراع .
الوحدة المطلوبة من حماس التوقيع عليها في اطار الخطة الامريكية الاسرائيلية الفلسطينية  – خاصة بعد تأكيد السيد ابو مازن ان مصر هي الطرف الوحيد القادر على انهاء الازمة وعقد الوحدة – هي لخدمة اهداف سياسية لا تتوافق مع طموحات حماس من اتفاقية الوحدة  ، الحالة المعروضة امامنا في كلا الجانبين الفلسطينيين والاسرائيليين ، قريبة من بعضها ، نتنياهو يريد وحدة وطنية مع المعارضة مع الفارق انه لا يوجد انشقاق جغر افي ولا حتى صراع حاد بينهما ، لكنه يسعى لوحدة تهدف الى تحقيق غايات واهداف سياسية تتوافق مع رؤيته لحل الصراع اما الجانب الفلسطيني في محاور من المشهد تتطابق ، السيد ابو مازن وفريقه مع بعض الدول العربية تعمل في الاتجاه المتناقض للمصلحة الوطنية باستخدام وتجيير ورقة المصالحة والوحدة الوطنية  للبدء بالمفاوضات لخدمة اهداف ومصالح مشكوك في امرها ستبقينا في حلقة مفرغة لا جدوى منها .

زر الذهاب إلى الأعلى