كي أغسلَ الأحداقَ من ذررِ التُرابِ ..
وأستعيدَ منَ الزّمَنْ
همّاً قديماً مستفيضاً بالمحَنْ
معَ ذكرياتٍ سابحاتٍ ..
في مداراتِ الشجَنْ
في صبحنا و مسائنا أمستْ سكَنْ
و لمحتُ حُلْماً أسوداً
وسَطَ الدّماءِ مُمدّداً
كالجثّةِ المُلقاةِ يعلوها العَفَنْ
و شريطُ تاريخٍ يئنْ ..
هوَ كالذّبيحِ بعارهِ
من تحتِ أطنابِ الكفَنْ
من صوتهِ ..
نُكأتْ جراحَ الصمتِ
تنزفُ مجدَنا المزعومَ ..
يُثقلهُ الوَهَنْ
فزفرتُ آهاً إثرَ آهٍ ..
ثُمّ آهٍ يا زَمَنْ
قالتْ : رويدكَ أيّها الممسوسُ ..
بالآهاتِ و الأوجاعِ و الأوهامِ ..
يسكُنكَ الحَزَنْ
هذا الذي تهذي بهِ ..
ليسَ الوطَنْ
لا تذهلي , فهوَ الوطَنْ
لكنّهُ قد أرهقتهُ طقوسنا ..
و تناهشتهُ ذئابنا ..
و تناهبتهُ بغفلةٍ ..
خُضْرُ الدّمَنْ
مِزَقاً غدا ..
منْ بعدما ..
قد قطّعوهُ بمديةٍ ..
و بخلسةٍ بحدودهِ ..
زرعوا الفتَنْ
أفلا ترينَ ربوعهُ ..
يقتصُّ منها كلّ مَنْ
خيراتهُ يقتاتُ منها أيُّ مَنْ ..
و جميعُ منْ
قد سوّلتْ لهُ نفسهُ ..
فيهِ طعَنْ
و نساءهُ قد عُذّبوا ..
و رجالهُ قد شُرّدوا ..
أطفالهُ منْ تُستباحُ دمائهم ..
و بلا ثمَنْ
هذا الوطَنْ ..
يغفو على أملِ الخلاصِ و رقدة
قد قيّدتهُ بذُلّهِ ..
منْ شرقهِ حتّى أقاصي غربهِ ..
مثلَ الشَّطَنْ
***
قالتْ : عجبْ ..!
أينَ الجمالُ مُفاخراً بترابنا ..؟
أينَ السناءُ مُرفرفاً فوقَ العُلا ..؟
أجميعُ هذا الزيفِ فينا قد عَدَنْ ..؟
فأجبتها : لا تعجبي
نبكي على طللٍ لنا ..
بالقدسِ باتَ مُضرّجاً بسكوتنا ..
بالرافدينِ مشرذمٌ بضلالنا ..
و بكلّ شبرٍ من ثرانا مُرتهَنْ
فنُكدّسُ الغضبَ المُسجّى في الصدورِ
صهيلهُ كالخيلِ ألجمها الرّسَنْ
هوَ حالنا ..
كلماتنا كذبٌ تُصوّرُ ثورةً
محمومةً يغتالها : يا ليتَ أنْ
نُلقي القصيدَ مُشزّرينَ بصرخةٍ
عبثيّةٍ يمحو صداها : ليتَ أنْ
بعيوننا آمالنا محبوسةٌ ..
في ليتَ أنْ
أيّامنا مكرورةٌ ..
أحلامنا موؤودةٌ ..
أنفاسنا محروقةٌ ..
بلداننا معروضةٌ ..
في كلّ أسواقِ النخاسةِ – كالعبيدِ – ..
يبيعها وثنٌ و يشريها وثَنْ
فبكتْ بحرقةِ وجدها ..
مهذارةً , قالتْ : إذنْ ..
قلتُ اسمعي ..
تلكَ الدّموعُ تململتْ من قهرنا ..
كلُّ الحروفُ تثاءبت في شعرنا ..
و العجزُ صارَ مُبرّراً لخنوعنا ..
كذباتنا صارتْ لنا مثلَ المهَنْ
فتفاءلي أختاهُ لا تتشاءمي ..
لكنْ إذا يوماً مررتِ بتائهٍ ..
لا تسأليهِ عنِ الوطَنْ
….
.
14/12/2009