في العام 2000 وافق المجرم إيهود باراك رئيس وزراء الكيان الصهيوني آنذاك على خطة لبناء جدار شمال ووسط الضفة الغربية، وقرر مجلس وزراء الكيان الصهيوني فيما بعد توسعة خطة باراك نتيجة سلسلة العمليات الاستشهادية التي قتلت وجرحت المئات وبدأ العمل بإقامة الجدار في العام 2002 فتم مصادرة وتجريف أراضي الفلسطينيين، سيبلغ طول الجدار عند اكتمال بناءه 723 كم، أطول بخمس مرات من جدار برلين فيما يبلغ ارتفاعه ثمانية أمتار، ضعف ارتفاع جدار برلين، وقد أقيم 85% منه في أراضي الضفة الغربية وأُنجز لغاية الآن 58% منه، ويتكون الجدار من الاسمنت والأسلاك الشائكة وخنادق بعمق ثلاثة أمتار وطريق ممهده للدوريات وطريق رمليه لرصد آثار الأقدام وأقيم عليه أبراج مراقبه وسياج مكهرب ومجسات الكترونية وأقيم على جانبيه مناطق عازله وكاميرات مراقبه وبوابات الكترونية لا تفتح إلا بمواعيد محددة وإن فُتحت فلوقت قصير. وسيُعزل أكثر من 50 ألف فلسطيني بينه وبين الخط الأخضر (خط الهدنة) فيما سيحيط بأكثر من 125 ألف فلسطيني من الجهات الثلاث.
عند اكتمال الجدار سيتم عزل القدس بشكل نهائي بالإضافة إلى حصار كامل لبعض المناطق ليحولها إلى سجن لا يمكن الدخول والخروج منها إلا من خلال بوابة واحدة، هذا بالإضافة لما سيتم الاستيلاء عليه من أراضي الضفة الغربية ومخزونها المائي وسيمنع أصحاب الأراضي من دخول أراضيهم واستغلالها لأن الجدار سيفصلها عن مكان سكناهم، فالجدار العنصري هو مستوطنه القصد منها التوسع والاستيلاء على المزيد من الأراضي وخنق الفلسطينيين ومحاربتهم بكل الوسائل والأساليب لحملهم على الرحيل.
من جانب آخر لم تكتفي السلطات المصرية بما تمارسه من حصار على أهل غزه ويضايقها أن يبحث المحاصرون عن وسيلة للعيش من خلال الأنفاق التي كانت البديل عن المعبر المغلق بشدة، فبذلت كل جهودها لتفجيرها بمشاركة الطيران الصهيوني وإغراقها بالماء والغاز واعتقال المئات من العاملين فيها وزجهم في سجونها دون معرفة مصيرهم لوقف ما تسميه "عمليات التهريب"، فهي التي تتشدد بحصارها ولا تسمح للهواء بأن يدخل من عندها لغزه ، وحينما تأكدت بأنها عاجزة عن القضاء عليهم بالرغم من العدوان الذي أُعلن عنه من القاهرة واستمر لاثنين وعشرين يوماً، لجأت بإشراف أمريكي فرنسي صهيوني إلى جريمة جديدة تسجلها بتاريخها الأسود بالبدء ببناء جدار فولاذي صناعة أمريكية وقد تم اختبار مقاومته للقنابل، سيبلغ طوله 10 كم وبعمق 20-30 متر أُنجز منه أكثر من 5 كم ، يتكون الجدار من صفائح فولاذية طول الواحدة 18 متراً وسمكها 50 سم لا يمكن تفجيرها واختراقها ومزوده بمجسات تنبه عن أي محاولة للاختراق ، وقد خصصت له أمريكا خمسين مليون دولار لشراء معدات المراقبة بعد أن تكفلت بتكاليف بناءه وستقوم فرنسا بإطلاق قمر صناعي للتجسس ومراقبة قطاع غزه، وتصفه كارين أبو زيد بأنه "أكثر متانة من خط بارليف الأسطوري الذي بُني على الضفة الشرقية لقناة السويس قبل حرب أكتوبر عام 1973" ، وأنها تأسف لاشتراك الحكومة المصرية في هذا العمل واصفة إياها بـ "سيئة السمعة ولا تخدم إلا إسرائيل".
هؤلاء هم الحريصون على حماية السيادة المصرية من أهل غزة الذين يصطفون بالطوابير للهروب والتسلل للاستيطان في سيناء، هذه آخر أكاذيب شيوخ الأزهر الذي لا يصدقها طفل في آخر حدود الأرض وهو يشاهد هؤلاء العزّل يتصدون للطائرات بأجسادهم لتختلط أشلاؤهم بالأرض التي عشقوها، ولم يزيدهم القتل والدماء إلا تمسكاً بها ولم يفكروا بتركها والهروب بل افترشوا الأرض بعدما تهدمت بيوتهم التي كانت تأويهم ولا زالوا يعيشون في العراء رغم برد الشتاء وحرّ الصيف، حاربوا الجوع والعطش وصبروا على الحصار بانتظار أن تتحرك النخوة بدماء إخوانهم لا أن يبنوا جداراً يقتلهم ويقضي على آمالهم.
لقد حول النظام المصري بعد وقوفه المهين مع الكيان الصهيوني في العدوان وحصار أهلنا في غزه تلك الدولة العربية الكبيرة التي كنا كعرب نلجأ إليها باحثين عن مساعدة وحلول، إلى ذيل للصهيوني تخدمه في كل عملياته القذرة فتحكم إما بالموت البطيء على مليون ونصف مليون فلسطيني أو بالإبادة بأيدي الصهيوني أو بيديها فتلطخت يداها بالدم والعار وحملت وزر الأحياء والأموات بعدما كشفت عن وجهها القبيح ويؤيدها في جريمتها من يُنصّب نفسه "ممثلاً" للشعب الفلسطيني ليصبح شريكا بكل الجرائم وكذلك شيخ السلطة الطنطاوي بفتوى العار فيما اعتبر المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض أن الدفاع عن إقامة الجدار يعني في ذات الوقت الدفاع عن تجويع الفلسطيني وتلك جريمة لا يقرها شرع أو قانون أو عقل. وأضاف إن بعض الممارسات التي تتم في البلد أصبحت تجعل الإنسان يخجل من انتمائه إلى مصر. فيما اعتبر الدكتور عبد الله الأشعل خبير القانون الدولي أن مشاركة مصر ببناء الجدار يضعها في دائرة التجريم. فهل هناك أوضح من هذه الآراء بأن مصر ترتكب جريمة تعرضها للعقوبة، وقد أصبح رفع دعاوى ضد أركان النظام المصري مطلباً لبعض الناشطين والمتظاهرين الأجانب، كما تقول المنظمة العربية لحقوق الإنسان إن حكم هذا الساتر الحديدي بالقانون الدولي هو نفس حكم بناء جدار الفصل العنصري بالضفة الغربية، وعلى كافة القانونيين "ملاحقة المسؤولين بالحكومة المصرية أمام القضاء الدولي".