عقلية العداء والكراهية والقتل في الكيان الصهيوني ..
بقلم د.مازن صافي
على الجانب الآخر من كل ما يجرى حولنا ومحاولة كسر الجمود في المفاوضات والدفع بالعربة الى الأمام نجد أن هناك رفضا شعبيا لكل ما يجري .. لن أتحدث في هذا المقال عن الرفض الشعبي الفلسطيني للمفاوضات وضياع كل آماله في إمكانية تحقيق أي تقدم حقيقي ملموس أو اختراق للعقلية الصهيونية التي ترفض بكل ما تستطيع من تأثير دولي أو تنفيذ جرائم حرب وعدوان أو إطلاق الحملات الإعلامية الملفقة والكاذبة .. بل سأتحدث عن العقلية العدائية الصهيونية لكل ما هو عربي ، وذهابهم إلى قتل كل من يؤمن بفكرة إعادة الأرض للعرب الفلسطينيين .. هذه العقلية نفسها هي التي قامت بإعدام رابين بالرصاص قبل خمسة عشر عاما .. هذه العقلية هي امتداد إجرامي لمبادئ العصابات الصهيونية التي شكلت النواة الأولى للكيان الصهيوني فوق أرضنا الفلسطينية قبل أكثر من مائة عام ..
هذه العقلية هي التي حاولت اغتيال سكرتير عام الحزب الشيوعي الإسرائيلي، مائير فلنر، حين كان نائبا في البرلمان الإسرائيلي، والذي أصيب بطعنات كادت تودي بحياته لأنه صرخ من على منصة الكنيست الإسرائيلي في وجوه قادة إسرائيل في حزيران 1967 قائلا لهم: انتم مجرمو حرب!
نعم هم مجرمو حرب .. ويجب ألا ننسى قيامهم بالمجازر الدموية في البلاد العربية حيث الوجود والشتات الفلسطيني .. فهل ننسى مجزرة صبرا وشاتيلا .. ونعم العقلية الصهيونية واحدة في التعامل مع أي شخص يدينها أو يكشف الحقائق .. فلقد تم اغتيال ناشط السلام الإسرائيلي اميل غرينتسفايغ خلال تظاهرة لحركة "السلام الآن" ضد الحرب على لبنان في العام 1982 أي في نفس السنة التي نفذت إسرائيل أبشع جرائمها ومجازرها ضد الإنسان الفلسطيني .. في الوقت الذي يُدمن العقل الصهيوني تخليد ذكرى القتلة وحماية مجرمي الحرب .. فها هي المؤسسة الصهيونية المتمثلة في الكنيست الإسرائيلي قد أقرت قانونا يقضي بتخليد ذكرى الارهابي رحبعام زئيفي صاحب نظرية الترانسفير ضد العرب الفلسطينيين .. وحتى أن الإرهابي شارون لم يسلم من التهديدات الصهيونية بقتلة أبان الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من قطاع غزة عام 2005م .. وهذا الشيء وهذه العقلية الإجرامية ليست وليدة الحفاظ على الكيان الصهيوني ولكنها بفعل التغذية الإرهابية والحاقدة في مدارس إسرائيل حيث أساس هذه الكراهية والتحريض اللذين يتغذى عليهما الأطفال من لحظة تفتح عيونهم وحتى إنهاء دراستهم المدرسية وتوجههم فورا إلى خدمة آلة الحرب الإسرائيلية من خلال التجنيد الإجباري… فلا يجب أن نتفاجأ مما كان يكتبه الجيش الإسرائيلي في مدارس وشوارع قطاع غزة أبان العدوان في أواخر ديسمبر 2008 م ..
اليوم الأربعاء 6/1/2010 نقلت الصحف العبرية في صدر صفحاتها الأولى .. حيث يقول الخبر (إذا كنت تعتقد أنك قادر على هدم المستوطنات فأنت واهم حتما سنقتلك ) وتضمنت الرسالة كذلك حسب المصادر الإسرائيلية عبارات مثل "سنقتص منك أو من أولادك أو عائلتك أو أي شخص عزيز عليك … وإذا لم ننجح الآن في قتلك سننجح بعد ان تنهي عملك كوزير وتكون بدون حراسة". .. فلمن وجهت هذه الرسالة..؟؟!! ومن الذي قام بتوجيهها .. تقول الصحيفة و ونقل التلفزيون الصهيوني القناة العاشرة الرسالة التي تلقاها وزير الحرب الصهيوني أيهود باراك عدد من رسائل التهديد بالقتل والمساس بعائلته في حال استمر في قرار تجميد البناء في المستوطنات .. ويعتقد جهاز الاستخبارات الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) انه يوجد عشرات المتطرفين اليهود المستعدين لمهاجمة مسئولين كبار اذا شعروا بالتهديد على الحركة الاستيطانية، طبقا لصحيفة يديعوت احرونوت…
والآن لنعود قليلا إلى التاريخ حين قام مبعوث الأمم المتحدة في العام 1948 م بمحاولة فلسطين للتوصل إلى تسوية سلمية للصراع بين الجانبين على أساس القرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني عام 1947م ونص على تقسيم فلسطين إلى دولتين مستقلتين، واحدة يهودية وأخرى عربية، مع تدويل القدس، وهو الأمر الذي رفضه العرب بشدة… واقترح أيضاً إجراء بعض التعديلات على الحدود بين الدولتين العربية واليهودية كما يرسمها قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة، ومن بين هذه التعديلات ضم منطقة النقب للدولة العربية وضم منطقة الجليل للدولة اليهودية، كما اقترح إدخال القدس بأكملها ضمن الدولة العربية مع منح الطائفة اليهودية فيها استقلالاً ذاتياً لشؤون البلدية، مؤكداً أن القدس يجب أن تظل تحت السيادة العربية… وكان ثمن تصريحاته أن تم اغتياله ، وظلت تفاصيل الحادث غامضة إلى أن اعترف شامير بارتكابه تلك الجريمة في الذكرى الأربعين لاغتيال برنادوت.ويجمع المراقبون أن اغتيال برنادوت حسم مبكراً نيات اليهود تجاه التعايش السلمي مع العرب وأثبت أن السلام لم يكن ولن يكون هدف إسرائيل لأنه يتنافى مع أهدافها وأطماعها… وإسرائيل لا يمكن أن تتورع عن فعل أي شيء لأجل عدم إعادة أي شيء من الحق الفلسطيني .. إذن كيف يمكن أن نصدق أن هناك أي إمكانية لوقف الاستيطان أو إقامة الدولة الفلسطينية حيث القدس عاصمتنا وكذلك الحدود و عودة اللاجئين والثوابت الفلسطينية .. لهذا كان عنوان مقالي السابق يقول " الخطة الأمريكية غير قابلة للتنفيذ أو التصديق …؟! " .. فمن لديه أي كلام غير هذا فليتفضل لقول غير ذلك ..!!!
د.مازن صافي [email protected]