أرشيف - غير مصنف
من يلقح ملك المغرب ضد الغطرسة؟
بقلم: لحسن بولسان
يمكن ان نقول الكثير عن مضمون خطاب ملك المغرب الأخير في محاور تعني الشأن الداخلي المغربي ،الا ان ما يهمنا فقط هو الجانب المتصل بقضية الصحراء الغربية،حيث لم يأت خطاب ملك المغرب بجديد يشذ عن تلك الأهداف التي تبتز الراي العام الدولي والطرف الصحراوي .
وفي تحليل دوافع وابعاد هذا التوجه المبني على الصلافة والتعنت والغطرسة ، نجد أن غايته تكمن في التغطية على المأزق الذي انتهى إليه المغرب بسبب احتلاله للصحراء الغربية وبدأ يرخي بظلاله الكثيفة على المستقبل السياسي للمملكة ومصير مؤسسة القصروبالتالي فإن المغرب في مأزق حقيقى وهو لا يريد ان يعرف طريقاً للخروج منه بسبب سياسة المكابرة والمعاندة التي تسيطر على مواقفه.
وان كان ليس جديد في خطاب المغاربة التسويق لحلول قسرية من قبيل الحكم الذاتي والجهوية الموسعة،الا ان المفارقة الغريبة في هذا الطرح هو أن يصف المغرب البوليساريو بالمعرقل للحل، في وقت لم يترك فيه المغرب شكلاً من أشكال الإستفزاز إلا ومارسه ،ووسيلة من وسائل تجسيده بأبشع صوره إلا واستخدمها بدءاً من الاعتقالات و النفي والترهيب ،وانتهاءً بالتهديدات الاستفزازية وخطابات التصعيد، فمن يتعين عليه إثبات جدية النية حيال الحل العادل ; البوليساريو التي شهد العالم كله لها بإيجابية موقفها وفاعلية دورها في تعزيز جهود المجموعة الدولية ، أم المغرب الذي يبني سياسته في تجاوبه مع المجهودات الدولية على الابتزاز والتماطل والتهديد؟.
ان خطاب محمد السادس ياتي ليؤكد ان المغرب يعمل في كل الاتجاهات الخاطئة ويدير ظهره للاتجاه الصحيح كي لا يعترف بخطئه الجسيم في احتلال الصحراء الغربية ، فهو يكابر في نفي حقائق النزاع في مسعى لتكريس اضاليل لم تعد تقنع ابسط مواطن مغربي.
لقد أخطأ صاحب الجلالة وللاسف مبكراً عندما لم يقرأ المعطيات التي خلقتها الناشطة الحقوقية امينتو حيدار وما واكب ذالك من مواقف كلها مجمعة على ضرورة احترام حق شعب الصحراء الغربية التي لا يعترف اي كان للمغرب بسيادته على ترابها.ولا يريد المغرب ان يفهم مضمون رسالة امينتو وموقف عشرات المعتقلين السياسين الصحراويين في السجون المغربية والمظاهرات اليومية بالشق المحتل وصمود اللاجئين ، لسان حال الجميع يقول : لاللاحتلال ولن تغير سياسة التزوير في شيء.
وهناك مؤشرات عن خيبة مغربية بالغة الدلالة وواضحة بلا أي لبس، ومنها ان السلوك المغربي تجاه الضغط الدولي المتصاعد والمتضاعف على الرباط قصد احترام حق الشعب الصحراوي ، بات يشكل للمغرب ارتباكا واضحا بعدما تيقن من خلال جلسات المفاوضات مع البوليساريو،او بعد الرحلات المكوكية المعلنة والسرية للهمة والمنصوري للبيت الابيض ومقر الامم المتحدة، أن هامش المناورة قد ضاق أمامهم كثيراً وان لا فرصة في استدراج الامم المتحدة الى اي حل يشرع احتلاله للصحراء الغربية ، و بدل التعامل مع الواقع لجأ الى المناورات والى سياسة الهروب الى الأمام،عله يخرج باقل ضرر.
ولا خلاف ان تمرد المغرب على الشرعية الدولية برفض الاستجابة لقراراتها الخاصة با حترام حق الشعب الصحراوي سيجعله يعيش عزلة دولية خانقة ،مقابل تأييد المجتمع الدولي لمواقف البوليساريو في اي اتجاه كانت حتى ولو كان خيار الحرب الذي اصبحت كل قواعد الجبهة تشدد على ضرورة العودة اليه.
وفي الاخير اذا كان خطاب ملك المغرب يؤكد رغبته على تدمير وافشال مجهودات المجتمع الدولي واعلان حرب على السلام والحل العادل،فإن الشعب الصحراوي قبل ان يلجأ لمقاتليه، يتسأل عن ماهية الجهة التي يمكن ان "تلقح" المغرب ضد مرض الصلافة والتعنت والضياع في ظلماته ،حتى يحملها مسؤولية ما سيلحق بالمنطقة من اضرار.