أرشيف - غير مصنف

قرار المفوضية (الأيرانية) العليا للانتخابات: تدخل ايراني صريح وانتهاك فاضح للدستور ولمبادئ حقوق الانسان

د أيمن الهاشمي

القرار الايراني الهوى والمصدر الذي اتخذته ما تسمى بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات بشأن إستبعاد عدد من الشخصيات العراقية الوطنية السياسية بذريعة خضوعهم للاجتثاث!!! يثير العديد من التساؤلات والشكوك حول دواعي ودوافع هذا القرار الطائفي البحت، وغير القانوني واللادستوري،
 
          فالمفوضية اصدرت قرارا غريبا يتضمن استبعاد عدد من الشخصيات السياسية من الترشيح للانتخابات النيابية المقبلة. وبالرغم من أن حزب المالكي نأى بنفسه على لسان متحدث عنه، عن هذا القرار، وقال علي العلاق عن حزب الدعوة الحاكم جناح المالكي ان مفوضية الانتخابات وهيئة المسائلة والعدالة وهيئة النزاهة هما الاطراف الثلاثة المعنية بتدقيق امور المرشحين (!!!) وبالتالي هي تطبق ما ترى انه يخالف الشروط التي على اثرها ترشح الكيانات السياسية مرشحيها مضيفا ان رأت تلك الجهات ان مرشحا ما يخالف شرطا واحدا او اكثر من المؤكد فانها ستبعده عن الترشيح . واتهم ممثل حزب المالكي الشخصيات المستبعدة بأنها (تروج !!) لحزب البعث العربي الاشتراكي، وأنهم (يدعمون) ذلك الحزب في المحافل السياسية خارج العراق، وهذا (برأي ممثل المالكي!) مخالف للدستور لأن حزب البعث هو حزب محظور دستوريا كما انه خالف شروط الترشيح المقررة مسبقا .
 
 
 
إن القرار الغريب للمفوضية يثير الاسئلة التالية:
 
 
 
1. إن المفوضية وقعت في تناقض عجيب، فالأشخاص المستبعدون (وبخاصة الدكتور صالح المطلك) هم نواب في البرلمان العراقي الحالي، ومنذ 2005، فلماذا لم تنتبه المفوضية سابقا الى وضعهم وكونهم لا يحق لهم الترشح لعضوية البرلمان؟ ولماذا الآن؟
 
 
 
2. أن جميع المستبعدين هم من ((مكون طائفي واحد!!)) مما يدلل قطعيا النفس الطائفي في الموضوع وان القصد هو تفكيك الكتلة الوطنية المناهضة للطائفية وعدم السماح لها باكتساح الانتخابات القادمة. خاصة بعد ان ظهرت مؤشرات على تصاعد الروح الوطنية العراقية في مواجهة المد الطائفي الذي برز عام 2004 و 2005، وكانت احداث العدوان الايراني الاخير والاستيلاء على بئر الفكة وقطع المياه عن المدن العراقية الحدودية، قد اثارت الروح الوطنية بين العراقيين في استنكار العدوان الايراني وكانت مظاهرات الاستنكار قد عمت جميع محافظات العراق وبالاخص المحافظات الجنوبية والوسطى دون استثناء.
 
 
 
3. لقد اثبتت الوقائع بما لايقبل الشك أن مفوضية الانتخابات وهيئة النزاهة والمسائلة والاجتثاث هي جهات غير مستقلة وخاضعة للتأثيرات السياسية والطائفية، وللتدخل الايراني في الشأن العراقي، ولعل القرار المشبوه هو احد اهم ثمار زيارات متكي ولاريجاني للعراق.
 
 
 
4. إن القرار يشكل عقبة كأداء على طريق المصالحة الوطنية، ويؤكد أن المالكي والاطراف المتحالفة معه غير معنيين بشأن المصالحة العراقية الوطنية، بل أن هذا القرار سوف يوسع رقعة عدم التفاهم ويعمق من الشكوك والفوضى وعدم الثقة بين مختلف اطراف العملية السياسية.
 
 
 
5. إن القرار يوفر الارضية لمساعي ايران لتوحيد اعوانها كل من كتلة نوري المالكي (دولة القانون) مع الكتلة الطائفية الأخرى (كتلة المجلس الاعلى المسماة بالإئتلاف الوطني)، خاصة بعد ان انهى العراقيون مهزلة (القوائم المغلقة)!
 
 
 
6. تدعي المفوضية ان الاستبعاد جاء وفقا للدستور!!!، في حين ان قرار المفوضية هو الذي يناقض الدستور الذي ينص على الغاء اي قرار يخالف مبدأ حقوق الانسان، وحق الترشيح والانتخاب هو في مقدمة الحقوق السياسية والمدنية التي اقرتها شرعة حقوق الانسان والميثاق الدولي والاتفاقيات الدولية، ان حق المواطن في الترشيح والانتخاب وحقه في اختيار من يمثله حق دستوري ومبدأ أساسي من مبادئ حقوق الانسان وبالتالي فإن قرار المفوضية وماتسمى بهيئة المسائلة والعدالة باستبعاد المرشحين هو قرار مخالف للدستور ومخالف لمبادئ حقوق الانسان.
 
 
 
7. المنطق الغريب في القرار أنه يساوي بين من يدعو لإشراك جميع العراقيين في الانتخابات المقبلة دون مصادرة ولا تهميش، وبين من يدعو لأفكار حزب معين محظور، فشتان بين الأمرين، فالشخصيات المستبعدة لم تكن يوما تدعو لترويج افكار اي حزب بل كانت تروج للوحدة الوطنية واشتراك جميع العراقيين في اتخاذ القرار واشراك جميع مكونات الشعب العراقي في اختيار ممثليهم في الانتخابات بغض النظر عن قوميتهم ومذهبهم وانتماءاتهم وافكارهم طالما هم عراقيون اصلاء فلهم حق في عراقهم ولايجوز لكائن من يكون ان يشطب على حقهم في المواطنة وحق الانتخاب.
 
 
 
 
 
       ختاما نقول إن هذا القرار الغريب والمشبوه الذي أصدرته ماتسمى بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيئة المسائلة والعدالة (اجتثاث البعث سابقا)، لن يخدم الوحدة الوطنية، ولن يعين مساعي المصالحة الوطنية، بل سيعمق من العداء والاحتراب الطائفي، وسوف يكون مردوده سيئا على الوضع الامني، كما أن استهدافه مكونا طائفيا معينا، سوف يعزز دعوات وفتاوى تحريم المشاركة في الانتخابات القادمة، وهو عين ماتريده ايران والقوى الطائفية الخاضعة لها، لأنهم يريدو الانفراد ىفي القرار وعدم السماح لأية قوة وطنية ان تشارك في ادارة شؤون العراق، إن قرار المفوضية المشبوهة سيكون هو القشة التي قصمت ظهر بعير المصالحة والوحدة الوطنية، إن كانت هناك فعلا مساعي صادقة للوزحدة الوطنية وللمصالحة الحقيقية، لكن القرار اثبت ان كل ماكانت تقوله الحكومة عن مصالحة وطنية هو هواء في شبك واكذوبة مفضوحة.

زر الذهاب إلى الأعلى