أرشيف - غير مصنف
استبعاد المطلك وتأثيراتها على الداخل العراقي
سعدون شيحان
كاتب سياسي عراقي
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية تتصاعد وتيرة (تصفية المناوئين ) والمنافسين للحكومة العراقية الحالية ومعه يدخل الصراع أساليب جديدة تحمل تطورا فلسفيا ولكنه يبقى أسلوبا للمناورة الخادعة وانعكاسه خطير جدا على الإحداث وامن المواطن العراقي ..
قررت هيئة المسائلة والعدالة العراقية (هيئة اجتثاث البعث ) إبعاد الدكتور صالح المطلك رئيس جبهة الحوار الوطني من العملية السياسية وفق ادعاء انتمائه لحزب البعث وصلاته المفترضة بتنظيمات (إرهابية ) تزامن ذلك مع بثت إحدى الفضائيات مقاطع تظهر لقاءات للمطلك مع شخصيات (إرهابية ) مفترضة ولكن كل تلك الإحداث تأتي في توقيت خاطئ جدا وتبرير اشد خطورة على الشارع العراقي لأنه يعني استهداف للاندماج (السني الشيعي) السياسي الذي طغى على تشكيلات التحالفات السياسية الحالية والذي اشعر المكونات العراقية براحته تامة لإذابة التشنج الطائفي في تشكيل الجبهات السياسية والتحالفات ولكن هذا القرار أعاد للأذهان الرؤية الطائفية العمياء لواجهة الإحداث والتي تسعى لإثارة زوبعة جديدة تعيد لملمة الأوراق المبعثرة للدخول من جديد للانتخابات البرلمانية بصبغة طائفية تحقق تعصب أعمى يرشح معه أصوات تأتي بدوافع انتماءات وتنتج شخصيات هزيلة لا تحقق أي تقدم للعراق في المرحلة القادمة …
خلال اللقاء الإذاعي الذي تحدثنا به مع راديو دجلة واجهنا سؤال حول (دخول الأستاذ حميد الهايس للائتلاف الشيعي وماهي مؤشراته ؟ ومدلولاته ؟) ومع وجود أسئلة مثارة كثيرة على ذلك التوجه إلا إننا رأينا ان ذلك كان نقلة تمنينا ان تكون رسالة سياسية تعمل على إلغاء وإذابة الفوارق بين المكونات العراقية وتمنينا على الناخب العراقي ان يبحث عن مشاريع وأجندة سياسية وطنية وشخوص مؤهلين دون أن يكون الاندفاع بوتيرة تفضيل احدهم على الأخر وفق معايير الانتماء الطائفي ولكن كل تلك المحاولات التي رحبنا ورحب بها المجتمع العراقي ذهبت إدراج الرياح مع قرار (الهيئة الطائفية بامتياز ) ….عندما نطالع تأثيرات ذلك القرار نجد ان محور استهدافه هو البيت الشيعي لا السني والسبب هو ما يحققه الدكتور صالح المطلك في الجنوب العراقي وخاصة الهيمنة المطلقة في البصرة وباقي المحافظات الجنوبية بنسب متباينة ولكن ذلك أهم أسباب استهدافه السياسي لأنه تجاوز الخط الأحمر بالتهامه كعكة الأحزاب الطائفية واستئثارها بالجنوب العراقي وهو مالم يرق لأحد منهم …وربما هناك من يتساءل عن شعبية المطلك في باقي محافظات العراق السنية…. إن القرار لم يأخذ في حساباته مدى تلك الشعبية لسبب بسيط هي ضيق النظرة السياسية لتلك الهيئة ومن يقف خلفها من أركان الحكومة الحالية لان المحافظات السنية هي ورقة لم يتمكن مجندي الأحزاب الطائفية من اختراقها بل إن المطلك عمد إلى اختراق الفكر الضيق لتلك الأحزاب وتحييدها من معادلة الصراع الانتخابي حتى في مسارح كانت محسومة وهو احد مؤشرات تطور الفكر الانتخابي ومدى وعي العراقيين حاليا بالعملية الانتخابية وما يمكن أن يحدثوه في هذه الانتخابات ..
إن إبعاد الدكتور صالح المطلك مع علمنا إن القرار سياسي وغير قانوني مطلقا إلا أن ما سيرشح عنه في قادم الأيام هو محاولة زج العراقيين في تناحر يكون صراع بالنيابة عن بعض الأحزاب وهي ورقة تسعى لها بعض الجهات المعروفة في العراق ولكن العراقيين اليوم أكثر وعيا بمصلحة بلدهم وهو من المؤشرات التي انطبعت في فكر الجميع عندما احتلت طهران حقل الفكه النفطي وتوحد الجميع في إدانة هذا العمل من خلال المسيرات التي هاجت من جنوب العراق إلى وسطه …الأمر الأخر إن العراقيين يدركون إن القرار لا تقف خلفه الأجندة السياسية الداخلية فقط بل إن القرار إيراني أيضا وهو ما انكشف بعد زيارة (قمي )إلى بغداد وصدور القرار بعد ساعات من تلك الزيارة وهي مؤشر ايجابي لانحسار النفوذ الإيراني في العراق ولو كان هناك تأثير كما في السابق على الداخل العراقي لما اضطرت الهيئة الطائفية إلى لعب ورقة مكشوفة بدفع الأمور للمواجهة مع الكتل المشاركة بالعملية السياسية حاليا وهي جزء من الحكومة العراقية ..إننا مع كل ذلك نتمنى من كل العراقيين أن يقفوا ضد الأوراق الإيرانية لأنها أوراق صفوية تبتعد كثيرا عن أخلاقنا العربية ومفاهيمنا ونتمنى على الجميع إن يسهموا برفع أخر ما تبقى من تلك الوجوه البغيضة والأجندة اللئيمة وان يتكاتفوا خلف قرار الاختيار الأمثل لان الاختيار القادم سيكون بين الوطن وأعداءه فأين سيكون اختيارنا ؟! ..