حذر باحث سعودي من أن ربع الأطفال السعودية يراجعون المستشفيات نتيجة العنف الأسري وأن 60 في المائة من الأطفال يعانون من الرهاب الاجتماعي.
وقال أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله بن محمد الفوزان في تصريح لصحيفة "الوطن" السعودية إن إحصاءات أظهرات أن 25 في المائة من الأطفال السعوديين يراجعون طوارئ المستشفيات نتيجة تعرضهم للعنف الأسري.
وأضاف أن 85 في المائة من طالبات المرحلة الثانوية في السعودية يعانين من الفراغ العاطفي داخل الأسرة، و60 في المائة من الأطفال مصابون بالرهاب الاجتماعي نتيجة القمع، وغياب الحوار، مما أصابهم بفقدان الثقة بالنفس.
وحذر من الآثار السلبية ألعاب الأطفال الإلكترونية حيث تستهدف تعليمهم أو إكسابهم ثقافة العدوان، والتمرد، والعنف، والانحلال الأخلاقي.
وقال إن الإنترنت الأذى يلحق النفسي بالمراهقين والمراهقات من خلال الاستدراج الجنسي، أو السخرية، أو تعليم الشذوذ الجنسي، ما يتطلب أسلوباً تربوياً للتعامل مع هذه التقنيات يعتمد على منع الاختلاء بأجهزة الحاسب، مع تعزيز الثقة، والمصداقية.
وحذّر من استمرار التشوه الثقافي الذي يتعرض له الأطفال والشباب اليوم.
وقال "لا يوجد في العالم أطفال يتعرضون للتشوه الثقافي كما يتعرض له أطفالنا، نتيجة لضعف التربية".
وأشار إلى ان هذا الأمر أظهر حالة من الانسلاخ من الثقافة المحلية، والانغماس في سلبيات الثقافة الغربية من دون إحساس بالخطر المحدق "بأبنائنا".
وقال الفوزان إن "الحالة العامة لتربية أطفالنا اليوم تنذر بكارثة تربوية في المستقبل، إن لم تتضافر الجهود لحماية المجتمع وتوجيهه وإرشاده".
وكان قاضاً سعودياً قد قال في ندوة عن العنف الاسري انه لا بأس في ان يصفع الرجل زوجته بسبب تبذيرها الكثير من المال.
ونقلت صحيفة "اراب نيوز" عن القاضي حمد الرزين انه قال ان شراء المرأة لعباءة باهظة الثمن على سبيل المثال يبرر ضربها.
واضاف انه اذا اعطى رجل زوجته مبلغ 1200 ريال (320 دولارا) فانفقت منه 900 ريال (240 دولار) على شراء عباءة من متجر فاخر، وصفعها زوجها ردا على ما قامت به، فانها تستحق هذا العقاب".
واثارت تصريحات القاضي ضجة في ندوة كانت تقام في مدينة ابها حول دور مسؤولي القضاء والامن في منع العنف الاسري.
وحضر الندوة عدد من المسؤولين اضافة الى نشطاء في مكافحة العنف المنزلي بمن فيهم ممثلون لبرنامج الامان الاسري الوطني.
وقال الرزين ان عمق مشكلة العنف في المنزل لم تكن تعتبر حتى وقت قريب مشكلة خطيرة في البلاد التي تقضي تقاليدها بان لا تعلن المشاكل العائلية خارج المنزل.
واصبحت النساء السعوديات خلال السنوات الاخيرة اكثر جرأة في التعبير عن مشكلة ضرب الازواج للزوجات واساءة معاملة الاباء لاطفالهم.
الا ان الرزين قال ان بعض اللوم يجب ان يلقى على النساء بسبب تصرفاتهن، مضيفا ان لا احد يضع حتى جزءا صغيرا من اللوم عليهن، بحسب الصحيفة.
وتكشف قصة مطلقة سعودية كم هي محطَّمةً ومصابةً بحروق وكدمات.. ذهبت عزة إلى الشرطة أربع مرات قبل أن تسمح لها السلطات بترك زوجها الذي يسيء معاملتها والذهاب إلى دار إيواء.
وعلى مدار زواجهما الذي استمر 12 عاماً كان زوجها السعودي يضربها بقضبان معدنية ويقيِّدها ويسكب الماء المغلي عليها.
لكن الشرطة كانت تعيدها عادة الى منزلها بعد أن يوقع زوجها تعهداً بالتوقف عن اساءة معاملتها وهي ممارسة معتادة في البلاد التي تحتاج فيها النساء الى الحصول على موافقة على أي شيء من الحصول على وظيفة الى استئجار شقة.
وتقول عزة المطلقة الآن وتعيش في دار عبد العزيز للايواء التي افتتحت مؤخراً في جدة "حين كنت أعود الى المنزل كان الضرب يتفاقم تدريجياً… تزايد العنف اكثر وبدأ يقيدني حتى لا أستطيع الهرب. سد كل النوافذ".
وفي نهاية المطاف فرَّت قبل أربعة أعوام عبر نافذة دورة المياه وأصيبت بكسر في عظام الحوض أثناء محاولة الهرب، لكنها حصلت على الطلاق بناء على أن زوجها مصاب بالفصام.
وسلطت وسائل الاعلام الضوء بشكل كبير على قضية العنف الاسري حين أعلنت رانيا الباز المذيعة بالتلفزيون تعرضها لضرب وحشي على يد زوجها أسفر عن اصابتها بثلاثة عشر كسراً في الوجه مما أدى إلى حصولها على الطلاق بناء على طلبها.
وأنشئت هيئة رسمية معنية بالدفاع عن حقوق الانسان عام 2004 تحت ضغط جزئي من حكومات غربية للتعامل مع سجل البلاد السيئ في مجال احترام حقوق الانسان.
وأرسل 978 تقريراً الى الجمعية الوطنية لحقوق الانسان منذ ذلك الحين تتعلق بانتهاكات جسدية ونفسية فضلاً عن حقوق الطلاق والميراث بل وحق التعليم الذي يعترض عليه أولياء الأمور من الذكور في بعض الأحيان.
وأنشأ متطوعون عدداً من دور الايواء بموافقة وزارة الشؤون الاجتماعية.
لكن وضع النساء القانوني ما يزال غير مستقر بسبب نظام "الوصاية" للذكور الذي وضعه رجال الدين السعوديون.
وللآباء أو الأشقاء أو الأزواج الحق في فرض ارادتهم على امرأة بزعم "عصيانها" ومن الممكن أن تعاقب امرأة بالسجن لثلاثة أعوام والجلد إذا أدينت.
وذكرت منظمة هيومان رايتس ووتش (منظمة مراقبة حقوق الانسان) ومقرها نيويورك في تقرير لها أن نظام الوصاية في السعودية يضع النساء في مكانة "القصر" أو الأطفال.
وتقول سارة العبار وهي متخصصة في طب الأسرة انه لا توجد قوانين لحماية النساء مضيفة أن القوانين ضد النساء، وأن مسؤولي الشؤون الاجتماعية لا يستطيعون مساعدة النساء بشكل ملائم، وفي نهاية المطاف ينتهي بهنَّ الأمر مع الوصي عليهن حتى لو كان هو الذي يسيء معاملتهن.
وترى الجوهرة العنقري من الجمعية الوطنية لحقوق الانسان أن النتيجة هي أن النساء في دور الايواء يكن غالباً في "اجازة من الانتهاكات" ليس الا.
وذكرت صحف سعودية أن هناك الآن نحو ثلاثة آلاف سعودية مسجلات رسمياً كهاربات.
وأدى ارتفاع عدد الهاربات الى ظهور مخاوف من انهيار الاسرة السعودية وغزو القيم الغربية التي تركز على الرغبات الفردية أكثر من الواجبات الأسرية.
وقالت انعام الربوعي رئيسة جمعية حماية الأسرة التي تعتقد أن انتشار الانترنت والقنوات الفضائية التلفزيونية أكسب الشبان السعوديين سلوكيات متأثرة بالغرب ان المجتمع كان مغلقاً والآن بدأ ينفتح.
وأضافت الربوعي أن الفتيات اللاتي يبلغن عن تعرضهن لانتهاكات يكنَّ عادة متمردات على الأعراف الاجتماعية ورافضات لحق أولياء أمورهن في تأديب أبنائهم.
وتابعت قائلة ان المسؤولين بالجمعية يحاولون أن يوضحوا لهؤلاء الفتيات أن ما تتعرضن له ليس انتهاكات مشيرة الى بعض الحالات التي لم تنطو على عنف جسدي.
وقالت سميرة الغامدي وهي أخصائية اجتماعية ان من الممكن التوصل الى حل وسط يتضمن فكرة الحقوق الأساسية للمرأة.
وتابعت أنه في مواجهة مجتمع يضفي قدسية على ثقافته وتقاليده يجب أن تكون البداية بالمطالبة بالحقوق الأساسية.
وأضافت أن الناس في هذا المجتمع نشأوا على الاعتقاد بأن من حق الأب ضرب زوجته وأبنائه وحرمانهم من حريات معينة اذا أراد.