تواجه العلاقات بين العراق والسعودية صعوبات جمة نظرا لاختلاف طبيعة النظامين ووجود ملفات شائكة بين البلدين وقيام رجال دين بصب الزيت على النار مما يزيد حدة التوتر بين البلدين، كما يقول محللون.
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عزيز جبر "ان المملكة متهمة بتصدير الارهاب للاخرين منذ اعتداءات 11 ايلول/ سبتمبر 2001، فهي مرتع للفكر الوهابي المتعصب الذي يفرخ الجماعات التكفيرية التي ارسلت الى افغانستان والعراق وغيرها".
ويضيف "لكن هذه المجموعات انقلبت ضدها، وبالتالي ينطبق عليها المثل القائل "من يربي الذئب سيأكله يوما ما" فقد تم الزج في الجهات التي تربت في كنف السلفية الجهادية في اعمال ظاهرها ديني وباطنها سياسي".
ويؤكد ان "النظام العراقي وجد ضالته في هؤلاء للقول انهم يستهدفوننا، خصوصا وان عددا كبيرا من الانتحاريين في العراق جاؤوا من السعودية صاحبة العقيدة الوهابية التي تكفر الجميع".
ويشير الى وجود "نظرة خاطئة من السعودية الى العراق بعد الاجتياح الاميركي مفادها ان هذا البلد اصبح تحت هيمنة الشيعة".
ويتابع جبر ان رئيس الوزرا نوري المالكي يقول "انه حاول التقرب من السعودية لكنها لم تقابل هذه الخطوة بالمثل "…" فسوء العلاقة يتحمله الطرفان كونهما لم يسعيا جديا الى تحقيق تقارب فعلي بينها".
ويضيف "هناك بعض الاطراف المشاركة في العملية السياسية ممن يغذون التوتر والاحتقان لتوظيفهما في الصراع الداخلي".
ويؤكد ان "النظام السياسي في العراق يعاني فشلا كبيرا لكنه يحاول ان يلقي باللوم على الاخرين، فمرة السعودية ومرة اخرى ايران، وذلك تبعا لاهواء الكتلة السياسية الممسكة بزمام الامور".
ويختم جبر قائلا "هناك للاسف شخصيات دينية تتهجم على بعض المراجع كما فعل رجل الدين "السعودي" محمد العريفي باهانته المرجع الشيعي اية الله علي السيستاني، مما يصب في خانة ما يريده النظام السياسي العراقي".
وفي هذا السياق، قال المالكي الاثنين الماضي "اعتدنا الكثير من المؤسسة الدينية السعودية فهي ترتكب تجاوزات بشكل دائم كونها تحمل فكرا تكفيريا حاقدا عدائيا".
وتابع المالكي "ينبغي ان تضبط المؤسسة هؤلاء كما ان الحكومة السعودية تتحمل قسطا من المسؤولية. يجب عليها ان ترد على الذين يكفرون ويثيرون الفتن".
لكن حميد فاضل استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد يرى ان العلاقات المتوترة بين البلدين مردها "اختلاف التوجهات الايديولوجية للنظامين، فوجود انتخابات وحرية تعبير وتدوال للسلطة على الحدود السعودية امر خطر بالنسبة لها".
ويضيف ان "موضوع الاقليات يشكل مصدرا للتوتر، ففي العراق يتصاعد دور الاكراد والشيعة، بينما في الوقت ذاته هناك اقليات في السعودية تعيش ظروفا اخرى مثل الشيعة الاثني عشرية والاسماعيلية".
ولطالما انتقد المالكي مواقف السعودية تجاه العراق، مؤكدا "عدم تسجيل مواقف ايجابية من الحكومة. فخطواتنا اصطدمت بالرفض "…". لقد بادرنا لايجاد علاقة طبيعية وايجابية مع السعودية، لكن المبادرة فهمت سلبا وضعفا".
واعتبر ان "لا جدوى من تكرارها ما لم يصدر عن السعودية اي رغبة بالعلاقات".
وبالاضافة الى الشأنين الديني والسياسي، هناك الاتهامات الامنية، اذ المح ضابط عراقي رفيع الى تورط السعودية في تفجيرات بغداد الدامية الاخيرة.
وكانت السلطات العراقية عرضت اواخر آب/ اغسطس تسجيلا لاعترافات السعودي محمد بن عبد الله الشمري اكد خلالها مشاركته في عمليات كان هدفها "الاخلال بالوضع في العراق ومقاتلة الرافضة"، في اشارة الى الشيعة.
بدوره، قال خبير في الشؤون العربية رفض ذكر اسمه ان العراق "يدفع ثمن تحسين العلاقات بين الرياض ودمشق"، مشيرا الى ان السوريين يبدون تعنتا حيال السعوديين في لبنان لكنهم يعوضون عن هذا بمنحهم تسهيلات امنية في العراق".
يشار الى ان السعودية لم تعد فتح سفارتها في بغداد بعد اكثر من خمس سنوات على استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع بغداد في تموز/ يوليو 2004 اثر قطعها بسبب اجتياح الكويت في اب/ اغسطس 1990.
وقام المالكي بزيارة السعودية مطلع تموز/ يوليو 2006 بعد اربعين يوما من تشكيله حكومة الوحدة الوطنية في ايار/مايو من العام ذاته.
لكن المملكة رفضت مطلع ايار/ مايو 2007 استقباله مجددا، لانها تعتبره مسؤولا عن تعميق الصراع المذهبي في العراق، بحسب مصادر دبلوماسية.
وقال دبلوماسي فضل عدم ذكر اسمه ان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز رفض استقبال المالكي قبل المؤتمر الدولي حول العراق في شرم الشيخ "مصر" لان المملكة "ترى انه كرس التقسيم المذهبي في العملية السياسية في العراق".