الحرب الإسرائيلية الثامنة تبدأ من القدس ..
بقلم د.مازن صافي
" سنبقى نؤكد بالروح بالدم نفديك يا أقصى، حتى نستبشر بيوم قريب يزول فيه الاحتلال عن القدس والمسجد الأقصى .. سجني ثمن بسيط للموقف الكبير وهو الانتصار للقدس والمسجد الأقصى وسأبقى متمسكا بموقفي حتى ألقى الله .." .
بهذه الكلمات والمعنويات الفلسطينية المرتفعة استقبل الشيخ رائد صلاح الحكم الصهيوني الظالم –الذي سيبدأ تنفيذه في غضون 45 يوما- حيث أصدرت الاحتلال الصهيوني بمدينة القدس المحتلة حكماً بالسجن الفعلي تسعة أشهر على الشيخ صلاح. وحين نقول الاحتلال الصهيوني فأننا نؤكد ما ذهب إليه الشيخ رائد صلاح حيث رفض الاعتراف بصلاحية أي محكمة صهيونية في القدس باعتبارها منطقة محتلة وكل ما فيها من مظاهر ومؤسسات تمثل الاحتلال باطلة ..
إن هذه المحكمة الظالمة تعتبر البداية التي تعلنها إسرائيل على القدس عامة والمسجد الأقصى خاصة .. حيث أكد سيلفان شالوم نائب رئيس الحكومة ان "المعركة بدأت لفرض السيادة (الإسرائيلية) على القدس وبشكل خاص جبل الهيكل" التسمية التي تطلقها إسرائيل على موقع المسجد الأقصى المبارك ..!!!
ان السجن الفعلي للشيخ رائد صلاح تعني أن إسرائيل بدأت بإشعال الكبريت آملة في إيقاد النار.. وهي تظن أن ما تقوم به من خلال منع النشطاء الفلسطينيين من دخول القدس أو الصلاة في المسجد الأقصى هي خطوات تبعث باليأس في نفوس الناس وتثبط المعنويات والهمم وهذا أيضا في غياب مشروع عربي وإسلامي لإنهاء احتلال القدس والمسجد الأقصى .. وبالتالي فكل ما تقوم به هو لتهويد وترسيخ احتلال القدس ..
وفي مقال سابق كتبته وكان بعنوان لأجل القدس علينا أن ننهي الانقسام كتبت: (في الفترة الأخيرة انتهجت حكومة الاحتلال الصهيوني سياسة أبعاد الرموز الفلسطينية عن القدس والأقصى وحرمانهم تحت تهديد الاعتقال من الاقتراب من المسجد الأقصى .. إن هذه السياسة الاحتلالية الجديدة تهدف إلى عزل المسجد الأقصى عن عُمَّاره ورُوَاده تمهيداً لاقتحامات قادمة تكون سهلة ومتاحة أمام الجماعات اليهودية المتطرفة ضمن محاولاته لمتكررة لتثبيت حقٍّ مزعومٍ لهم بالصلاة فيه )
لقد أشعلت إسرائيل الحرب السابعة الإجرامية والتي شملت واستهدفت كل قطاع غزة بسكانه وبنيانه .. ونرى أن الحرب الثامنة تبدأ اليوم بالبدء الفعلي وتأخذ شكل أوامر المنع من دخول و الاعتقال والمحاكمات و العنف والعدوان… وبالتالي لن تتورع عن التصفيات الجسدية والقتل المعنوي إن استطاعت .. وهذه هي مظاهر أولية من الحرب الثامنة وصولا إلى طرد العرب من القدس والتهويد الكامل للمدينة والمقدسات الدينية ..
لهذا يجب أن نذهب إلى المعركة و نحن موحدون بضرورة الدفاع عن القدس والأقصى وأن نتناسى خلافاتنا الداخلية وإنهاء الانقسام بغير رجعة ..
ولأنها الحرب فكل شيء متوقع ووارد .. لكن لا يمكن لأي حرب إسرائيلية أن تلغي أو تسقط قضية القدس والأقصى وتحولها من الثوابت إلى هوامش .. ولن يخرس الإرهاب الصهيوني الصوت العربي ولن تموت الحقوق لا بالاعتقال ولا بالتهديد أو التهويد أو المنع أو القتل .. القدس عاصمتنا دولتنا الفلسطينية ومركزها وبل تاجها المقدس مسجدنا الأقصى قبلة المسلمين الأولى ومسرى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ..
ان محاكمة الشيخ رائد صلاح باطلة وهي مجاملة سياسية وعسكرية يراد بها إرهاب كل من يفكر في أن يدافع عن الأقصى .. وكذلك هي رسائل متوازية مع الحملات الصهيونية ضد القيادات الفلسطينية كلها دون استثناء .. بالإضافة إلى التصريحات العدوانية الصهيونية حيث كان مصدر عسكري كبير قال في حديث لـ’القناة العاشرة’، بالتلفزيون الصهيوني ليلة 12/1/2010:’ إن الحرب القادمة لن تكون كسابقتها على غزة، وستتخذ شكلاً أقسى وأشمل’ .. لهذا فإن الحرب الثامنة الإسرائيلية لن تتوقف عند قطاع غزة بل سوف تكون على عدة جبهات سياسية وعسكرية ومدنية ودينية ولربما تكون محاورها :
1- حصار القيادات السياسية الفلسطينية من خلال التحريض الدولي عليها ومحاولة حظر التعامل معها ولربما الوصول إلى التهديد بالاجتياح الشامل لمناطق السلطة لغرض " تنظيف ملفات غير مرغوبة ببقائها " .. وهذه الملفات هي الثبات والتمسك الفولاذي بعدم العودة للمفاوضات دون البدء في وقف وتجميد الاستيطان والبدء الفعلي في مراحل الوصول إلى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ..
2- عدوان عسكري جديد على قطاع غزة ولربما يشمل المناطق الجنوبية والحدودية منه وصولا إلى إحكام الحصار على القطاع وخنق الحياة الاقتصادية والاجتماعية فيه ..
3- تنفيذ حماقات تدميرية في القدس قد لا تصل إلى هدم المسجد الأقصى ولكن لربما يكون هذا التدمير عبارة عن انهيارات مرحلية في جوانب المسجد أو الساحات ..
إن جولة ميتشل المبعوث الأمريكي تحت عنوان " إذابة جليد الخلافات الإسرائيلية الفلسطينية " تعتبر مهمة صعبة في ظل أنه يريد إقناع إسرائيل بالدخول في مفاوضات جدية تفضي إلى دولة فلسطينية خلال عامين وبالمقابل دخول الفلسطينيين في عملية تفاوضية مباشرة دون اللجوء إلى وقف الاستيطان ولربما تذهب الولايات المتحدة إلى تقديم رشوة سياسية تتمثل في تهديد وهمي بمعاقبة إسرائيل ماليا من خلال وقف دعم القروض الممنوحة لإسرائيل وبالمقابل الوعد بدعم الخزانة الفلسطينية بحيث يكون هناك ضمانات بدعم الموازنة الفلسطينية .. وهنا عينا أن نقرأ سيناريو الزيارات المكوكية بين زعماء الدول العربية وخاصة الرياض ودمشق والقاهرة .. وعنوان السيناريو هو " المصالحة العربية " .. وفي حال فشل السيناريو الأول لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وكذلك فشل سيناريو الوصول الى المصالحة الفلسطينية من خلال جولات اللقاءات العربية فإن القادم سيكون هو البدء الفعلي والفوري بالحرب الثامنة الإسرائيلية .. إن أمريكيا لن تقدم على معاقبة إسرائيل ولن تحقق تنفيذ أي ضمانات عملية للسلطة الفلسطينية .. ان إسرائيل هي من قامت بإرسال رسائل " ضغط " على الإدارة الأمريكية وميتشل جاء للمنطقة ضمن رغبة إسرائيلية لترفع عنها عبء دولي ومأزق الإتلاف الصهيوني من خلال الصمود الفلسطيني على المستوى السياسي القيادي .. إن كل ما تسعى إليه إسرائيل هو الحفاظ على أمنها والمستوطنات ومجرد الأحاديث المغلقة والنقاش لمجرد النقاش والمفاوضات لمجرد عرض وجهات النظر بلا نهاية .. إن القيادة الفلسطينية تعي تماما أن سنوات السلطة كانت عبارة عن مفاوضات لأجل الوصول إلى دولة فلسطينية قابلة للحياة والوجود .. والآن لا يمكن أن تبدأ القصة من الصفر المتجمد ,الحديث عن تفاصيل بهلوانية أفلاطونية لا تمت لواقع المطالب الفلسطينية والحقوق الفلسطينية بصلة ..