أرشيف - غير مصنف
ماذا تَبَقَّى في رَحيلِكْ
أحمد فوزي أبوبكر
….
هذا الضّبابُ
يراوغُ الضّوءَ النحيلَ
ويَبْلَعُ الأسفلتْ
والشّارعُ المأزومُ يغرقُ
في التحامِ العَتْمِ والضّوضاءْ
كلٌّ يغادرُ نحوَ غايتهِ الجميلةِ
يا صديقي
كلٌّ يصيرُ إلى عوالمه الّتي يختارْ .
من دونَ إدراكٍ يسيّرُ خَطْوَهُ
كلٌّ يورّثُ حُلْمَهُ المقطوعَ
من شجرِ السّماءِ سدىً
لدنيا لا تعانقُ غَيْرَ مَنْ..
مَيْتاً بِها
…
سيجارتانِ أخيرتانِ بعُلْبةِ التَّبغ الجديده
غيمٌ تَسَلَّقَ في سماءِ السَّقْفِ من رئتيكَ
أو ولاّعةٍ أخرى على وشك النّهايه
…
قارورةُ العِطْرِ الْمُثيرْ
فألٌ ضَمَمْتَه قربَ صدرِكَ
لُعْبَةُ الورق الّتي لا تنتهي
نُدماءُ سهرتِك الأخيره .
ألدّفءُ يَنْسُلُ من دِثارِكْ
…
ماذا تبقّى في رحيلِكَ يا صديقي..؟
أكلامُكَ النبويُّ ،
فاتحةُ الصّباحْ,
سيّارةُ العُمّالِ عطّلَها احتضارُكْ
أم سورةُ الكهفِ الّتي
رتّلتَها في ليلةِ الجُمُعَه
أم مَشْربُ القططِ الَّذي
جَفَّتْ مياهُهُ
مُهْمَلاً في صَحْنِ دارِكْ ؟
…
كلُّ العوالمِ
رَهْنُ حُلمِكَ يا صديقي
عِدْني بألاّ تَذْكُرَ التّعبَ المخمَّرَ
في حضورِكَ ها هنا
آهٍ صديقَ العُمرِ
من تعبِ الحضورِ
على الهوامشِ غائباً
أو في حصارِكْ
…
ماذا تبقّى في رحيلِكَ
لَوْزَةٌ، غرَسَتْ يداكَ
بَدَتْ وبعد القسمةِ التعساءِ
من أملاكِ جارِك
…
طفلٌ على أملِ الهديّةِ
بعدَ يومِ الكَدْحِ
في بردِ الشتاءِ
والابتسامةُ فوقَ وجهكَ
جَمَّّدَتْها ومضةُ الكَمِِرَه .
ليلُ العشيقةِ في انتظارِكْ
…
ماذا تبقّى في رحيلِكَ يا صديقي
الميْرميّةُ عند بابِ البيتِ
تشتاقُ اللقاءَ بكأسِ شايٍ
من يدِ الأُختِ الحنونْ
كتبٌ على رفٍّ قديمٍ
يُتِّمت باتت تحنُّ إلى لقائكْ
مُتسوّلٌ لا يعرفُ الرَّجُلَ الذي
خَلْفَ العطايا
عتبٌ حزينٌ للعشيقةِ من فَرارِكْ
….
هذا الضّبابُ يراوغُ العينينِ
لا أدري أبَعْدَهُ
سوفَ تَسْخَرُ من طموحِكَ أو طموحي
من غروركَ أو غروريَ
حين تسمو أو تغوصُ
فَلَستُ أدري
لستُ أدري
لَسْتُ أدري
هل حصارٌ هذه الدّنيا هنا
إذْ رحيلُكَ من حصارِكْ..؟