أرشيف - غير مصنف

ما بين بروباغندا المفاوضات ومتعتها !!

أ / محمد خليل مصلح

لا شك أن خلل عميق هو الذي يحول دون الاستفادة من تجارب الآخرين ولا حتى من تجربتنا على مدار ثمانية عشر عاما من المفاوضات التي استطاعت فيها المؤسسة الصهيونية على مختلف توجهاتها اليسارية واليمينية من الالتزام  بخط واحد وإستراتيجية واضحة وضعت نصب أعينها استنزاف الملف الفلسطيني وتشتيت قوى الفلسطينيين والاحتراق من الداخل بين مؤيد ومعارض لمسار المفاوضات والعبث بأولوياته .
الوقوف على الخلل أو المعضلة الداخلية تعتبر الخطوة الأولى والمهمة لمعالجة الوضع الداخلي الفلسطيني وهي مركبة خلل تراكمي تراكبي يقوم على مفهوم الانفراد والتفرد بالوعي السياسي والمعرفة الخبرة السياسية والعمر النضالي للطرف الذي قاد المفاوضات وما زال يصر على نهجه وإستراتيجيته بغض النظر عن النتائج والحقائق والواقع والأسس التي اتبعتها النظرية الصهيونية في المفاوضات والتي ما زالت قاعدتها نظرية شامير رئيس حكومة الدولة العبرية الأسبق من الليكود اللعب على الوقت والدوران في حلقة الزمن المفرغة والعمل على تآكل الحق الفلسطيني ، والوجه الآخر للمعضلة الإصرار على قراءة بعيون صفراء تفتقر إلى العقيدة الوطنية لمن يقف على رأسها الآن بل تجتهد على تشويه جوهر الصراع والذي يتبلور برغم أنوفهم وأوهامهم من الطرف الصهيوني بحقيقته اليمينية اليهودية .
هل المفاوضات بحد ذاتها مكسب أو تحوّل ايجابي في الواقع السياسي ؟ من حقنا أن نوضح للجميع ا وان يعرف الجميع أين تكمن المشكلة ؟ المشكلة في من يمتلك القرار والمعرفة المسبقة للأطراف الأخرى  أننا لا نملك القرار ولا القدرة للدفاع عنه ولا الصمود في وجه الضغوطات والتحديات الداخلية والخارجية وان العودة للمفاوضات مسألة وقت يحتاج إليه السيد أبو مازن وجماعته وان البروباغندا الذي أثارها الفريق الفلسطيني المفاوض ما كانت في النهاية لتزيف الحقائق ولا الحالة المرضية السادية التي سيطرت عليهم حالة التلذذ والاستمتاع بالواقع والقدرة على التكيف معه .
العودة إلى المفاوضات تقوم على فهم خاطئ للصراع أساسه : أن الصراع قابل للحل عن طريق المفاوضات وان الحل النهائي للصراع ممكن في غضون سقف زمني قريب وان المشكلة قائمة في الحدود أضف إلى ذلك أننا لا نمتلك رؤية واضحة لمطالبنا الوطنية ونخضع أنفسنا لسقف الغير السياسي ونتكيف مع العقلانية السياسية الغربية التي يسيطر على وجدانها إثبات الحق اليهودي في فلسطين وتحقيق الأمن الإسرائيلي للدولة العبرية ورفض أي مطلب فلسطيني وان كان حق لهم إذا تعارض مع الخطر الوجودي الموهوم على الدولة العبرية .     
ما زال البعض يصر على اللعب في الملعب الإسرائيلي وبالمنظور الإسرائيلي " النزاع " وبالأوراق الإسرائيلية هناك جهات متعددة  يُخيّل إليها أنها تمتلك كل الأوراق وان أي لاعب يجب ألا يخرج من تحت السيطرة أو من الحظيرة للترويض ، لذلك الخوف الآن يقع على المقاومة لان المطلوب الآن منها أن نضع كل الأوراق في يد الراعي العربي "مصر " وهي في نظري مقامرة خطيرة غير محمودة العواقب وإعادة لتجربة حرب عام 1948 ، هناك تحيز واضح  يحكمه مصالح الدولة العربية الراعية والتحالفات السياسية في المنطقة  والمعونات الاقتصادية من الدولة العظمى لذلك تم ربط كل الملفات والإشكالات الداخلية ببعضها ملف المصالحة وملف شاليط والمعابر في غير مصلحة حكومة حماس في غزة  ، ما يجري الآن في الساحة العربية و بضمنها الساحة الفلسطينية تطبيق لبعض الاتفاقيات السابقة التي جرت في فترة سيطرة الرؤية السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية " فتح " في قيادة الصراع والغياب القصري للمقاومة الإسلامية وملاحقتها من كل الأطراف ، فهي ما زالت تمتلك الشرعية وهذا ما تدركه كل الأطراف خاصة أن الدولة العبرية تشكك في شرعية عباس وقدرته على عقد اتفاقيات أو حمايتها وفي المقابل ان أي تقدم المفاوضات يصب في مصلحة حماس وهي في نفس الوقت توظف هذا الخوف في مصلحتها للضغط على عباس للعودة إلى المفاوضات .
 
 

زر الذهاب إلى الأعلى