"نحن نحب بلدنا ونحب مجتمعنا".. "نريد إظهار الصورة الحقيقية لديننا".. "نساعد المرضى الفقراء من الأمريكيين، حتى غير المسلمين".. بهذه العبارات عبرت مجموعة من الأطباء المسلمين عن أهدافها من وراء افتتاح عيادتهم الجديدة لعلاج الفقراء في شمال شرق ولاية أوهايو الأمريكية.
وبلسانهم تقول طبيبة الأطفال الأمريكية المسلمة "مليكة إنعام الحق": "نحن نريد بذل قصارى جهدنا لمساعدة الفقراء في مجتمعنا، خصوصا في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة" التي تعيشها الولايات المتحدة منذ تفجر الأزمة الاقتصادية العالمية في منتصف سبتمبر من العام 2008، بحسب ما نقلته عنها صحيفة "كلومبوس ديسباتش" في عددها الصادر الجمعة 15-1-2010.
وتقود مليكة مجموعة من الأطباء المسلمين يبلغ عددهم حوالي 22 طبيبا من الجنسين، بالإضافة إلى 7 ممرضات، يعملون في عيادة "النور" المجانية التي تم افتتاحها الجمعة، لتقديم المساعدة الطبية للأمريكيين الفقراء الذين لا يتمتعون بمظلة التأمين الصحي الحكومية.
وتعتبر العيادة الجديدة جزءا من مبادرة قادها بعض الأطباء المسلمين، ومن بينهم مليكة، بدأت في العام 2008، لفتح عيادات مجانية لمساعدة الأمريكيين غير المؤمن عليهم.
وتم في إطار هذه المبادرة افتتاح عيادات إسلامية في مدينتي سينسناتي ودايتون بولاية أوهايو، فيما قام أطباء مسلمون آخرون بعمل مبادرات أخرى مماثلة في أنحاء مختلفة من الولايات المتحدة.
والولايات المتحدة، هي الدولة الصناعية الكبرى الوحيدة التي لا تشمل مظلة التأمين الصحي الرسمية جميع مواطنيها، بالرغم من أنها تنفق أكثر من ضعف ما تنفقه الحكومات البريطانية والفرنسية وألمانية على الشخص الواحد في مجال الرعاية الصحية، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وتقول مليكة للصحيفة: "إننا نحب بلدنا، وبما أننا نحب بلدنا، فنحن نحب مجتمعنا".
وقضت مليكة معظم حياتها المهنية الممتدة من العام 1973 في العمل في سلسلة من العيادات الخاصة التي تديرها منظمات مجتمع مدني محلية، وتقدم خدماتها للأطفال المحرومين من الخدمات الصحية، في بعض المناطق الفقيرة من ولاية أوهايو.
وتقود هذه المبادرات منظمة تدعى الرابطة الإسلامية الطبية "أمة"، والتي قدمت منذ تأسيسها في العام 1996، على يد مجموعة من الطلبة المسلمين، خدمات طبية لأكثر من 16 ألف مريض من ديانات مختلفة.
وأنشأ هؤلاء الطلبة الرابطة لتطوير مشاركة المسلمين الأمريكيين في علاج المشكلات الاجتماعية داخل مجتمعاتهم المحلية، وأطلقوا في ذلك العام أول عيادة مجانية بالكامل في الولايات المتحدة.
تصحيح الصورة
وتقول مليكة إن العيادات المجانية التي يقوم أطباء مسلمون بإدارتها "هي محاولة جديدة من جانب المسلمين الأمريكيين لإعطاء صورة أفضل لعقيدتهم"، في ظل تراجع نظرة الأمريكيين للمسلمين في الولايات المتحدة، بحسب مليكة.
وتقول سعيدة ياسين، وهي إحدى الطبيبات المتطوعات في عيادة "النور": "إننا لا نريد الدعوة إلى الإسلام، فقط كل ما نريده هو أن نظهر للمجتمع أننا باعتبارنا مسلمين فإننا منتمون ومتحدون مع المجتمع الأمريكي، ونرغب في المساعدة".
أما الدكتور فاوزان نارفال، وهو أحد الأطباء المسلمين المتطوعين للعمل في العيادة فقد قال إن تحقيق هذا الهدف الذي تحدثت عنه سعيدة "لن يكون سهلا"، موضحا بالقول: "إن تغيير موقف الرأي العام في أي مجتمع من أمر يجهله يكون أمرا صعبا".
وقال للصحيفة الأمريكية": "ليس هذا ما نحاول القيام به (تغيير الصورة السلبية عن الإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة).. الفكرة الرئيسية هي رعاية المرضى".
وبحسب صحيفة "كلومبوس ديسباتش" فإن أوضاع المسلمين تحسنت "بشكل طفيف" بعد مجيء الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى السلطة، إلا أنهم وضعوا تحت الأضواء مرة أخرى بعد واقعة مقتل 13 جنديا بقاعدة فورت هود العسكرية بتكساس يونيو الماضي على يد الطبيب الأمريكي المسلم من أصل أردني نضال مالك حسن، وإحباط مخطط لتفجير طائرة أمريكية كانت متوجهة إلى ديترويت، قام بها الشاب النيجيري المسلم عمر الفاروق في ديسمبر الماضي.
ويقدر عدد المسلمين الأمريكيين بنحو ما بين 6 إلى 7 ملايين يشكلون نسبة 2.2% من إجمالي تعداد السكان في الولايات المتحدة البالغ حوالي 310 ملايين نسمة، "وضعوا في عين العاصفة بعد هجمات 11/9 الإرهابية" بحسب الصحيفة.