أرشيف - غير مصنف

طارق دياب يصب الزيت على نار مصر والجزائر!

نهاية مأساوية للعروبة.. تلك التى نشاهدها داخل ستديوهات الرياضة، ونسمع عنها منذ الحرب المصرية الجزائرية فى فبراير

الماضى، فلكل عصر عروبته وقوميته.. ولكل جيل أطروحته الخاصة عن الانتماء. ولكن انتماء هذه الأيام من أتعس ما أنجب الوطن العربى الجريح الذى يلفظ أنفاسه الأخيرة بين يدى مدحت شلبى وشوبير وطارق دياب، وجميع من دخلوا سيرك القومية العربية بتذكرة كروية خالصة..

 

 
فبرغم كل المهازل التى شهدتها مرحلتا الخمسينيات والسيتنيات، إلا أنهما أنجبا كيانا مهمًّا ظهر على الخريطة الجغرافية، كما ظهر على الخريطة السياسية يسمى "الوطن العربى"، وتحولت الأقطار العربية الى ساحة مقاومة مفتوحة، بعد أن تفشت أمراض الاستعمار.. وفى ذاك الوقت لم تكن هناك حدود بين الأقطار وبعضها.. من مصر يمكنك الذهاب الى الشام وفلسطين والمغرب العربى دون تأشيرات، ومن سوريا تدخل الى مصر ومنها الى كل البلدان..
 
وحتى فى الوقت الذى وقعت فيه توترات بين الأنظمة الحاكمة، لحسابات سياسية، ظلت الشعوب فى حالة تسامح وتواصل.. ولكن فى عصر القومية الكروية أصبح المعلقون الرياضيون هم أئمة ثورات هذا العصر، وأصبح لاعبو الكرة هم الزعماء والقادة.. يحددون سياسات الدول العربية، ويستطيعون مد جسور العلاقات بين البلدان العربية وبعضها، كما يمكنهم قطعها بكل سهولة.
 
فى إحدى حلقات الاستديو التحليلى الذى تنظمه قناة الجزيرة الرياضية، عقب انتهاء كل مبارة، ظهر فى ستديو الجزيرة المعلق الرياضى طارق دياب وبجانبه نادر السيد حارس مرمى المنتخب المصرى سابقا، والمعلق الرياضى الآن على قناة الجزيرة.. ووسط أجواء الصخب والاحتفال بفوز المنتخب المصرى على منتخب نيجيريا، ألقى طارق دياب مداخلة عجيبة عن القومية والعروبة، ليفتح بها أبواب الحرب من جديد بين مصر والجزائر ودول شمال أفريقيا.
 
وجاء قول دياب ردا على نادر السيد، الذى قال إن فوز مصر على نيجيريا أسعد كل العرب، فقاطعه طارق دياب، قائلاً: إن العرب لم يسعدوا لفوز مصر وتحديداً عرب شمال أفريقيا. ثم أضاف دياب قائلاً: إن العروبة قد ماتت بموت جمال عبد الناصر، وأن العرب الآن أصبحوا يكرهون بعضهم، مؤكداً أن 90% من عرب شمال أفريقيا كانوا يتمنون فوز نيجيريا على مصر. وأضاف أيضاً أن مباراة مصر والجزائر قد أسهمت بشكل كبير في تعميق الهوة بين العرب، حيث أصبح كل تونسي ومغربي وجزائري يتمني خسارة مصر.
 
وبعد هذه التصريحات التى لم تكن هناك أية حاجة حقيقية لها، انقلبت الدنيا فى مصر من جديد، بسبب تصريحات دياب المحسوب على تونس. وبالتالى الجزائر. والذى ألقى هذه الكلمات من قناة الجزيرة الرياضية التى حملت غضب كثير من المصريين مؤخرا. وفى اليوم الثانى من التصريحات، تحدث عمرو أديب فى برنامجه القاهرة اليوم الذى أذيع فى 14 يناير عن هجوم طارق دياب على مصر، واستدعى دياب على الهاتف، فدافع عن وجهة نظره عندما قال إن العرب لم يفرحوا بفوز مصر على نيجيريا، والعروبة ماتت بموت جمال عبد الناصر..
 
وتمسك دياب بتصريحاته، وأعاد تحليل كلامه في الاستديو التحليلي لمباراة زامبيا وتونس على القناة نفسها، مؤكداً أنه لم يتكلم عن شيء يسيء لمصر والمصريين، وإنما كان حديثه يعكس حقيقة الوضع الحالي. وأضاف: لم أتكلم عن مصر بل عن العروبة في الوقت الحالي، وقال إن الأمر يتعلق فقط بكرة القدم. وفي الكرة يتمني كل منافس هزيمة غريمه. وهذا أمر طبيعي في العالم أجمع، وهناك منافسة قوية بين دول شمال أفريقيا. وطبيعي أن يتمني أي طرف فوز أو هزيمة الآخر طبقاً لحسابات تخدم مصلحته.
 
وشرح المحلل التونسي وجهة نظره، قائلاً: في مصر تعتقدون أن العرب مازالوا متماسكين، وتتعرضون لمضايقات كبيرة من بعض الدول العربية، وآخرها ما حدث في مباراة الجزائر، لكنكم تنسون بدعوى الحفاظ على العروبة. لكن العروبة انتهت وكل دولة تبحث عن مصلحتها فقط، بدليل التشتت الموجود بين الدول العربية الآن.
 
لم يجد نادر السيد حلا أمام تصريحات زميله فى الاستديو التحليلى، خاصة وأنه لم يعارض أو يناقش وجهة نظره، بل إن البعض شعر أن سطوة دياب منعت نادر السيد حتى من مجرد الحديث. ولذلك أكد نادر السيد- حارس مرمي المنتخب الوطني السابق والذي لم يكن موجوداً في الاستديو التحليلي أثناء كلام طارق دياب بعد مباراة نيجيريا- أن دياب لم يخطئ في حق مصر، ولم يتحدث عنها بل عن العرب والعروبة.. وأضاف "إن كلام دياب كان حاداً لأن كابتن منتخب تونس السابق معروف بالصراحة والكلام الصارم".
 
وأكد نادر أنه تحدث مع دياب بعد انتهاء المباراة. وعن الهجوم الذي تعرض له نادر السيد بحجة أنه لم يرد على طارق دياب في الاستديو التحليلي، قال حارس مرمي مصر السابق إن طارق دياب حر في رأيه. كما أنه لم يتحدث عن مصر بشكل خاص، وإنما عن العرب والوضع الحالي "وكل واحد يقول اللي عايزه".
 
فى كل الأحوال.. نحن أمام أزمات مفتعلة جدا، وقضايا تبدو أنها مثيرة للجدل، لكنها فى واقع الأمر مثيرة للضحك والرثاء فى نفس الوقت، لأننا لم نعد نتحدث عن القومية منذ سنوات بعيدة. وعندما تذكرناها، اكتشفنا أنها موجودة بين أقدام 11 لاعب على البساط الأخضر!

 

زر الذهاب إلى الأعلى