أرشيف - غير مصنف

سيوفهم عليها وقلوبهم معها..(الطائفية السياسية في لبنان).

حسين مروة

كلما ازدادت الازمات الدولية والاقليمية والمحلية تأزماً ترتفع وتيرة الطائفية في لبنان..
قال الامام الصدر يوماً " الطوائف نعمة والطائفية نقمة ".
إن تعدد الطوائف والاديان ليست هي المشكلة،إنما المشكلة تكمن في تركيبة هذا البلد وإداراته الطائفية وصراعاته الطبقية والسياسية .. ويرجع هذا الامر الى تاريخ لبنان الحديث في مرحلة إحتدم فيها الصراع بين السلطنة العثمانية التي كانت تهيمن على المنطقة وما بين الدول الاوروبية الكبرى التي كانت تسعى حينها الى إقتسام العالم ووراثة السلطنة المريضة.فمنذ سنة1861 إلى سنة 1920  منحت الدول الأوروبية الكبرى الوصاية على الطوائف تحت ذرائع حمايتها،فمارست دوراً مباشراً في لبنان على ان تكون فرنسا راعية للطائفة المارونية، وروسيا للأورثوذكس، والنمسا للكاثوليك، وإنكلترا للدروز.أما الطائفتين السنية والشيعية فبقيتا تحت السلطة التركية. وعلى هذا الاساس كانت متصرفية جبل لبنان.،وقد أُستغلت الطائفية في ما بعد في أحداث عدة منها ما حصل سنة 1958 وأشدها عام 1975 سفكت الدماء تحت رايات الطائفية حتى توقيع إتفاق الطائف سنة 1989 الذي اقر تشكيل هيئة وطنية لبحث كيفية إلغاء الطائفية السياسة وإنشاء مجلس للشيوخ على اساس طائفي،ومنذ ذلك الحين لم يتحقق شيء من هذا القبيل،ولم يتم تشكل هذة الهيئة " توافقياً "..اما اليوم وبعد تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة سعد الحريري،دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري " متأخراً "الى عقد هذة الهيئة فسارعت بعض الاطراف الى إعتراضه بشدة تحت شعار إلغاء الطائفية أولاً من النفوس قبل إلغائها من النصوص.وهنا السؤال:كيف نبدأ وبأي طريقة.؟ هل نقول للناس إصلحوا ما في انفسكم وبعدها إعلمونا بذلك كي نطبق القانون والدستور.؟هل نقول مثلاً للدولة ليس ضرورياً نصب إشارات ضوئية في الشوارع لأن المواطن غير جاهز نفسياً للتقيد بها.؟أم نوجد له الاشارة أولاً حتى يتأقلم معها ويلتزم بقوانينها.؟(والضاحية وإشاراتها المرورية خير مثال على ذلك..).صحيح ان المسألة صعبة في بادء الامر..ولكن إلى متى.؟ هل يصح ان نبقي الالغام في حقولنا ام نستعين بالخبراء لإزالتها حتى لا تبقى أخطارها تهددنا في كل يوم..؟ فبالطائفية نهش اللبنانيون لحم بعضهم البعض..فسقط الحجر ونزف البشر..وبسبب الطائفية ضاع الجنوب لفترة من الزمن قبل ان تدركه المقاومة التي يحاولون خنقها اليوم بوصمها بالطائفية..وبذريعة الطائفية ايضاً جعلوا من اللاجئ الفلسطيني منكوباً على مدار اليوم والشهر والسنة..يثير حتى شفقة قطاع الطرق لاننا جعلنا منه متسولاً  لأبسط  ما يدل على إنسانيته التي خلقها الله..لقد دفعت به انانية البعض للسير بإتجاه واحد لا يرضينا ولا يرضي قضيته المقدسة..ضيقوا عليه الخيارات لان البعض أراد له ان لا يبلغ الهدف..حشروه منذ ستون عاماً في كرتونة" أعاشة"داخل جدران لا تراها الشمس ولا تغادرها المستنقعات صيف شتاء . تتوالى الاجيال في مخيمات الذل التي يحاولون لف قضيتها ببطانية الانروا وتحلية شعاراتهم بسكرها..وعجن مآسيهم بطحينها.،يتغير العالم من حولهم ويتوسع ولكن.. وضعهم ثابت لا يتغير.. وقضيتهم تزداد تعقيداً لأنها اصبحت من آخر أولويات النظام العربي المروّض..محاصرون في وطنهم مخنوقين في شتاتهم..إن كل هذا وذاك سببه آفة الطائفية في لبنان والتي سوف تندثر عاجلاً ام آجلاً وتوقيتها اليوم هو الانسب. وفي حال النجاح سوف ينعكس هذا إيجاباً على المنطقة بأكملها وفي مقدمتها لبنان وطناً وإغتراباً..وسيحد إلغائها من التدخل الخارجي الدائم الغير بريء الذي عودنا دائماً على التسلل من الباب الطائفي..لقد وافق اللبنانيون على دستورهم الجديد وهم يدركون ان الفقرة ـ ح ـ من المادة 95 من إتفاق الطائف(تعتبر نص دستوري ملزم  وصيغتها  واضحة وآمرة ولا تحتاج الى توافق او حوار بعكس غيرها) تدعو الى تشكيل الهيئة الوطنية لبحث إلغاء الطائفية السياسية..كما ان هذة الفقرة لم تتغير او تعدّل..والمواطن اللبناني ايضاً لم يتغير ولم  ُيعدّل من أفكاره الملحقة اصلاً بهذا الزعيم او ذاك..من الذين يستمدون شرعية زعاماتهم من النغمة الطائفية التي لا يمكن تحييدها إلا بتطبيق البند الخاص بهذا الامر..وهذا من شأنه دفع زعماء الطوائف كافة الى سلوك الطريق الوطني الواضح بدلاً من الطرقات الطائفية الضيقة والملتوية .اما عن تحقيق هذة الغاية فيبدأ إنطلاقاً من تغيير الخطاب الطائفي واستبداله بالخطاب السياسي والوطني الذي سينعكس إيجاباً على القواعد الشعبية لهؤلاء الزعماء ومن خلالهم على البلد(او ان ننتظر معارضوا  هذا البند ليخبرونا لاحقاً  انهم قد نجحوا بإلغاء  الطائفية من نفوسهم ونفوس جماهيرهم والنفوس التي ترعرعت عليها وهم الان على إستعداد لإلغائها من النصوص!!؟..) أيُعقل هذا.؟؟!! إن هذا الامر لن يتحقق بهذا الاسلوب الساذج لأن الذي يعارض اليوم سيبقى يعارض ابداً..لأن معارضته هذة تستند على تربصه الدائم بالمتغيرات الدولية والتي يعتقد بأنها يمكن ان تعفيه من ( "نعم" الماضي التي قبلها على مضض) إلى( "لا" لعهد في تصوّره قد إنقرض) وافق عليه في حقبة ما من الزمن وجد نفسه فيها غير قادر إلا على ان يكون داخل إتفاق الطائف واليوم ليس بإمكانه المجاهرة برفضه اياه او حتى تجاهل ايا من بنوده التي اصبح تطبيقها يشكل هاجساً لديه خوفاً من الطوائف الكبرى تحت ذريعة إمتلاكها السلاح.. مع إدراك هؤلاء ان دور هذا السلاح كان فعّالاً في تحرير الارض عندما عجزت عن تحريره القرارات الدولية التي أكل الدهر عليها وشرب..مع علمهم ان إسرائيل لم تطبق من قرارات الامم المتحدة إلا ما خص إنشائها على ارض فلسطين..ومع هذا كله فان هؤلاء لا يألون جهداً  لملاحقة أي حدث أمني يتعلق بالمقاومة وسلاحها أملاً منهم بإنعاش القرار1559 الذي يتربص بلبنان شراً.وهذا ما يفسر إنفراج أسارير البعض عند كل حدث امني يقع في دائرة تواجد المقاومة كما حصل في خربة سلم من صيف 2009 وما تلاها..أملاً منهم برصد خرقاً ما يمكن ان يقدم عليه حزب الله فيما يخص نشاطه او مخازن سلاحه،وقد تجلى هذا الامر عبر التغطيات الاعلامية المبالغ فيها والتي كانت ترافق كل حدث من تلك الاحداث خدمة لخصم المقاومة الاوحد "إسرائيل "..

 

زر الذهاب إلى الأعلى