هم المسيحيون العرب ، و ليسوا مسيحيّو الشرق أو المشرق ..وعندما يتخلص التاريخ العربي من المرويّات الإسرائيليّة ، و إسقاطات المستشرقين الصهاينة ، و يعود إلى حقائق تاريخ المنطقة سنعرف أنّ الاشوريّين ، و الكلدانيّين و السريان ، و القبط هم عرب ، و هم أبناء هذه المنطقة منذ أن وُجد فيها الإنسان..و العقيدة لا تنفي عروبة أو تثبتها ، و مصطلح مسيحيّو الشرق هو مصطلح فتنوي خرج من رحم الصهيونيّة أيضا كما خرج مصطلح " الشرق الأوسط " لدمج الكيان الصهيوني في المنطقة ، و ما كان المسيحيّون العرب في يوم من ألأيّام طارئون على هذه المنطقة .. منذ أن أشهر المسيح جرحه على الصليب ، حتى عهد عمر بن الخطّاب ( رض ) لأهل إيليا ، مرورا بكلّ النكبات التي أصابتنا ، و انتهاءا بتهجير المسيحيين من المنطقة العربيّة .. و مرة أخرى أقول ابحثوا عن اليد الصهيونيّة في كل ما يحدث ..و عملية تفريغ هذه المنطقة من مسيحييها تعني سلبها إحدى رئتيها ( و اعطاء البراءة لليهود من دم المسيح ) ، و في بعض تجلياتها القضاء على مثل هذه الترتيلة السريانيّة العراقيّة " الويل لكم ايها اليهود لقد حرمتم من الكهنوت والنبوة والملكوت " و هناك خطأ تاريخي يرتكب ، و كعادة العرب سنستفيق بعد أن تقع الطّامة لنرى أنّ هذا العماء الاستراتيجي الذي يتلبسنا يؤدي بنا إلى تدمير أسس بقائنا فاعلين في حركة التاريخ .. و المصيبة التي يرتكبها المدافعون عن المسيحيين من عرب مسلمين أو مسيحيين أنّهم يتحدثون عن مآئر المسيحيين العرب بمنطق فضل إنسان غريب عن المنطقة فيذكرون عمله لتسويغ قبول ( الآخر المسيحي ).. و ليس من قبل أنّه ابن المنطقة ، و بالتالي فهذا واجبه ، و هو لم يفعل إلا ما يفعله شريكه ( الآخر المسلم ) لهذه المنطقة ..و منذ قيام الدولة الإسلامية ( على فرض انّ هناك هذه الدولة ) .. فإنّ مسيحيّوا بلاد الشام ، و مسيحيّوا العراق كانوا رافعة الفتوح الإسلامية في انحيازهم التّام لعروبتهم ، ضد المحتّل المشترك معهم في العقيدة …
موضوعان لفتا انتباهي .. " ورقة السنيدوس التحضيريّة " التي ستقدّم لمؤتمر الأساقفة حول الشرق الأوسط و كنيسة المسلمين لـ " نادين البدير " ..
في موضوع الورقة يتمّ تسطيح الواقع الفعلي لما يقع من جرائم في حقّ المسيحيين العرب في العراق ، و فلسطين ، و تُحمّل ( التيارات المتطرفة ) تبعة هذه الجرائم ، و تعتبرها الخطر الحقيقي على وجود المسيحيين ، و بمفردات تحريضيّة فتنويّة تنفي عن الاحتلال الأمريكي ، و عن التآمر الصهيوني هذه التبعة ثمّ تتحدث عن انقسام سياسي ، و مذهبي بين مسيحيّي لبنان لتنفي مرّة أخرى انخراط بعض المسيحيّة المارونيّة في المشاريع الصهيونيّة المعدّة لهذه المنطقة ، و من ورائها المشاريع الأمريكيّة ، و التي يقوم على رأسها البطرك الماروني " صفير " المنحاز لبعض هذه المسيحيّة بشكل فجّ ، و فاجر ، و الذي يساهم مباشرة في هذا الانقسام .. و هذا البعض المسيحي هنا لا يختلف عن البعض المسلم المنخرط أيضا في هذين المشروعين.. ليكون الشقّ المسيحي هنا هو كبش الفداء .. ثمّ تلتفت هذه الورقة إلى أقباط مصر لتلقي باللائمة على " تصاعد الإسلام السياسي " دون أن تلحظ ، و عن سابق إصرار ، و تصميم ..دور النظام الرسمي فيما يحدث لأقباط مصر ، و دور أمريكا في استخدام ورقة " أقباط المهجر " في الضغط على هذا النظام ضمن سياسة " العصا ، و الجزرة " التي تتبعها معه ..ليكون الأقباط هنا أيضا كبش محرقة في لعبة جرّ الحبال ضمن النظام نفسه ، و ضمن علاقة هذا النظام بأمريكا ، و الكيان الصهيوني ..
أمّا في موضوع " كنيسة المسلمين فإنّ " نادين البدير " ( العلمانيّة – او الليبراليّة ) تقوم أيضا بتسطيح الأمر و كأنّ العلاقة بين المسيحيين العرب ، و المسلمين العرب تتعلق بهذا المفهوم الساذج لأسس العقيدة .. و لا ادري عن أيّ كنيسة ، أو مسيحيين تتحدث ابنة السعوديّة ( مع قبولي على مضض أنّ نادين هي صاحبة المقال ، و أنّها لم تنتحله ) ..و يستدعي نصّ " البدير " موضوع كذبة " حوار الأديان " التي ابتدعها " عبد الله بن عبد العزيز " ملك السعوديّة " ، و " و لي أمر نادين " .. بحيث أصبحت هذه الكذبة فيما بعد حالة ابتزاز للنظام السعودي الرسمي حول وضع " بناء الكنائس " في ارض " الحرمين " .. و التي تطرّف فيها الشيخ العريفي فيما بعد ليدعوا إلى هدم الكنائس في بلاد المسلمين ردّا على التطرّف الغرب في وقفته ضد الإسلام و المسلمين . بناءا على حالة التباس نعيشها جميعا ، و هي توصيف الغرب بـ " الغرب المسيحي " و بما يحمله هذا التوصيف من تجنّي على المسيحيّة .. لأنّ هذا الغرب هو " غرب مسيحي ، و إسلامي ، و علماني و شيوعي ، و يهودي ، و صهيوني " ، و أنّ هذا الغرب يتلبس المسيحيّة فقط في حالة العدوان على ديار المسلمين بدءا من حروب الفرنجة التي اتخذت من الصليب شعارا ، و بتحريض من " باباوات الفاتيكان " ، و انتهاءا بدعوة جورج بوش إلى " حرب صليبيّة " في التجييش لاحتلال بلدين مسلمين هما العراق ، و أفغانستان ، و دون إن يشفع لمسيحيي العراق " مسيحيتهم " في النجاة من الجرائم التي ترتكب بحقّهم ، و تحت نظر الاحتلال الأمريكي
إنّ إفراغ المنطقة العربيّة من مسيحييها هي جريمة يجب أن ينتبه إليها المسلمون العرب قبل غيرهم .. لأنّ نهضة العرب في كل مرحلة من مراحل سطوعها كان يشترك فيها المسلم ، و المسيحي ، و يحضرني هنا ثلاث أبيات شعر للمفكر العربي المسيحي فرانسيس مراش ، التي يفتخر بها بعروبته ، وبفضل هؤلاء العرب على الغرب الـ" فرَنجي " :
حتى متى تزرون يا إفرنج بالعرب
مهلاً فلا خير بابن قد زرى بأبِ
إن كان بالعلم جئتم تفتخرون
فمن معالم العرب كل العلم ، والأدب
تذكروا ما غنمتم يوم ندوتكم
في أرض أندلس من تلكم الكتب
رشيد السيد احمد