تصريحات بن لادن وأثرها على المقاومة الإسلامية لا أريد أن أدخل هنا في عملية جدل بين ما تناقلته وكالات الأنباء سابقا وبين الواقع الذي يفرض نفسه على الأرض وعلى السياسة الدولية والأمريكية بشكل خاص ، هل أسامة بن لادن حي يرزق ؟ ، أم وافته المنية في تورابورا ؟! لا نريد أن ندقق كثيرا في ما أذاعته بعض وكالات الأنباء أن بن لادن والظواهري قد قتلا أبان استخدام الأسلحة الفتاكة في جبال تورا بورا . ولكنني هنا أضع يدي على أخطر تصريح يقوم به زعيم القاعدة سواء هو بذاته أو بصوته أو من خلال مونتاج قامت به السي آي ايه تسويقا لسياسة مرحلة ولأهداف باتت وشيكة للإدارة الأمريكية والصهيونية العالمية . يقول بن لادن أن أميركا لن ترى الأمن مادامت غزة محاصرة والشعب الفلسطيني محاصر ، لم يقل بن لادن إذا كان الشعب الفلسطيني محاصر وإذا كان الشعب الفلسطيني وخارج الضفة الغربية لم يمتلك قراره ويخضع لأداة القمع الأمنية لسلطة المقاطعة ولقوات الغزو الصهيوني في الضفة الغربية ، لم يقل بن لادن أن الفلسطيني خارج الوطن معذب ويخضع لتناقضات السياسات الإقليمية وهو معذب في رزقه ووجوده ، بل ركز هنا بن لادن على غزة ، وغزة فقط . ولنأخذ مثلا مجمل التصريحات التي صدرت عن العدو الصهيوني وعجلات إعلامية غربية وعربية عن تسرب لأعضاء القاعدة إلى غزة ولنأخذ في هذا المجال أيضا تهديدات العدو الصهيوني المستمرة لفصائل المقاومة وحماس في قطاع غزة ، والتهديد والإستعداد لعمليات إنزال جوي واجتياح بري للقطاع . لنقارب بين تصريحات بن لادن أو ما أتى على لسان بن لادن والموقف السياسي الذي تحاول أميركا أن تفرضه على المنطقة وعلى القضية الفلسطينية وما يناسبه من تحضيرات عسكرية بالإضافة إلى عدة خطوات إقليمية لعزل غزة مطلقا من خلال الجدار الفولاذي الذي تعتبره مصر يخص عمق الأمن القومي المصري ، وما جاء على لسان رئيس جمهورية مصر العربية حسني مبارك وأن حدود غزة هي حدود للفلتان الأمني والإرهاب . محصلة يمكن التسويق لها من خلال تصريح بن لادن كشواهد وأدلة بأن قطاع غزة يسيطر عليه التطرف الإسلامي الذي تدعمه القاعدة وهذا يكفي من خلال ما أتى على لسان أوباما بمحاربة الإرهاب أينما وجد وفتح جبهات خارج أفغانستان في باكستان واليمن ، صفقة متكاملة تريد أن تحققها الإدارة الأمريكية ربما من خلال تصريحات بن لادن الأخيرة . فعملية السلام متعطلة بل أصيبت بالشلل والإنهيار بل أصيبت السياسة الأمريكية بالفشل الذريع في إدارة الحقل الدبلوماسي والسياسي للقضية الفلسطينية من خلال تراجعات مستمرة لمواقف أوباما ومواقفه بالتحديد من قضية الإستيطان والحدود للدولة الفلسطينية . أوباما لا يقل خطورة عن سابقه بوش ، بل حاول أوباما أن يعالج نقاط الضعف عند بوش مع التمترس على مبادئ بوش ونظرته للعرب وللمسلمين في ظل سياسة أمريكية متواطئة على محو شخصية القومية العربية والحدود العربية والأمن القومي العربي . جميع القوى في المنطقة متحفزة لتقاسم الدور الذي يمكن أن تقوم به الدول العربية في معركة وجودها وعلى رأسها القضية الفلسطينية ، فها هي تركيا الآن تتقاسم مع إيران ما لم يقدر العرب على تثبيته في كيانتيه الجغرافية والسياسية ، وها هي إسرائيل تحاول أن توثق وأن تؤكد وأن تؤكد برنامجها الإستيطاني بأنه حق مشروع لا يمكن الإستغناء عنه ، وهذا كان آخر تصريح لناتنياهو ، أما الموقف الفلسطيني الذي وقف في محل الجمود ، لا مفاوضات بدون وقف الإستيطان ، وكأن قضية وقف الإستيطان هي الكفيلة فقط بحماية القدس واسترجاع الحقوق ، وعجز الموقف الفلسطيني للآن عن تحريك ذاتيته نحو ايجاد آفاق وفتوحات تؤمن أطروحاته بموقفه وشرطه لوقف الاستيطان . نستطيع القول أن تصريحات بن لادن الأخيرة سواء صدرت حقيقة عن وجوده حيا على سطع الأرض أو عملية مونتاج فإن جميع الآفاق تتحدث على أن غزة أمام امتحان عسير تتكدس فيه جميع القوى بتدمير ما تبقى من أجزاء البندقية والمدفع لدى الشعب الفلسطيني فحكومة رام الله بعد أن وضعت كل ما لديها في السلة الصهيونية فهي مغلوبة على أمرها ولا تشكل مشكلة للبرنامج الصهيوني والبرنامج الأميركي والإقليمي ، وغزة وحدها هي التي تشكل العقبة الرئيسية أمام هذه البرامج فمطلوب الآن ومن أجل وضع حل قصري على الشعب الفلسطيني أن تشهد غزة بحر من الدماء لتنفيذ حل حقير تديره أميركا وإسرائيل ودول إقليمية بحجة أن القاعدة تسللت إلى غزة وأن القاعدة تتعاطف مع المقاومة في غزة . بقلم / سميح خلف