أرشيف - غير مصنف

الحكومة العمانية والرأى العام : مظاهر القوة ومكامن الضعف

في حوار الأخ العزيز عمار ألمعمري مع اخينا الاستاذ محمد اليحيائي في برنامج عين على الديمقراطية وقبله الأخ العزيز الكاتب والشاعر محمد ألحارثي وصفا الحكومة العمانية بأنها ضعيفة وتخشى الرأي العام ، وهنا استميح الأخوين الكريمين عذرا أن اختلف معهما اختلافا بكل تأكيد لا يفسد للود قضية ، ولعل اختلافنا هنا يعوضه اتفاقنا على أن هذه الحكومة ترتكب أحيانا من التجاوزات ما يرقى إلى حد الانتهاك الفاضح لحقوقنا المشروعة في العدالة والمساواة وتحرمنا من ابسط حقوق المواطنة في التقاضي وحق التعبير والمشاركة السياسية

حكومة نصب وزرائها أنفسهم أوصياء شرعيين على الوطن بما حمل ، يتصرفون فيه وفق مشيئتهم التي تحركها مصالح ومفاسد المتنفذين واللوبيات دون اى رقابة فاعلة سواء أكانت برلمانية أو صحفية ، الأمر الذي مكنهم من الهيمنة على كل ما فوق الأرض وما تحت الأرض دون حسيب او رقيب فتسمنت جيبوهم وكروشهم على حساب الفقر والبطالة والعوز الذي يكتنف ارجاء الوطن

أن حكومة تمكنت من كل أسباب البقاء والقوة ، فسمنت نفسها، وتجذرت في الأرض ووضعت يدها على مكامن الثروة ومصادرها ومداخلها ومخارجها، وانقسم المجتمع بين يديها الي مجتمع طبقي منهم المستعبدين ، ومنهم المهمشين ، ومنهم الموالين و والمستفيدين ، وآخرين دون ذلك ، حكومة يكرس إعلامها قيم الانبطاح والتطبيل، وشحن جماجم البسطاء بالشعارات الفارغة التي تمجد الحكومة وتضفي عليها القدسية والعصمة من الخطأ والزلل، لا يمكن أن نصفها بأنها حكومة ضعيفة وتخشى الرأي العام !!

خاصة إذا ما كان الرأي العام كما هو الواقع يفتقر لأبسط أسباب التعبير عن وجوده فضلا عن مطالبه ، رأى عام مسلوب الإرادة محروم من حق التعبير، محروم من صحافة حرة حقيقة ، ومن نقابات مهنية فاعله ، ومن برلمان حقيقي، محروم من اى ممارسة ديمقراطية ، ومحجور عليه، وممنوع حتى من التظاهر والاحتجاج للمطالبة بحقوقه المشروعة

أن الحكومة التي تخشى الرأي ا لعام هي تلك الحكومة التي تصل إلى سدة السلطة من خلال صناديق الاقتراع ، و تستمد من خلاله بقائها ويملك حق إسقاطها متى ما عجزت عن تحقيق طموحاته وآماله في الحياة والعيش الكريم

أما الحكومة التي يبقى وزرائها على الكراسي الوثيرة عقود متوالية لا يتزحزحون عنها حتى لو أزكمت روائح فسادهم الأنوف ، فتلك حكومة لا يمكن وصفها بالضعف أو أنها ان تخشى الرأي العام ، الذي لا حول له ولا قوة ولا قيمة له ولا وزن

وأما تفسير خضوع الحكومة وتسامحها مع قضية على الزويدي وقضية التنظيم السري وبعض الحوادث المماثلة فذلك في نظري ليس دليلا على ضعف الحكومة أو قوة الرأي العام

وإنما مردة إلى سياسة التسامح التي انتهجها صاحب الجلالة مع ابناء شعبه منذ أن تولى مقاليد الأمور، تلك السياسة التي تسمو فيها قيم العفو والرحمة والتسامح ، فوق قيم العقاب والانتقام ، عفو المقتدر ، وتسامح الكريم ، ورحمة الوالد.

أن فهمنا للواقع فهما دقيقا وأدركنا لمكامن الضعف والقوة ، يجعلنا نوجه بوصلة الإصلاح والتصحيح ألوجهه الصحيحة وذلك من الأهمية بمكان.


زر الذهاب إلى الأعلى