أرشيف - غير مصنف

الوطن والمواطنة..من منظور نفسي

بقلم :دكتور وائل عشبة

                          
 
      إنه من الضروري على الباحث بصفة عامة والنفسي التربوي بصفة خاصة أن يبتعد بحسه البحثي وفكره التربوي عن التقليدي من الموضوعات .
 
       ولهذا وجدت نفسي وفي ظل هذه الأزمة التي تشهدها الهوية العربية أو تحديداً الشخصية العربية أمام موضوع غابت عنه أفكار علماء النفس ألاوهو موضوع سيكولوجية المواطنة …..أوكيف ننمي لدى شبابنا– عماد الأمة ورمزنهضتها– الثقافة والمعرفة النفسية ليكونوا متنورين سيكولوجياً من أجل مواطنة فعالة، فعمدت إلى تطبيق ذلك فعلياً – في رسالتي للدكتوراه – وذلك بإعداد برنامج تدريبي قائم على نموذج ثلاثي الأبعاد لتنمية التنور السيكولوجي من أجل المواطنة لدى طلاب الجامعة، وآمل من ربي العلى القدير أن يُقدر لي التواصل مع حضراتكم عبرمقالات قادمة حول جوهر هذا الموضوع الهام والضروري لتقدم الأوطان.وحتى يكون حديثنا القادم موضوعياً فلنبدأ مقالتنا الحالية حول مفهومي الوطن والمواطنة ولكن من منظور وزاوية نفسية موجزاً الحديث قدر الإمكان.
 
    عزيزي القارىء إن الوطن ليس– كما يعلم الكثيرون – القرية أو المدينة التي ولدت أنا وانت فيها ، وإنما هو الحيز المكاني الذي تعيش عليه وتنتمي له والمحدد جغرافياً ليكون بذلك نظاماً اجتماعياً بما فيه من مؤسسات ونظم وأعراف حتى يكون هذا الحيز بالنسبة لك الملجأ والنسب والعائلة وعندئذ يشكل هذا الحيزمجالاً حيوياً بل ويعتبر المجال النفسي لك لتقول عندها " أنا من مصر" ….." أنا من قطر" …" أنا من…." ليمثل وطنك بهذا المجال النفسي الحيوي الذي تنتسب إليه وتدافع عنه.
 
    ولهذا فإن للوطن بالمفهوم السابق مكونات ثلاثة :الأرض – الحيز الحيوي – التفاعل ، فالأرض يمثلها الحيز الجغرافي للوطن ،أما الحيز الحيوي فهو الحيز النفسي والمعبر عما بداخل الإنسان ممثلاً الوطن ، وأما التفاعل فهو المكون الوظيفي للأرض والحيز الحيوي ، حيث ماعلى الأرض وما بحيز الإنسان الحيوي يتفاعل مع شريكه الذي يؤمن بشراكته على هذه الأرض من أجل مواطنة فعالة.
 
   وعن هذه المواطنة …..يقول استاذي عالم النفس الجليل الدكتور حمدي علي الفرماوي معرفاً إياها بأنها " تُعني الشراكة من أبناء الوطن في أرض الوطن والأحقية في الإستمتاع بخيراته والواجبية في تعميره بصفة المواطن إنساناً بغض النظر عن اللون أو الجنس أو العقيدة" فتعبير المواطنة يحمل إنتماءاُ عالياً ومتنامياً تجاه موطنه بما فيه من أفراد وإمكانات وأهداف يجعل الإنسان أكثر مساهمة في مسيرة الوطن متقبلاً الآخر فيه فالوطن يصبح في نظر الإنسان الذي يعيش عدلاً وحرية شراكة مجتمعية بينه وبين الآخر هو فيه كما الآخر فيه وله ما للآخر ، وهنا يمكن القول بأن شعور الإنسان بالمواطنة لا يمكن أن يتحقق على أرض ديكتاتورية ، بل على أرض من الديمقراطية التي تتمثل عملياً في الحرية – العدالة – الأمن.
 
   وأخيراً ، فإذا قلنا بأن المواطنة هي جنسية المواطن كما يرى ذلك علماء القانون ، فإن تفعيل هذه المواطنة حتى يكون بذلك المواطن مواطناً صالحاً فلابد أن يكون لديه الوعي الكامل بحقوقه وواجباته ومسؤلياته ، وأن تكون لديه دوافع معينة يعمل على تنميتها مثل دافع التواد والإيثار والانتماء ….وغيرها من الدوافع التي تدفع هذا الوعي من السكون إلى التوظيف الجيد الذي يسلك عن طريقه صاحبه سلوكيات سوية تعكس مواطنته الفعالة ليكون عندئذ مواطناً بالفعل وليس مواطناً بالقوة …أو بعنى نفسي أكثر تخصصاً وتحديداً يكون مواطناً متنوراً سيكولوجياً من أجل مواطنة فعالة .
 
   د. وائل حسن زكريا عشبة
 
دكتوراه في علم النفس التربوي ـ مصر
 

زر الذهاب إلى الأعلى