أرشيف - غير مصنف

هل اصبح الانفصال مطلب شعبي باليمن كيف حدث هذا?

 

 حميد عقبي
 
  
منذ قيام الثورة في الشمال و الجنوب اليمني كانت الوحدة هما كبيرا و حلما جميلا ناضل من اجلها مفكرين و كتاب و كانت حلم شعبي يمني و مع كل اقتراب بين الانظمة السياسية كانت الناس تفرح باي تقدم نحو الوحدة و مع قيامها هلل الناس و فرحوا باعتبار الوحدة منقذ و حاجة ماسة و ضرورية لاحداث نوع من التطور و التقدم الاجتماعي و الاقتصادي كون اليمن ظلت لفترة تاريخية كبيرة مغيبة و دولة فقيرة و اهلها مجرد عمال و خدم يعملون في السعودية ودول الخليج و كل بقاع الارض , قامت الوحدة في مايو 1990 و كان الاغلبية يظنون انتهاء فترة الفقر و التخلف و لكن للاسف الشركاء في الوحدة دخلوا في مهاترات سياسية و حدثت الكثير من الحوادث المؤسفة في العام الاول من الوحدة
مثل بعض الاغتيالات السياسية لرموز فكرية و ثقافية و للاسف الشديد الشركاء في الوحدة كانت لهم اخطاء مميته فكل طرف كان يعمل بكل جد للسيطرة و كسب اصدقاء   و تم اهمال مشاريع التنمية و التفكير في بناء دولة قوية متقدمة ها مصادرها الخاصة بعيدا عن الدخلاء و الذين كانوا دائما يعطون مساعدات مشروطة و تمس في اغلب الاحيان السيادة الوطنية .
 
 
 
ثقافة الوحدة و ترسيخها في نفوس الناس كان بحاجة لبرامج تنموية و اقتصادية و ليس مجرد شعارات و فعاليات احتفالية شكلية كانت الناس تنتظر انفراج اقتصادي و سياسي و مزيد من الحريات و تطوير للتعليم و مناهجه و افراغه من ثقافة العنف و تقليص سيطرة القبيلة و هيمنتها و
التقدم نحو مجتمع مدني و كسر شوكة الجماعات الدينية المتطرفة و لكن للاسف زادت شوكة و قوة القبيلة و الاتجاهات الدينية و تم عقد تحالفات معها و بعد فترة اصبحت لها تاثير كبير و مع حدوث ماساة حرب 1994 شاركت القبائل و الاتجاهات الدينية المتطرفة في الوقوف مع نظام علي عبدالله صالح ضد شريكة على سالم البيض و الحزب الاشتراكي و كان الرئيس صالح قد تمكن من شراء بعض الذمم في الحزب الاشتراكي و شخصيات اجتماعية و قبلية في المحافظات الجنوبية و انتهت الحرب بالسيطرة الكاملة العسكرية لنظام علي صالح و هروب قادة الحزب الاشتراكي لدول مجاورة و كان بوسع الرئيس علي صالح ان يرمم الجروح و يستغل هذا الحدث و يجبر خواطر الناس في الجنوب و لكن   حدثت الكثير من السلبيات مثل عزل الاخوة من المحافظات الجنوبية و السيطرة على الاراضي و المناصب و تمكين فئة فاسدة للتحكم و استغلال البلاد و العباد و رغم وجود الكثير من الاصوات التي تنادي بالانصاف و نسيان الماضي و فتح صفحة جديدة لكن نظام الرئيس علي عبدالله صالح لم ينظر للموضوع بشكل منطقي و انساني و استمرت و تراكمت الاخطاء بحيث اصبحت كوارث بسبب سياسة العزل و الاقصاء التي مارستها الحكومات ضد ابناء الجنوب و ابناء الكثير من المحافظات بالشمال و خاصة المحافظات التي ليس لها تمثيل سياسي و قوة قبليه مثل تهامة و ريمة و المحويت و غيرها و اصبحت كلمة الديمقراطية مجرد شعارات يستفيد منها فئة بسيطة .
 
 
 
اليوم لا يمر اي يوم الا و نسمع بسقوط العشرات برصاص القوات الامنية و الجيش في المحافظات الجنوبية و اصبحت ثقافة الانفصال ثقافة موجودة تزاد قوة و عنفوان مع سقوط اي قتيل يعني ان ماساة حدثت في احدى البيوت او القرى و سخط يكبر وسط الناس نحن لسنا ضد الوحدة بل معها و ترديد الشعارات بالدم و الروح غيرها من الشعارات لم تعد مدية انقاذ الوحدة يحتاج لاجراءات و معالجات عاجلة مثل توسيع نظام الحكم المحلي و
القضاء على الفساد الاداري و المالي في مؤسسات الدولة و مزيد من الحريات و الحقوق المدنية و ترميم الجراح و معالجتها بسرعة و القضاء على ثقافة العنف و التطرف و كسر جموح قوة القبيلة بالتوسع في التمدن و المشاريع الانمائية و تطوير التعليم و الصحة و الثقافة و غيرها من العوامل التي ستجعل الناس تستعيد الثقة في الوحدة و تشعر بانجازتها كونه الى الان من هو الذي استفاد من الوحدة ربما هي فئة قليلة و هم اهل الحكم و اقربائهم و اصدقائهم و غالبية الناس في الشمال و الجنوب يعيشون تحت خط الفقر و الحاجة و المرض و الجهل .
 
 
 
لا نستبعد ابدا وجود جهات اقليمية و خارجية تسعى الى اشعال نار الفتنة و تنمية التيار الانفصالي و كراهية الوحدة و زرع التفرقة و اعادة اليمن للعهود القديمة و جعلها دولة متخلفة و فقيرة الى الابد و من المفروض الانتباه لهذه المخاطر و التدخلات بالاصلاحات الداخلية و التخلي عن المصالح الشخصية و الانانية و ان يسود العدل و الامن و التمنية كل ارجاء اليمن الكثير من الناس يودون الشعور بالامان و المساوة و المواطنة دون اي تمييزات قبلية و عنصرية في الوظائف و المراكز و المناصب و افراغ السجون من المعتقلين و اطلاق حرية الصحافة و الجلوس الى مائدة الحوار بصدق و دون شروط استعلائية و الكف عن صرف الاتهامات و التشهير بالصحف الرسمية للمعارضين و اعادة الحقوق المنهوبة الموضوع لا يحتاج الى عبقرية و لكن الى مصداقية و عمل جاد و حب حقيقي للوحدة حب يتم ترجمته بالقول و الفعل و ليس مجرد شعارات   لا تسمن و لا تغني من جوع.
 
 
 
 

 

زر الذهاب إلى الأعلى