أرشيف - غير مصنف

التطعيم

 

بقلم :الداعي بالخير صالح صلاح شبانة   

كان مصطلح التطعيم فيما مضى يطلق على حقن الجسم بجرعات من الأمصال والمطاعيم الوقائية ، للوقاية من الأمراض السارية والخطيرة ، ولا زالت المطاعيم تستعمل للأطفال حتى هذا الحين ….!!!
 
اليوم دخل على الخط تعبير مغاير للتطعيم … والتطعيم هذا أن يشبب الشباب بأوصاف مقذعة وعبارات تخدش الحياء العام ، لأمهاتهم وأخواتهم …!!!
 
نحن الذين ابتلانا الله ، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه بركوب حافلات النقل العمومية التي (تدحش) في جوفها ضعف حمولتها ، ويقودها سائقها المغوار بأضعاف سرعتها القانونية ، تعاني من وجود الشباب (الصائعين) الذين يتباهون بضربات السكاكين وشفرات الحلاقة والمشارط مثلما كان غوار الطوشة يتباهى بوسام أبيه الشهيد ..!!
 
الذين يعتدون على خصوصية الناس ، وينفخون الدخان بوجوه الركاب ، وممكن أن يتكئ أحدهم على ظهر امرأة تجلس القرفصاء مع أخرى على كرسي مفرد ليكسبوا( بريزة ) إضافية هي ثمن الراكب …!!!
 
لا يكفي مظهره البشع المثير للرعب والقشعريرة للبدن بالنسبة للمسالمين أمثالنا ، الذين لا يشرفهم دخول المراكز الأمنية (بالكلبشات) ، أنفاسهم تفوح أحيانا بالمشروبات المسكرة ، (يفصِّل) أحدهم أو (يُقطِّع) من اللحم (قد ثور هولندي) ، لديه الاستعداد والجاهزية و(غُب الطلب) لاستعمال الشفرة التي تكون مخبأة تحت لسانه ، ولا يسألني أحد كيف ، ولكنها الحقيقة العارية مثل الإبرة العارية التي تكسو كل الناس وهي عارية ….!!!!
 
هؤلاء القوم الذين أخبئ كل المصطلحات لحين التحدث عنهم ، اسمهم في كل محافل البلاد (الزعران) ، والأزعر والزعراء كل دابة مقطوعة الذنب ، وهم مقطوعي الأخلاق والقيم التي تهش وتنش الشيطان عنهم كما تنش الدابة الحشرات عن نفسها بذيلها ، وإن فقدت ذيلها فقدت المقدرة على ذلك فقدان الدابة هش ونش الحشرات ، فتقع تحت سيطرتها ، فهم أبناء إبليس البررة الذين فقسوا من تحت إبطه ليقومون بدوره لفساد المجتمع النقي وتحويله إلى بركة راقدة يفوح صنان العفن فيها ، تتحرك
فيهم جراثيم العدوان والأذى ، رائحتهم تزكم الأنوف ، تعافهم الفطرة السليمة …!!!
 
وظاهرة الزعرنة ظاهرة دولية (أنترناشيونال) ، لا يخلو منها مجتمع على الإطلاق ، وإنما طريقة المعالجة هي التي تختلف من مكان إلى آخر ، وللزعران مكانة مرموقة (مخبيين ليوم عوزة) ، والحديث عنهم يطول ، وإنما قصدنا الحديث عن مجال الألفاظ والتطعيم ، وهو فعل خاص بينهم ، ولكنه يؤذي أسماع الآخرين ، ويفرض عليهم نمطا كريها من حرية المواطنة ، يناله الزعران بالباع والذراع ، ويُحرَم منه كل مواطن مسالم (ماشي الحيط الحيط وقايل يا رب الستيرة) …!!!
 
وهو المواطن الضعيف عن أخذ حقه بيده وذراعه ، المواطن البائس (المقطوع من شجرة) لا يوجد له ظهرا يحميه فيُضرب على بطنه …!!!
 
أما التطعيم ، عنوان الحديث ، فهو تبادل الشتائم البذيئة المعيبة على أسماع الآخرين مثل : يا ابن العاهرة والزانية و….. ألفاظ لا يجوز تلويث أسماع الآخرين بها ، ولا يجوز إنزال مستوى الإعلام بترديدها ، ولكنها تقال على أسماع الآخرين وتتردد دائما دون حياء ولا (دخان جَلّه) ، وأنت أمك كذا وأختك كذا وبناتك كذا ، يا زوج الفاعلة والتاركة ، والأسطوانة طويلة كثيرا وأكثر مما تعد وتحصى ، ونحن لا نطلب بأن تزول هذه الألفاظ الغاية بالبذاءة من القاموس ، فهذا طلب
خيالي غير ممكن التطبيق ، ولكننا نطالب بمنع تداولها في الأماكن العامة بين الناس وأكثر استعمالاتها للمزاح واغتصاب الضحكات وكأنهم في غرز الحشاشين وليسوا في مجتمع مدني متطور ، وكأننا في بلد تحكمه المافيا وليس هناك قانون ولا دستور ينظم حياة الناس في البلد ، وكيف تحكم تلك الفئة المنحرفة الذوق العام ، وتغمسه بكل تلك الرزايا ونحن ننظر بكل تلك السلبية متبعين قانون العم جحا الشهير (خربت عمرت حادت عن راسي بسيطهْ) …!!!!
 
هؤلاء الذين لا يحترمون الذوق العام ، غير آبهين بالنساء والصبايا والأطفال الذين يرغمون على شرب هذه البذاءات من الشارع كإرغامهم على التدخين السلبي ….!!!!!
 
كيف أكون مواطناً في هذا البلد الآمن المطمئن إن شاء الله دائما، وأخاف على نفسي من ركوب الحافلة العمومية ، وإن لم أخف من رعونة السائق الذي يطير على ارتفاع منخفض ، أخاف من نظرات وسطوة الكنترول داراكولا ، الذي يعشق الدم على الشفرة ، وعلى أسنان البومة التي تلعب بين أصبعيه ، وإن اعتدت تلك النظرة المخيفة ، كيف أأمن مجاورة زعران لا أدري متى يثور مزاجه السيء ، إذ مرة وقف أحدهم على الباب ومنع أحدا من الركاب من النزول ، ويومها
تمنيت أن يكون هناك باب سري للطوارئ ….!!!
 
وكيف أستطيع احتمال سماع كل تلك الألفاظ والتي يطلقون عليها (التطعيم) على مسامع زوجتي وأخواتي وبناتي …؟؟؟؟!!!!
 
هل جريمتي أنني فقير ولا أملك سيارة خاصة ، وتشير كل المؤشرات في حياتي أنني لن أحقق هذا الحلم ما حييت ، وعلي أن أحتمل كل هذه المكاره…!!!
 
إني أضع هذا الكتاب بين يدي معالي وزير الداخلية الهُمام ، ففي كلماتي مرارة أكثر من السخرية ، وجد أكثر من الهزل ، والله الموفق ……….!!!!!!!!!!!!!!!!!    

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى