أرشيف - غير مصنف

أيران الملالي وطموح الدولة الأقليمية العظمى …!

حبيب محمد تقي

أحتلال العراق ، الذي ترتب عليه كتحصيل حاصل ، خروجه من الواجهة والمواجهة . من معادلة التوازن المعقدة . كقوة عربية أقليمية فاعلة في المنطقة . وخضوع معظم الأنظمة العربية ، للأرادة والهيمنة الأمريكية . والتي بدورها عمقت من ضعف هذه الأنظمة . ويظهر ذلك جليا ، في البون الشاسع بين هذه الأنظمة وشعوبها .
زد على ذلك ، الممارسات والسياسات الأسرائلية المتغطرسة . للشعوب ولهيبة تلك الأنظمة .
وأنشغال باكستان بالكامل في حربها الداخلية ، والتي لأمريكا وأيران اليد الطولى فيها .
والغياب التركي عن المشهد ، والأنشغال شبه الكامل بالشأن الداخلي ، وبموضوعة الأنضمام الى الاتحاد الأوربي التي بشر بها أتاتورك المؤسس للدولة التركية الحديثة .
هذه العوامل مجتمعة ، تركت فراغا كبير في المنطقة . أتاح ويتيح لأيران الملالي ، أن تسعى جاهدة لأملاءه .
فأيران الملالي ، تعمل وتدفع بأتجاه فرض هيمنتها . كقوة قومية أقليمية عظمى . وتخطو بخطى حثيثة لأنتزاع الأعتراف الدولي بها . والتعاطي معها على هذا الأساس .
ولتجسيد هذا الهدف الأستراتيجي كواقع قائم . عمدت أيران الملالي على اللعب ، بكل البيادق المتاحة لها ، على رقعة الشطرنج الشرق أوسطية وحتى منها الخارج تلك الرقعة .
بدءًا ببيادق التنظيمات والحركات الأسلامية الموالية والذيلية . سواء تلك التي بذرت بذورها ، في أنحاء متفرقة من الأقليم ، ورفدتها وماتزال ترفدها أيران . ماديا ومعنويا وعسكريا . أو تلك التنظيمات والحركات التي كانت مزروعة أصلا . وتم لاحقا أستمالتها أيرانيا ، بواسطة ضخ الأموال والدعم ألامتناهي والمغري لها .
كل ذلك بهدف زرع قواعد وركائز سياسية وعسكرية لها في المنطقة.. وهذا ما نجحت في زرعه أيران ، خصوصا في المناطق الساخنة والفاعلة منها في الأقليم .
لتشكل في النهاية ، هذه القوى والأحزاب التابعة مجتمعة . جبهة أمامية لنفوذها ، ورأس حربة لمخططاتها وأجنداتها . وللعب بها كأوراق ضاغطة لفرض تسيدها .
ومرورا بالملف النووي والقدرات الصاروخية متوسطة وبعيدة المدى . والضاغطة بنفس المنحى ، على أمريكا وحلفائها .
وقد وجدت أيران من مصلحتها ، طرح هذا الملف للمناورة والمساومة ، على طاولة الأبتزاز السياسي الدولي . مقابل ثمن الأعتراف الأمريكي والغربي بها . كقوة أقليمية عظمى ، يرتكن أليها في أعادة تقسيم الكعكة الأقليمية .
 
أن مساعي أيران المحمومة ، لتبوء هذا الموقع وأستمرارها فيه . لن يكتب له النجاح . حتى وأن رضخت أمريكا وحلفائها ، في الدخول بمساومة عليه . لحزمة من الأسباب والعوامل . أبرزها وأهمها العامل الداخلي :
 
إذ أن نظام الملالي ، نظاما فاقدا للمصداقية . سواء مع نفسه أو مع شعبه . نظام عجز عن تحقيق مكاسب وأنجازات داخلية ، تأمن حياة حرة و كريمة لشعبه . فهو نظام هش غير متماسك ومتوازن . ولا يمتلك شرعية أو قاعدة جماهيرية عريضة ، كما كان في أيامه الأولى ، التي تشدق فيها بشعارات المظلومية والنقاء الديني والمذهبي وحتى الثوري .
 
فالمواطن الأيراني ، يعيش اليوم في حالة أغتراب سياسي حاد . فهو يرفض هذا النظام ، ولايشعر بأي أنتماء سياسي أو عقائدي له . خصوصا بعد أن لمس هذا المواطن ، من غلو وتطرف هذا النظام ، في تبديد خيراته وموارده وأمواله . وفي مشاريع توسعية ، زادت من شقائه وبؤسه . ومست هويته وأنتمائه . ولمس نفس المواطن وطوال تلك الأعوام الثقيلة والمنصرمة من عمر النظام . كيف أن أدلجت الدين والمذهب ، قد تحول الى كابوس رهيب ، من الطغيان والأستبداد الذي يهدد حياته ويخاطر بمستقبله .
لذلك كله نستشعر بالغليان الذي يفعل فعله بهذا المواطن ، ويقوده الى حراك ، نجد أوضح صوره ، في تجليات الشارع الأيراني المتنامية والواعدة والتي لن تتوقف حتى أزاحت العمائم البرغماتية الأصولية ، نهائيا ودون عودة الى المشهد السياسي الداخلي والأقليمي .

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى