من أبرز ما يميّز تجربة حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، والذي تبوأ سدة الحكم في العام 2002 في تركيا، أنه قدم نموذجا لإسلام حداثوي معتدل يمارس آلياته في ظل دولة علمانية المسار. أعني هنا أن تركيا العلمانية قبلت بتولي الإسلام المعتدل للحكم لأن العلمانية تضم تحت مظلتها الأديان والاتجاهات السياسية كافة ولا تقصي أو تلغي أحدا منها. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن نموذج الإسلام ذي "المرجعية الثقافية"، وليس السياسية، هو ما أهّل حزب العدالة والتنمية للوصول إلى الحكم وإدارته بتوازن يفصل تماما بين السياسي الدنيوي والديني السماوي. وهذه التجربة لم يكن ليكتب لها النجاح إلا في دولة ذات صيغة سياسية علمانية تفصل الشأن السياسي عن الطقس الديني. فالوطن للجميع في تركيا المعاصرة والدين فيها لله. ولا ننسى أن الجيش ذا الثقل الفعلي في تركيا العلمانية يتمتع بثقة كبيرة من أطياف الشعب التركي كافة، وأن قوى الجيش دخلت مع الحزب الحاكم في حالة من التوافقية المتوازنة التي تعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله.
التعليقات مغلقة.