أرشيف - غير مصنف

خبير دولي: الجلبي واللامي يسيطران على مفوضية الانتخابات المستقلة

واحدة من العديد من المظاهر الجديرة بالملاحظة لاستمرار قصة اجتثاث البعث هي الإرادة الواضحة لمفوضية الانتخابات العراقية لأنها تتبع ميكانيكياً، بهذا القدر أو ذاك، توصيات هيئة المساءلة والعدالة والشخصيتين الرئيستين فيها؛ أحمد الجلبي وعلي فيصل اللامي. وبالرغم من ذلك ولغاية الان -يقول الخبير الدولي البروفيسور رايدر فيشر- فان مفوضية الانتخابات العراقية قد حافظت بالنتيجة على المظهر الخارجي للاستقلال الرسمي في صنع قراراتها بمنح اعتبارات استقلاليتها بالنصيحة من هيئة المساءلة والعدالة قبل تنفيذها. وهذا هو الإجراء الذي اتبع على سبيل المثال في الإقصاء الأخير لـ 511 مرشحا من خوض انتخابات السابع من آذار.ويتابع فيشر المراقب اليومي لتطوّرات العملية السياسية في العراق قوله: بالرغم من الكشف عن وقائع مهمة من أحد الاجتماعات الأخيرة للمفوضية العراقية للانتخابات، فان استقلاليتها والتمييز بين مفوضية الانتخابات وهيئة المساءلة والعدالة اصبحا موضع تساؤل بطريقة جدية. ومؤخرا، وفي قمة منع اكثر من 500 مرشح، مضت المفوضية العراقية للانتخابات أيضا الى إلغاء الموافقة على تسعة كيانات سياسية. والمنطق الذي اتبع كما توضح هو انه حينما يخضع قائد الكيان الى اجتثاث البعث، فان القائمة بكاملها يجب أن تلغى الموافقة عليها، بالرغم من أن التبرير القانوني الوحيد الذي عرض كان الاستناد الى أمر صدر عن بول بريمر في سنة 2004 ( أمر سلطة التحالف المؤقتة رقم 97 ) والذي يعطي سلف مفوضية الانتخابات العراقية اي اللجنة التي كانت قبلها حول الموضوع الحق لان تلغي أساسا أي كيان سياسي ترغب في إلغائه، وربما تعكس مثل هذه الحال، غياب المعقولية والدقة وتحديث المسوغات القانونية لاقامة الصلات بين رؤساء الكيانات وقوائمهم الانتخابية في فصول اجتثاث البعث. ومن المهم ، أن المفوضية العراقية للانتخابات حينما أصدرت أولاً قراراها، فان الإحساس كان أن مفوضية الانتخابات قد خرجت بالفكرة بنفسها، والذي سوف يكون الإجراء الأكثر طبيعيا منذ أمر سلطة التحالف المؤقتة المتعلق بقانون الانتخاب والذي كان مطبقا في سنتي 2004 و 2005 ، وطالما أن المفوضية هي نفسها التي فوضت بالاستناد الى سلطة التحالف المؤقتة. ولكن الكشف عن الوقائع الجديدة يبوح بان الفكرة المحددة بالعودة الى المرسوم الكاسح لسلطة التحالف المؤقتة من اجل إقصاء الكيانات السياسية غير المقبولة جاء ليس من المفوضية العراقية للانتخابات ولكن من هيئة المساءلة والعدالة مباشرة!.وبكلمات أخرى -يؤكد فيشر- فان هيئة المساءلة والعدالة لا تؤثر على المفوضية العراقية للانتخابات فحسب، بل بالأحرى إن الهيئة قادرة -أحياناً- على العمل كحارس على المفوضية المستقلة وتفكر نيابة عنها وتزودها بالحجج القوية التي تصطحبها للدفاع عن وضعها المفترض المستقل ذاتيا. وفي هذه الحال ،فان الخلاصة الموجزة للاجتماع ذي العلاقة في 18 كانون الثاني يكشف بطريقة لا إبهام فيها مصدر الفكرة باستعمال الأمر 97 الصادر عن سلطة التحالف المؤقتة : ناقش مجلس المفوضية العراقية للانتخابات الرسالة المرقمة 231 من هيئة المساءلة والعدالة المؤرخة في 18 كانون الثاني والمعنونة : المنع من الاشتراك وبالاستناد على الفصل الخامس من القانون المرقم 97 حول الانتخابات والكيانات السياسية في سنة 2004 ، وقررت استنادا له… وحينما صدر ذلك لاحقا كقرار، بدا كما لو كان أمراً تمت الموافقة عليه من قبل المفوضية العراقية للانتخابات. وفي الحقيقة فقد كان قرار هيئة المساءلة والعدالة بكل شيء سوى الاسم.والجزء المفجع من ذلك -بحسب الخبير السياسي الدولي- هو ليس تسييس المفوضية العراقية للانتخابات، فذلك سر مفضوح يعرفه معظم العراقيين. والعنصر الجديد هو أن كتلة سياسية خاصة – الائتلاف الوطني العراقي – تبدو قادرة على الدفع من خلال نظرتها على حساب الآخرين، وبذلك تسحق أية فكرة عن التوازن الحيادي للقوى في هذا الجهاز المهم والمسؤول بشكل عارض أيضا عن احصاء الأصوات بعد انتخابات 7 آذار. والتوقيت المضبوط للرد على القرار من قبل محكمة الاستئناف في الأسبوع الماضي هو أمر مهم في هذا المجال . ونحو الساعة الخامسة بعد الظهر من التوقيت المحلي يوم الأربعاء ، فان المفوضية العراقية للانتخابات ومن خلال الناطق باسمها خالد الشامي قد عرضت جوهريا حججها حول تدخلات محكمة الاستئناف في امتيازات المفوضية العراقية للانتخابات. وفي الساعة السابعة والنصف بدت حمدية الحسيني من المفوضية العراقية للانتخابات ( والوثيقة الصلة بحزب الدعوة ) بإبداء الإشارة على قبول القرار. ولكن في الساعة التاسعة وخمس واربعين دقيقة، اصدر الائتلاف الوطني العراقي إدانته ، والذي أعقبه في مساء اليوم نفسه تصريح من أحد حلفائه في المفوضية العراقية للانتخابات هو قاسم العبودي الى درجة أن المفوضية لم تكن قد استلمت بعد قرار محكمة الاستئناف. والموافقة الظاهرة من الحسيني تعكس فقط رأيها الشخصي . وبعد فترة قصيرة تبع حزب الدعوة بشكواه مبرزا إدانته الخاصة، وبذلك مرة أخرى خضع بشكل فعال للائتلاف العراقي الموحد وهدفه بان يكون موضوع اجتثاث البعث على قمة الاجندة قبل الانتخابات. وفي اليوم التالي، طلبت المفوضية العراقية للانتخابات من المحكمة الفدرالية العليا التوضيح ولكن ذلك قمع بواسطة اجتماع الرئاسات الأربع.ويرى البروفيسور فيشر أن النقاش حول استقلالية المفوضية العراقية للانتخابات ذو أهمية حاسمة بالنسبة للمرحلة المقبلة من عملية اجتثاث البعث للعديد من الأسباب. أولا، انه يجب التذكير بان عرض أسباب الاحتجاج من هيئة المساءلة والعدالة والأحزاب الإسلامية الشيعية ضد محكمة الاستئناف هو ان الأخيرة قد انتهكت امتيازات المفوضية العراقية للانتخابات بالذهاب بعيدا بإجازة الاشتراك بدلا من التعامل مع وضع اجتثاث البعث فقط . ويجب ان يكون واضحا الان بشكل كامل بان هيئة المساءلة والعدالة نفسها مذنبة في هذا المجال، ليس فقط من خلال القيام بمثل هذه الانتهاكات ولكن بالإضافة الى ذلك القيام بها بطريقة تخدم بوضوح الغايات الانتخابية لقادتها ، والذين ينتسبون الى الائتلاف الشيعي الرئيسي. ثانيا ، إن هذه النقطة تفترض أهمية متجددة ، حينما تصدر محكمة الاستئناف قرارها النهائي اليوم او غدا وهذه المرة ربما يكون مقيداً بمسألة ما إذا كان الفرد المرشح يخضع لاجتثاث البعث أو لا . والان فان هناك تشعباً في الرأي في ما يتعلق بتبعات حكم محكمة الاستئناف . فمن جهة ، فان علي اللامي وآخرين في هيئة المساءلة والعدالة قد كرروا وجهة نظرهم بأنه سيكون من عمل المفوضية العراقية للانتخابات باتخاذ القرار النهائي ، وبان المفوضية لا تحتاج بالضرورة اتباع حكم محكمة الاستئناف الى النهاية . وبالتعبير عن وجهة النظر المعارضة ، قال ممثلو القائمة العراقية بان القرار ملزم على مفوضية الانتخابات . وفي رؤية ما يتعلق بقدرة هيئة المساءلة والعدالة على إملاء قرارات المفوضية العراقية للانتخابات في بعض المناسبات، يشدد فيشر على القول: لقد اصبح اكثر أهمية عما قبل، أن المفوضية العراقية للانتخابات يجب أن تتبع توصيات محكمة الاستئناف مائة بالمائة. وإذا لم تفعل فعندها سوف تصبح العملية العراقية برمتها سخيفة تماما: ما هي خاصية مؤسسة الاستئناف إذا كانت المحكمة التي حدثت الانقلاب ، لها السلطة لاعادة قرارها الأصلي الى وضعه السابق بالنهاية باستخدام تفويضها المستقل ؟ وفي ظل هذا النوع من السيناريو ، فان الديمقراطية الجديدة في العراق سوف تصبح تقريبا انتخابات برلمانية متنافسة ومهمة كما في سورية ومصر.

 

زر الذهاب إلى الأعلى