أرشيف - غير مصنف
ضابط المخابرات الفلسطيني يواصل كشف ملف الفساد في السلطة
في الوقت الذي توعدت فيه السلطة الفلسطينية بملاحقة ضابط المخابرات السابق فهمي شبانة بسبب كشفه للقناة العاشرة الإسرائيلية ما وصفه بفساد مالي وأخلاقي في السلطة، واصل شبانة الكشف عن ملفات جديدة متحدثا عن "تغلغل الفساد في مستويات قيادية عليا في السلطة، واختلاسات تقدر بملايين الدولارات من أموال المساعدات المقدمة إلى الشعب الفلسطيني".
وكان التقرير الذي بثته القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي تحت عنوان "فتح جيت" قد أثار جدلا وإحراجا وغضبا كبيرا لدى قيادة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وردت باتهام وسائل الإعلام الإسرائيلية بالتواطؤ مع اليمين في حكومة بنيامين نتنياهو لشن حملة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس وإضعافه، وتعهدت السلطة بملاحقة القناة العاشرة قانونيا.
وعرض التلفزيون الإسرائيلي صورا لمسؤول كبير في أوضاع مخلة بالآداب، وعرض مستندات ووثائق قال: إنها تثبت تفاصيل لاختلاسات مالية. وسلم هذه الوثائق والصور للتلفزيون الإسرائيلي المسؤول السابق في جهاز المخابرات الفلسطيني، فهمي شبانة، الذي كان قد أعلن غير مرة أنه يمتلك مثل هذه المعلومات.
والمحامي فهمي شبانة من مواليد القدس عام 1961، عمل مع الاستخبارات الفلسطينية من اللحظة الأولى لقيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وكان أول من ينتسب إلى جهاز الاستخبارات العامة في الضفة الغربية، وقد عين مستشارا قانونيا للجهاز وتدرج في عدة مناصب متقدمة، منها مدير الدائرة القانونية، ومسؤول عن دائرة الرقابة والتفتيش، ومسؤول عن ملف الفساد، ومدير لاستخبارات محافظة الخليل كبرى محافظات الضفة الغربية، وكذلك كان مسؤولا عن أمن جهاز الاستخبارات العامة في الضفة الغربية وشغل منصبا مدنيا كمدير لمحافظة القدس.
خلال عمله في ملف الفساد وهي الدائرة التي شكلت بعد وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، كشف العديد من قضايا الفساد المالي والإداري، إذ كانت الاختلاسات المالية بملايين الدولارات وكانت تسرق أموال الدعم المقدمة إلى الشعب الفلسطيني على يد بعض النخبة من مسؤولي السلطة الفلسطينية.
وقال شبانة "لقد تم ضبط بعض الفاسدين ومستغلي النفوذ من المسؤولين الذين استهانوا بأعراض الناس، وكان آخرهم رفيق الحسيني رئيس ديوان الرئيس محمود عباس، حيث حاول استغلال امرأة مقدسية جنسيا مقابل تقديم مساعدة إليها". وأضاف "تقدمت هذه المرأة بشكوى إلى الاستخبارات الفلسطينية، وقرر رئيس الاستخبارات في حينها اللواء توفيق الطيراوي تسجيل تصرفات المذكور لإبلاغ أبومازن عن تصرفات رئيس ديوانه، وفعلا تم ذلك وضبط الحسيني متلبسا، وقد جاء خلال فترة مراقبته وتسجيله بالفيديو كيف يتعرض لأبومازن ولعائلته بالقدح والذم. وقال الحسيني في الشريط المصور إن عباس ليس لديه كاريزما رئاسة ولا يحب الشعب الفلسطيني وكذلك الشعب لا يحبه، ووصف عرفات بأنه نصاب ودجال بل بكبير الدجالين هو ومن كان حوله".
وواصل شبانه حديثه بالقول "بعد أن ضبط الحسيني توجه في نفس الساعة إلى أبومازن وأخبره بأنه تم تصويره من قبلي (شبانة) تحت تهديد السلاح، وذلك لكي يسيطر توفيق الطيراوي على مكتب الرئاسة، مما أغضب عباس واستدعى الطيراوي وصب غضبه عليه ظنا منه بصدق الحسيني".
وحسب شبانة "وجد الطيراوي أن الأسهل له التنصل من الموضوع وقول إنه لا يعلم بالقصة كلها، ما دفع أبومازن إلى استدعاء شبانة لمعاقبته، ولكن الطيراوي تبرع بمعاقبته على أساس أنه المسؤول مباشرة عنه".
بعد فترة وجيزة ولما وجد عباس أن شبانة لم يعاقب أصدر قرارا بإيقافه عن العمل، ما جعل الأخير يكشف القضية ويبلغ عن استعداده لعقد مؤتمر صحافي لتكذيب كل الأقاويل.
هذا التهديد دفع أبومازن إلى إرسال مندوبه للاطلاع على الحقيقة وفعلا تم ذلك وقرر عباس شكر شبانة بدلا من معاقبته وإعادته الى منصبه كمسؤول أمن جهاز الاستخبارات في الضفة بعد عشرة أيام من إيقافه.
أغضب ذلك الحسيني الذي يحمل جواز سفر دبلوماسيا بريطانيا وتوجه إلى الإسرائيليين لمساعدته في إسكات شبانة، وفعلا تم سجن الأخير لدى إسرائيل مدة شهر ونصف وفرضت الإقامة الجبرية عليه بعدها منذ 1/4/2009 حتى اليوم، وهدم بيته من قبل إسرائيل بعد 15 سنة على بنائه بحجة عدم الترخيص، وقد امتنعت السلطة الفلسطينية أن تعين له محاميا كما جرت العادة لكل السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ورفضت السلطة تحمل مصاريف اقامته الجبرية وتعويض هدم بيته أو التحدث مع الإسرائيليين للامتناع عن مضايقته، وكل ذلك، يؤكد تورط أشخاص من السلطة في سجن شبانة، وأن الشرطة الإسرائيلية ساهمت في مساعدة الحسيني لإسكاته.
بعد ذلك، قرر شبانة، كما يقول، من اللحظة الأولى التي يتمكن فيها من الحديث للإعلام أن يبدأ بكشف الفاسدين الذين طوال سنوات عمله طالب بمحاسبتهم، ولكنه يقول إنه وصل إلى مرحلة الإحباط من حصول أي شيء إيجابي بهذا الخصوص، ويتساءل شبانة كيف لعباس أن يرسل شخصية مثل رفيق الحسيني لمقابلة الزعماء والقادة العرب والمسلمين ويضع يده في أيديهم وهو يعلم حقيقته ودنائة نفسه.
وقال شبانة في حوار مع صحيفة "الجريدة": "الكويتية لقد قررت كشف الفساد للإعلام، وقررت أن أكشف أكثر من ذلك وأخطر بكثير بعد أسبوعين من اليوم، إذا لم يقم الرئيس أبومازن بعزل رفيق الحسيني واسترجاع بعض ملايين الدولارات المسروقة من بعض المقربين له، والعمل على مكافحة الفساد كما تعهد في برنامجه الانتخابي، كما أنني أفضل أن أنقل ما في جعبتي مباشرة لأولي الأمر من المسؤولين العرب والمسلمين دون أن أصرح بذلك للإعلام لخطورة الأمر".
ويقول شبانة ان لديه وثائق كثيرة تثبت تورط متنفذين ومسؤولين كبار في اختلاسات وسرقات تقدر بمئات ملايين الدولارات من أموال الشعب ومن المعونات الدولية، مثل إحدى الوثائق المرفقة التي تكشف تلقي أحد المسؤولين مبلغ 3 ملايين ونصف المليون دولار لشراء أرض من يهود في منطقة قلنديا ووثيقة إسرائيلية تؤكد عملية الشراء بمبلغ يعادل 350 ألف دولار. كما يؤكد شبانة ان لديه وثائق تثبت سحب ملايين الدولارات على يد مسؤولين لأغراض "المساعدات" وهي لمساعدة حساباتهم الشخصية في المصارف الأوروبية.
وكان التقرير الذي بثته القناة العاشرة الإسرائيلية يتضمن صورا لرفيق الحسيني وهو يحاول التحرش جنسيا بامرأة توجهت بطلب وظيفة للعمل في مؤسسات السلطة، وأظهرته صور أخرى وهو عار تماما.